رداد السلامي - خاص ترك برس

الانفعال الأول لبوتين كان عبارة عن اتهام ساسة تركيا بالسعي إلى أسلمتها، حسنا فعل بوتين لقد أخرج لنا حقيقة كوامنه الدينية التي عجزت الماركسية الإلحادية عن قتلها فيه، هذا بحد ذاته يجعلنا نؤكد أن المصالح تقف خلفها أبعاد دينية كامنة تظهرها ردات فعل غير واعية ويتحدد موقف كل بلد على إثرها.

ابن طباخ ستالين المجرم الذي تأهل فيما بعد ليدير أقوى جهاز استخباراتي قمعي في روسيا "كي. جي. بي" أفصح عن حقيقة تكوينه الروحي ولم يتورع عن الإدلاء بتصريحات تعادي الإسلام عبر أقوى قوة تمثيلية له بشكل متقدم هي دولة تركيا التي تكونت كنتيجة منطقية لقيادة العالم الإسلامي، ومن هذا المنطلق العقدي تشكلت تركيا كدوله أيضا لها قوميتها الخاصة التي لم يتوقف نهر الدين عن الجريان في تكوينها ولم يمحى من وعيها وذاكرتها التاريخية بوصفه الرسالة التي منحت تركيا ذات قرون التحول إلى قوة عالمية منظمة حكمت نصف الكرة الأرضيّة.

اكتسبت مكانة تركيا الجغرافية بالعامل الإسلامي قوة دفع نهضوي حضاري ما كان له ليكون لولا أنها ذات جذور عقدية إسلامية عميقة وهذا الدافع أيضا هو الذي أعاد تركيا إلى مسرح التاريخ والتأثير في مجراه لأنه وفر لع نوعية إدراك وتفكير متقدم أعادها إلى واجهة القوة والفاعلية  الذاتية، ولذلك لم يخطيء ابن طباخ ستالين "بوتين" حينا قال إن القيادة التركية تعمل على أسلمة تركيا وهذا ما يلاحظه العالم".

فعلا لقد لاحظ العالم بدقة متناهية كيف استطاعت عودة تركيا إلى ماضيها التاريخي بإيجابية مكنتها من صنع نهضتها وتقدمها وقوتها ولو لم تفعل ذلك لما أحدثت كل هذا الضجيج والتأثير الحقيقي في العالم، ولما جعلت العالم كله ينظر باندهاش إليها وإكبار لهذه القيادة التركية التي استطاعت أن توظف عناصر قوتها المختلفة الثابتة والمتغيرة في مسعى استعادة قوتها وفاعليتها التاريخية والحضارية والرسالة.

يتحرك بوتين من منظور ديني لم يستطع كتمانة وهو يلعب بورقة يدرك نتائجها الكارثية على دولته ووجوده وأن ننسى كمسلمين قوله ذلك على تركيا وقيادتها، وقول أحد أعضاء مجلس الدوما أنه يحب على تركيا إعادة مسجد "آيا صوفيا" للكنيسة مقابل الطائرة الروسية.

إنها مقايضة خطيرة جدا وذات بعد عقائدي تجعلنا كأمة إسلامية نتكاتف ونتعاون ضد العدوان الروسي على سوريا ومحاولات خرق سيادة تركيا.

عن الكاتب

رداد السلامي

صحفي يمني


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس