ترك برس

حل الرئيس الأمريكي "بارك حسين أوباما" ضيفًا على البيت الأبيض، في العشرين من كانون الثاني/ يناير عام 2009، وكانت وعوده التي أدخلته إلى البيت الأبيض، تتمحور حول إحلال السلام والاستقرار في المناطق المنكوبة، مثل العراق وأفغانستان وغيرهما، وبذل كافة الجهود لتخفيف حدة النزاع حول العالم.

وعلى الرغم من الوعود المكثفة التي أطلقها أوباما فيما يتعلق بإبدال النزاعات الدولية التي تشارك فيها الولايات المتحدة الأمريكية بمبادرة حلول سلمية، إلا أن وعوده لم تترجم فعليًا، على الرغم من قضائه 8 سنوات على سدة الحكم، واليوم وبعد أن صار أوباما على شفا مغادرة البيت الأبيض حمل الكثير من المحللين السياسيين أقلامهم، مُسهبين بدورهم في تقدير مدى التزام أوباما بوعوده.

الخبير السياسي التركي "أفق أولوطاش" أشار في مقاله بصحيفة أقشام "السياسة الخارجية النرجسية لأوباما"، إلى أن عهد الرئيس أوباما يمكن أن يُصنف على أنه أخطر على المنطقة، وتركيا خاصة، من عهد الرئيس الأمريكي الأسبق "جورج بوش" الذي عُرف بحروبه المدمرة هنا وهناك، مبررًا ذلك بسياسة التواطؤ التي انتهجها أوباما، والتي خلّفت حالة عدم استقرار عارمة طالت مصر والعراق وسوريا وليبيا وغيرها من دول الربيع العربي التي انطلق أهلها راغبين بالحرية فقط.

ورصد أولوطاش مقال "جيفري غولدبيرغ" في مجلة أتلانتيك "عقيدة أوباما"، منوّهًا إلى أن هذا المقال أكثر مقال جدير بالاستناد إليه فيما يتعلق بتقييم السياسة الخارجية لأوباما خلال فترتيه الرئاسيتين، حيث اعتمد الكاتب في تحليله على مقابلة المستشارين والوزراء المقربين من أوباما، ناقلًا أفضل مقال تصويري لشخصية أوباما وسياسته الخارجية تجاه العالم أجمع.

ووفقًا لما نقله أولوطاش عن مقال غولدبيرغ، فإن السياسة الخارجية المتقلبة لأوباما تجاه المنطقة، لا سيما فيما يتعلق بإبداء استعداده للتحرك مع تركيا في سوريا، ناتجة عن تغييره المستمر لكادره أو تقدّم العديد من أفراد طاقمه المختصين في السياسة الخارجية باستقالتهم للتحامل عليهم واتهامهم في بعض الأحيان، بعدم صوابية آرائهم تجاه بعض القضايا الفاعلة هنا وهناك.

وأضاف أولوطاش أيضًا أن اقتناع أوباما بقسم بسيط من واقعة ما، كان يدفعه إلى تعميم هذا القسم البسيط على الواقعة ككل، لتصبح في نظره واقعة صائبة مئة بالمائة، ويظهر ذلك جليًا في تعميمه فشل الثورة الليبية على الثورات العربية الأخرى، وحمله لفكرة عدم إمكانية نجاح الثورات العربية، لذلك رأى أن من الصواب الوقوف إلى الدولة العميقة المتوغلة في معظم دول الثورات العربية، ورأى أن من الصواب عدم دعم إسقاط الأسد بشكل كامل، لمنع خروج دولة فاشلة في سورية، كتلك الليبية.

ومن جانبه، أشار الأكاديمي المختص في مجال العلاقات الدولية "أحمد أق يول" إلى أن أوباما أظهر سياسة خنوع مؤخرًا تجاه الشرق الأوسط، ظنًا منه أنه سيمنع بذلك سقوط السلطة بشكل كامل، وبالتالي إنقاذ بعض الدول من السقوط نحو هاوية الدول الفاشلة، ومعتمدًا في تطبيق ذلك على نمط القبول بالدول الفيدرالية، أحدثت فوضى عارمة وتسببت في ظهور عددٍ من الحركات الراديكالية، مبينًا أن سياسة التباطؤ في التعامل مع بعض القضايا، التي أظهرها أوباما تجاه المنطقة لم تكن عفوية بل كانت مقصودة تمامًا، ولكن بدلًا من النتائج الإيجابية، تسببت بالعديد من النتائج السلبية.

جاءت تحليلات أق يول في مقاله المنشور في موقعه الخاص "الخطاب التاريخي لأوباما؛ الحديث بصراحة"، حيث أوضح أن الغموض كان المعلم الأساسي لسياسة أوباما تجاه المنطقة، وهذا ما جعل تركيا غير قادرة على تحديد مسار أساسي تتحرك من خلاله نحو تحقيق مصالحها ومصالح المنطقة، مضيفًا أن غموض أوباما وتخاذله دفعا تركيا وبعض دول المنطقة إلى اكتشاف قواهم الاتحادية، وهذا هو الجانب الإيجابي الوحيد الذي يمكن ربطه بالفترتين الرئاسيتين للرئيس الأمريكي باراك أوباما.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!