زكرياء احميداني - خاص ترك برس

شهد المغرب منذ عام 1906 حركة دستورية، فقد فهم بعض علماء المغرب عمق الأزمة المغربية وقدموا الكثير من الحلول والمقترحات لاصلاح البلاد في مختلف المجالات، وكانت تلك الحلول منبثقة من الداخل وكانت تفكر في معالجة الجذور وتنطلق من المعطيات المحلية،حيث اخدت بالتفكير في وجوب الاصلاح النفسي والفكري.

انتشرت الأفكار الدستورية بشكل واسع بين البرجوازية التجارية في فاس وطنجة إلى جانب العناصر المثقفة، وأخذت تلك الافكار طريقها عبر تنظيم شعبي، ومن خلال جمعية سرية عرفت باسم جمعية الترقي وعلى يد تلك الجمعية المغربية وضع الدستور، وكان متأثرا في بنوده بالدستور العثماني لعام 1876 في العديد من بنوده، ويأتي ذلك لاشتراك عدد من اللبنانيين في صياغة موارده.

وإذا كان ثمة تطابق أو تلاقي في الأفكار الدستورية، بين المغرب والدولة العثمانية، فإن واقه الحال كان يؤشر محاولات التقارب على الصعيدين السياسي والعسكري، وبشكل يؤكد الموقف العثماني تجاه المغرب، ومحاولة الوصول إلى صيغ عملية للتعاون، وبما يخدم أهداف الدولتين، وعليه جرت اتصالات بين نخب مغربية وجماعة الاتحاد والترقي وذلك من خلال الزيارة التي قان بها محمد خير الدين نجل المصلح الشهير خير الدين باشا التونسي، حيث قدم إلى المغرب موفدا من قبل جماعة الاتحاد والترقي، وأقام في مدينة مراكش وكان على اتصال بالمصلح المغربي محمد بن عبد الكبير الكتاني.

كان للانقلاب العثماني 1908 صداه في الوطن العربي وعند القوميات الخاضعة للسيادة العثمانية، وفي المغرب كان له أثره في دفع الشباب المغربي إلى مطالبة السلطان المغربي عبد الحفيظ بن الحسن الأول، بتنفيذ الوعود التي قطعها للشعب في ثورته ضد أخيه عبد العزيز، وانقاد البلاد والعباد من براثن النفوذ الأجنبي المستفحل، وكان قد جاء في نص البيعة أنه على السلطان الجديد أن يعمل على رفع ما أضر بهم من شروط الحادثة في الخزيرات (مؤتمر الجزيرة) حيث لم توافق الأمة عليها ولا رضيت بأمانة من كان يباشرها ولا علم لها بتسليم شأن منها، وأن يباشر إخراج الجنس المحتل من المدنتين اللتين احتلهما.

وفي ما يخص الموقف من العثمانيين، أكد المبايعون على ضرورة الاستناد على قوة إسلامية قادرة على معاضدتهم، وكان التأشير على القوة العثمانية باعتبارها أقوى القوى الإسلامية وأبرزها آنذاك، ونبهوا – إن دعت الضرورة - في دفع الأذى عن الأمة الإسلامية إلى اتحاد أو تعاضد مع القوى الإسلامية فليكن مع إخواننا المسلمين كآل عثمان وأمثالهم من بقية المماليك الإسلامية المستقلة.

وجاء في شرط البيعة منح الشعب نعمة الدستور ومجلس النواب والاقتداء بعودة العمل بالدستور كما فعل السلطان العثماني عبد الحميد حين أمر باجتماع (مجلس المبعوثين) من جديد ،فعسى أن نقتدي به ونقوم بخدمة بلادنا ونسعى جهدنا إصلاح حالها.

وانطلاقا من هذه الدعوة شهدت العلاقة المغربية – التركية تطورات ايجابية وعملية، فقد استطاع السلطان المغربي أن يقيم علاقات سياسية وعسكرية مع الدولة التركية، واستقدم  بعثة عسكرية عدد أعضائها 11 ضابطا برئاسة جمال بك الغزي، وقد بذلت البعثة العسكرية التركية جهودا كبيرة لحث المغاربة ضد الوجود الأوروبي.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس