مراد زالان – صحيفة يني شفق

اسمع أيها المريد !

لا بد أنك تعرف آل جابوني... كان من أشهر قطاع الطرق، كذلك كان يُعرف بـ صاحب" الوجه المجروح".. حتى إن هناك فيلما يحمل الاسم ذاته، من إخراج بريان دي بالما.. وبطولة آل باتشينو .

يوضح آل جابوني سبب تحوله إلى قاطع للطريق فيقول: " عندما كنت طفلا، كنت كل مساء قبل أن أخلد إلى النوم أدعو الله الذي لم يغادر ذكره مخيلتي، بأن يهبني دراجة". في يوم ما علمت أن هذا الدعاء لم يكن آلية صالحة للتعامل مع الإله.. في اليوم التالي قررت الذهاب بنفسي وسرقت دراجة، وصرت في كل ليلة قبل الخلود إلى النوم أدعو الله أن يغفر لي ذنبي ".

في كثير من الأحيان، لا يكون الشر هدفا لذاته، وإنما تتشكل الطريق الموصلة إليه عند المفاضلة.

أيها المريد! هل لاحظت أمرا قبل هذا؟ لا أعلم إن كنت لاحظت ذلك، هناك تشابه بين فتح الله غولن الذي أعطيتَه قلبك، وبين آل جابوني، كما أن جابوني قام بسرقة الدراجة بدلا من العمل على الحصول عليها بطرق مشروعة، كذلك  فتح الله غولن فقد اختار بدلا من الوصول إلى الحكم بطرق مشروعة، خلال الـ 40 عاما، فإنه فضل ورغب بالاستيلاء عليها بطرق غير قانونية وغير مشروعة.

كلاهما ومن أجل تحقيق أهدافهما، ارتأيا أن طريق السوء مباح ومشروع، ومن أجل مضاعفة الخطوات في طريق السوء ذاك قاما بإنشاء ( عصابة \ جماعة )، تبذل جهودها، وفكرها، وقوتها وبلغة سوقية بحتة  في سبيل أعمال النصب والخداع.

هل ستقوم بتنصيب رجالك في أماكن المسؤولية؟ ماذا يلزم من أجل ذلك؟ النجاح في امتحانات اختبار الهيئات العامة... لا حاجة لتكاليف العمالة، قم بالاستيلاء على الأسئلة والأجوبة،  وزعها على المريدين في المقرات المسمّاة بيوت الدردشة، ومكّن مريديك من الأماكن الحساسة في الدولة، بطريقة أو بأخرى، هل حصلت على مرادك؟ إذا كنت لا ترى الحرف الأول من "سرقت"، من دون أدنى شك، فأنت حصّلت مرادك.

والآن اسأل نفسك: ما الفرق بين سارق الأسئلة، وبين سارق الدراجة آل جابوني ؟

هل يلزم كفاح قانوني في مكان ما؟ تذكّر عندما أشار فتح الله غولن شخصيا في أثناء إحدى الدروس إلى أمثالك من المريدين "طريق الصلاح" : " إذا لزم الأمر ستقلب المحكمة رأساً على عقب، ستحصل على شيء قليل، أقول للأصدقاء: ستستميلون ألفاً، لعل واحدا يستنكف ويتراجع! ستعطون ملياراً، سترفعون قضية تعويضات بقيمة 10 ملايين، يعني ذلك " مدان "، ستستأجرون محاميا، وكذلك قاضيا".

صدقني آل جابوني كذلك درج على فعل الشيء ذاته، كان يستأجر محامياً، وقاضياً، ومن أجل أن يربح "قضية" رأى أن كل شيء مباح.

ليس هذا كل شيء، فقد كان آل جابوني يجمع الأموال من الحرفيين والتجار تحت اسم "الإتاوة"، فإن الجماعة التي تعرفها كذلك كانت تجمع الأموال منك ومن أمثالك من المنتسبين والمريدين تحت اسم "همّة"، ولكن لا تنظر إلى مقولة "همة"، فإنهم كانوا يأخذون سندات ضمان ممن لم يستطع أن يدفع نصيب  الشهر، وإذا لم يُدفع ذلك السند، كانوا يسلمونه إلى سلطات التحصيل الإجباري(الحجز)، انظر وسترى، من ركز الخنجر الذي في الغمد، عندها سترى "الإتاوة" التي في "الهمة" .

وعندما نأتي إلى النقطة المشتركة الأهم بين فتح الله غولن وبين آل جابوني... التشابه الأكبر، التأطيرات ( غرس الكوادر ) داخل أجهزة الدولة.

إن الخاصية التي ميّزت آل جابوني عن الكثير من زعماء العصابات، هي تشكيل العصابات وتأطيرها داخل جهاز الدولة.

أنشأ صداقة مقربة مع الولاة ورؤساء البلديات، وهؤلاء لم يكونوا يخرجون عن طاعته وأوامره، ولذلك لم تكن أفعال آل جابوني تستدعي الانتباه.

كم هو مشابه لسيدكم الشيخ أليس كذلك؟, فتح الله غولن كذلك عمل على تأطير جماعته ضمن أجهزة الدولة. فتح الله غولن كذلك كان يسيّر أموره من خلال قيامه بإقامة علاقات وقرابات مع سياسيين، وروؤساء بلديات، ولاة، قائمي مقام في جهات الدولة الأربعة.

آل جابوني كذلك كان له من أتباعه الذين بايعوه ضمن المنظومة الأمنية، وفتح الله غولن لا يختلف عنه في ذلك...

آل جابوني كان يحرص على ألا يتأثر بالموجة الشيوعية في سنوات الكساد الكبير، وكذلك عمل فتح الله غولن على أن لا تتأثر تركيا بالموجة الشيوعية بعد أحداث 12 أيلول\ سبتمبر.

بهذا الشكل، يصور الطرفان نفسيهما وكأنهما قاما بدور وطني، وكلاهما كذلك عمل على خطب ود الدولة.

آل جابوني ولأنه قام بنقل التشكيل العصابي الذي أنشأه على نطاق الدولة، فإنه يعتبر مؤسس "العصابة الحكومية"، وكذلك فتح الله غولن وبما أنه غرس أعضاء جماعته داخل أجهزة الدولة، يعتبر مؤسس " الجماعة الحكومية".

الآن ستقول أنت وأمثالك من المريدين والأتباع، كيف تقارن فضيلته بزعيم عصابة؟ بحجة أن أحدهم يساعد الناس، والآخر كان يؤذي الناس... لو كان ملاك الخير والعطاء يُرى بالعين، فلن تجد أفضل من آل جابوني من يقوم بتمثيله من بين البشر.

وكذلك آل جابوني كان يتبرع للجمعيات من ثروته التي جمعها، لذلك كان يُرى كبطل شعبي، حتى إنه كان يعتبر بمثابة روبن هود الجديد من قبل البعض.

غير أن هناك فرقا واحدا بين غولن وآل جابوني وهو:

آل جابوني، مهما كان حجم التنظيم داخل الدولة، لم يصل إلى حد سرقة دولة.. ولكن فتح الله غولن ومع أحداث 17-25 كانون أول\ديسمبر لم يكتف بالانقلاب على الحكومة، بل عمل على السيطرة على جيش الدولة، واستخباراتها، بنوكها، ومدخراتها كلها.

لم تكن أحداث 17 ديسمبر خطة انقلاب على الحكومة فقط، بل كانت عملية للسيطرة على الدولة كاملها.

تماما في هذه النقطة، كان غولن يتفوق على آل جابوني، وكان يقترب من حسّان صبّاح.

لو استطاع حسان صباح النجاح، لتمكن من السيطرة على الدولة السلجوقية الكبرى بأكملها، وكذلك لو استطاع غولن أن ينجح في عمليات 17 ديسمبر، لكان استولى على تركيا، الحمد لله أنه كُشف أمره ولم يتمكن من ذلك.

كلمة أخيرة أيها المريد!

إن الإسلام يرفض الميكافيلية التي تقول: "إن أي طريق للوصول إلى الهدف هي طريق مشروع (الغاية تبرر الوسيلة)، إن كنت مسلما، حتى لو كنت في حرب، فهناك قواعد وضوابط وأخلاق تحكمك... مثلا لا تستطيع أن تقتل الأطفال ولا النساء ولا المدنيين... لا تستطيع القول: "إن الطرق جميعها مباحة للوصول إلى الهدف".

لا يمكنك أن تقوم بسرقة أسئلة اختبارات التوظيف الحكومي، كمثال.. من دون بذل الجهد، فأنت إن لم تكن مستحقا لا يمكنك الحصول على أي شيء.

يمكنك توكيل محام، لكن وكيل النيابة لا يمكن أن يستأجر، لا يمكنك أن تفرّط في حقي، وأن تشتريه. لا يمكنك أن تدافع عن عمليات الرشوة للموظفين العامين ولا للناس، ولا حتى يمكنك أن توصي بذلك.

ولا يمكنك فعل كل ذلك ثم تطلق حملات ضد الآخرين عبر حسابات وهمي .

إن كنت تفعل ذلك، فإما أنك أحد رجال آل جابوني، أو أنك أحد أتباع ومريدي فتح الله غولن .

اقرؤوا شعر عصمت أوزيل ... ثم اذهبوا وقولوا لشيخكم: " بدلا من أن تعيش حياة منعزلة، وبدلا من التخطيط للاستيلاء على الدولة، انشغل قليلا بما يقوم به الناس البسطاء، فليلامس الأقحوان مثلا،………... المريدون جواسيس، وآل جابوني قاطع طريق.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس