محمد عمر زيدان - خاص لترك برس

كم هو أحمق هذا العالم المتربص بنا في سورية ويعتقد في نفسه الذكاء والفطنة! عندما يطعن ثورة هذا الشعب بمقتل! كم هو مسكين هذا الشعب التوّاق إلى الحرية الذي صدّق أكذوبة أمريكا من اليوم الأول لثورته بأنها مع نظرية تحرر الشعوب من الظلم والقهر والاستعباد! وكم هو عفن ومتعفن ذلك النصب التذكاري في نيويورك الذي يرمز إلى الحرية.

كل هذه الشعارات البرّاقة من تحرير الشعوب وحقها في تقرير مصيرها نسفتها أمريكا نسفًا عندما أعطت الضوء الأخضر لروسيا بقصف مواقع المعارضة المعتدلة مدّعية الأخيرة بأن ما تقوم به من غارات في الأجواء السورية هو حرب على الإرهاب العالمي المتمثل بتنظيم الدولة الإسلامية أو ما يسمى بـ"داعش" اليوم  من جهة وخدعة انسحابها من سورية من جهة أخرى. ولكن هذه الأكاذيب لم تعد تنطلي على الصغير في سوريا حتى تنطلي على المجتمع الدولي المتبجح بحق الإنسان بحياة كريمة. والحقيقة أيها السادة لا يمكن أن نغطيها بغربال، والحق أحق أن يقال من  يُقصف اليوم في سوريا هم العزل من أطفال ونساء وعجّز. والحرب اليوم هي حرب على الطفل والطفولة. هل يمكن للمجتمع الدولي وللأمم المتهالكة أن تقول لنا لماذا تم قصف 29 مدرسة من مدارس الريف المحرر من بينها مدارس تابعة للأمم المتهالكة؟ ولماذا تم قصف أكثر من 10 مشاف من بينها مشافي تابعة لمنظمة أطباء بلا حدود؟ ولم  نسمع استهجانًا أو استنكارًا لهذه الجرائم ولم نشاهد لجماً لهذا القتل البربري.

أليس هذا  قتل للطفل و الطفولة؟ أليس هذا هو الإرهاب بعينه؟ أليس هذا هدم للعلم والتعليم؟ اليوم في سورية الطيران الروسي أخطر على أطفالنا من طيران الأسد بمئات المرات. لقد أصبح أطفال سورية يقولون لبعضهم لا تذهب إلى المدرسة اليوم الطيران الروسي بالأجواء. ويحتار المتسائل لماذا هذا القصف وما مسوغاته ومبرراته وما ذنب هذه البراعم الصغيرة أن تقطف وتحرم من حقها في الحياة؟  ومن أعطى الروس هذه الأحقية؟ أم أن روسيا تحاول أن تثبت للعالم أنها عادت قطب من أقطاب السياسة الدولية وأنها أصبحت نداً لأمريكا، أم أن أمريكا أطلقت يد روسيا بسورية مقابل إطلاق روسيا يد أمريكا بمناطق أخرى أم هو انتقام من أمريكا لتدخلها في الشؤون السياسة للدول المجاورة لروسيا. كل هذه الأسئلة مبسوطة على طاولة البحث.

ولكن من يجهل دور إسرائيل المهم لا بل البالغ الأهمية ؟ولا يخجل الساسة الروس عندما يقولون كان لدينا تنسيق على أعلى المستويات مع إسرائيل حتى لا يصطدم الطيران الروسي بالطيران الإسرائيلي في الأجواء السورية ، وكأنما أصبحت الأجواء السورية (بيت دعارة) لكل من أراد أن يقضى وطره! هل كان ليحصل كل هذا لولا لعب أمريكا وروسيا و إسرائيل وتنسيق الكل مع إيران وتنسيق إيران مع حزب الله وتنسيق حزب الله مع الأسد. فبظل هذه السلسلة المتكاملة من التنسيق التي يصعب على العاقل فكها يقف المجتمع الدولي عاجزًا. وبالمحصلة الكل يتلاعب بالشعب السوري الذي يضيع كل يوم بين ركام الحضارة الإنسانية ويتساقط أطفال سورية فوق تراب الوطن الغالي مع ضحكات وقهقهات العالم المتمدن… تبا لمن وصف هذا العالم البربري بأنه متمدن.

عن الكاتب

محمد عمر زيدان

أكاديمي سوري وأستاذ جامعي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس