أ. د. محمد مرعي مرعي - خاص ترك برس

أطلقت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية علنا الحرب المقدسة ضد ثوار سوريا وباركت بأصابع كهنتها الطائرات والصواريخ الروسية التي ستقذف قنابلها على المدنيين والشعب الأعزل والمدارس والمشافي في المناطق المحررة من سلطة آل الأسد، واعتمد بوتين إعلان تلك الحرب المقدسة من كنيسته إيذانا بانتقاله إلى حرب جديدة بعد أوكرانيا تعزّز سلطته على شعبه كعادته باختلاق الحروب كل عدة سنوات للهروب من مشاكل اقتصاده المنهار وفشله المجتمعي فقط ليظهر عضلاته العسكرية الموروثة من الاتحاد السوفييتي البائد تجاه الغرب، وأعلن بوتين في زيارته لإيران أنه يؤيد إسلام خامنئي ويعادي إسلام (أردوغان) السني الذي يسعى لأسلمة تركيا المسلمة بنسبة 99% من سكانها! لأن أاتباع الديانة الشيعية على حد زعمه أكثر قبولا في العالم.

إنه فعلا عصر الجنون القيصري الذي يدفعه ليحفر قبره بأيديه.

سبقه إلى الترويج لتلك الحرب المقدسة حكام إيران الفارسية بمزاعم خرافية بغية الإسراع في ظهور المهدي المنتظر بعد ظهور العلامة 19 التي قدمها (علي الكوراني العاملي) في كتابه (عصر الظهور) المنشور بمباركة علي خامنئي، وتم إخفاؤه بسرعة لأنه كان محط سخرية من كل صاحب عقل وتفكير، ويتضمن ذلك الكتاب المقدس وفق تلك الديانة أن العالم وصل إلى العلامة 17 التي تشير إلى اندلاع ثورة شعبية في سوريا على أحد اتباع آل البيت (بشار الأسد) حاكم سوريا، وفرض الكتاب الدفاع عن بشار المقدس من قبل كافة أتباع الشيعة في العالم لأنه يسرّع ظهور المهدي المنتظر من طرف ويحارب أحفاد معاوية بن أبي سفيان من طرف آخر. بعد ذلك، أفتى خامنئي بحرب مقدسة للوصول إلى العلامة 19.

كما ترافقت مع الحرب المقدسة (الارثوذكسية - الشيعية) حرب مقدسة أخرى صهيونية أعلنها غلاة اليهود في فلسطين المحتلة ليتم القضاء على سكان فلسطين الأصليين وهدم المسجد الأقصى وبناء هيكل سليمان المزعوم من طرفهم مكانه ، وتم إعلان الحرب المقدسة من قبل نتنياهو وملحقاته بالحكم في إسرائيل بغية خلق دولة يهودية صرفة في فلسطين لا تحوي أي مسلم أو مسيحي.

هذا الحلف الذي كان يعمل بالخفاء منذ وصول الخميني إلى الحكم  تم إعلانه حاليا على الملأ، سيما بعد أن أوصلت القوى الصهيونية العالمية بوتين لحكم روسيا كقوة عسكرية ضاربة يحتاج إليها ذلك الحلف ضد كل من يدين بالإسلام أو من أصول عربية بل وكل من يطالب بالحرية في العالم لا ترضى عنه القوة المهيمنة على الاقتصاد والسياسة الدولية المحكومة بالصهيونية وأذيالها. وأخذ ذلك الحلف شكل المنجل السوفييتي السابق الذي يبدأ مقبضه في روسيا ممتدا إلى ايران الفارسية الشيعية ثم ينعطف غربا عبر أذنابها في العراق الشيعي وسوريا بدويلة علوية مرغوبة وامتدادها حزب الله الشيعي اللبناني وينتهي في اسرائيل اليهودية النقية.

لكن، بعد اندلاع الثورة السورية تم اختلاق (داعش) لسد الفجوة الجغرافية بين سوريا والعراق وتم تسليحها ودعمها عسكريا وماليا وتهيئة الفرص لها للسيطرة على منابع النفط في سوريا التي تديرها شركة غاز بروم الروسية وبعض مناطق العراق لبيعها، وتكوين ميزانيات تمويلها عبر تغطية من الطيران الروسي والأسدي حيث يتم حماية قوافل النفط من قبل ذلك الحلف من منبعه إلى أماكن بيعه ولم تتعرض تلك الأماكن لقصف قط من قبل الطيران الروسي، وبدأت حملات التأسيس لزراعة الحشيش وأنواع المخدرات الأخرى في تلك المنطقة برعاية روسية ايرانية عراقية أسدية لترويج المخدرات وتصنيعها وبيعها بشكل أساسي لشعوب دول حلف الحروب المقدسة لتبقى مخدرة ولدول أخرى بغية الاستفادة من عائداتها في تمويل ذلك الحلف الجهنمي ضد أعدائه المزعومين.

ويعمل ذلك الحلف حاليا على إدخال حزب العمل الكردستاني وذيله في سوريا عير دعمه عسكريا وقصف المواقع التي يبغي الاستيلاء عليها بهدف توسّعه على حساب الأراضي السورية ولتكون ذراع آخر يخدم ذلك الحلف في حروبه المقدسة.

لقد تم الإعلان عن بدأ عمل ذلك الحلف بشكل جهري بعد زيارة بوتين لإيران، وانطلقت نشاطاته بتحرش الطائرات الحربية الروسية وانتهاكها الأجواء التركية بقصد خلق حالة من التوترات والانتقال إلى صراع عسكري مكشوف ومعلن بين أطراف ذلك الحلف بحروبه المقدسة وتركيا أولا والهجوم على سفارة تركيا في موسكو من قبل شبيحة بوتين، ومن ثم مع الدول التي تساند الثورة السورية سيما السعودية.

نختم، لا يمكن أن يستمر نظام حكم فاسد وإجرامي كما هو شأن حكام روسيا وإيران وملحقاتها والأسد إلا باختلاق الحروب الخارجية والداخلية، للتغطية على فشلهم في تنمية بلدانهم وقيادة شعوبهم بشكل إنساني التي تحولت إلى قطيع بفعل غرس الأساطير والخرافات في اذهانها وعقولها، وإلا ستنتفض تلك الشعوب مطالبة بحقوقها وحرياتها وكرامتها وعيشها الإنساني.

إنها حروب مقدسة خرافية ستستمر للأسف ما دام هؤلاء الحكام جاثمين بقوة السلاح على أجساد شعوبهم بالطغيان والقهر والفساد والتجهيل، ووصلت بلدانهم إلى حالة ليس لديها شيء تخسره بعد انحطاطها الاقتصادي والسياسي والمجتمعي والعلمي والثقافي.

وتبقى أدوار أحرار العالم وشرفائه الوقوف مع تركيا ( شعلة الديمقراطية في المنطقة) ودعمها والمساهمة في خدمتها بكافة السبل وكل حسب إمكاناته واختصاصه، للوصول إلى الخلاص من حروب المجرمين وحكومات مافيات العالم التي أخذت تسمية القدسية التضليلية.

عن الكاتب

أ. د. محمد مرعي مرعي

جامعة غازي عنتاب، كلية الاتصالات، قسم العلاقات العامة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس