أرغون ديلار - صحيفة تقويم - ترجمة وتحرير ترك برس

صوت البرلمان الألماني بنعم على مشروع قانون مذابح الأرمن، وتناولت هذا الخبر وسائل إخبارية مختلفة، لكن ما لفت انتباهي هو تناول بعض القنوات التلفزيونية للخبر؛ فقد كانت حقا مضحكة ومثيرة للسخرية، إذ إنها وبعد نشر الخبر بفترة  تكتب أسفل الشاشة "هل يمكن أن يؤثر القرار الألماني على العلاقات التركية الأوروبية؟".

وجهة نظر لا يمكن تصديقها، أليس كذلك؟ شيء يفوق العقل والخيال!

البرلمان الألماني الذي يضم 631 نائبا منهم 11 نائب من أصول تركية يصوت على اعتبار أحداث تلك الفترة مذابح عرقية بحق الأرمن... القرار بمثابة إنهاء للعلاقات التركية الألمانية، حتى أنني يمكنني القول إن القرار بمثابة إعلان حرب خفية...

حسنا لكن لماذا؟

دعونا لا ننظر إلى الأمر على طريقة "هل يمكن أن يؤثر على العلاقات التركية الأوروبية" لأننا في حالة حرب!

سأشرح ذلك إذ إن من الواضح أن بعض وسائل الإعلام تجد صعوبة في الفهم! لكن بداية دعونا نترك ألمانيا جانبا سنعود إليها لاحقا ولننتقل الآن إلى فرنسا...

البارحة وفي العاصمة الفرنسية باريس رغم التظاهرات والاحتجاجات اجتمعت 52 دولة من المستعمرات السابقة لفرنسا كساحل العاج، وغينيا، وموريتانيا، والسنغال، ونيجيريا، وتشاد، وغابون، وجيبوتي، والكاميرون، وغامبيا، وتوغو، وجزر القمر، ومدغشقر، وشيسل، وكمبوديا وفيتنام وغيرها الكثير لتناقش ما مفاده "الأمور لا تسير كما يجب، النظام الجديد غير قادر على استيعاب مشاكل الجميع وتجميع كل هذه الدول تحت مظلة واحدة، هلا نظرت كل دولة إلى ذاتها وحلت مشاكلها بنفسها؟"، ومن بين الدول المشاركة بالطبع سوريا ولبنان، التي كانت من أوائل الدول التي نادت بالانفصال! طبعا لا تفاصيل عن الموضوع في الإعلام.

كانت فرنسا تجني من 20 مستعمرة لها في أفريقيا 300 مليار يورو سنويا من خلال نهبها لخيرات تلك البلاد واستغلالها لمواردها البشرية، هذه الأموال التي قادت إلى عظمة فرنسا وسموها وتبوئها مكانة مرموقة عالميا وتحقيقها للرفاه الاجتماعي داخليا. وما اتفاق سايكس- بيكو بين الفرنسيين وإنجلترا إلا اتفاقية لتقاسم ونهب الدول المنتدبة. هذا الاتفاق الذي قاد إلى تحطيم عرش السلطنة العثمانية وتقاسم أموالها.

فرنسا التي احتلت الساحل الغربي لأفريقيا جعلت من اللغة الفرنسية اللغة الرسمية السائدة هناك مما أدى إلى انفصال شعوب تلك المنطقة عن باقي الشعوب الأفريقية. كانت عملية التحويل والفصل تلك عملية كبيرة ما زالت تلك الدول تحيا تعيش تأثيرها حتى اليوم.

أحداث شارلي إيبدو وهجمات باريس وغيرها من الأحداث التي رفعت فرنسا إلى مقام البطولة في أوروبا تكشف في الحقيقة الضعف الفرنسي، وما باليد حيلة أمام قرار الولايات المتحدة بتفتيت الاتحاد الأوروبي وإن كانت إلى الآن لم تقف مباشرة بوجه دول اليورو.

فقد وجهت الولايات المتحدة تحذيرات قوية إلى ألمانيا من خلال عالم السيارات، فتحت حجة التلوث البيئي الناجم عن عوادم السيارات تدفع ألمانيا الغرامة تلو الأخرى، أما إنجلترا والتي تتوقع قدوم العاصفة فهي متجهة للتصويت من أجل التحرر من الاتحاد الأوروبي والتخلص منه قبل فوات الأوان وسنرى نتيجة التصويت قريبا.

في خضم هذه المعمعة تركيا هي طوق النجاة الوحيد للاتحاد الأوروبي، لكن أوروبا ورغم علمها بهذه الحقيقة إلا أنها ترفض ذلك، 60 عاما وتركيا تنتظر على أبواب الاتحاد الأوروبي وحان الآن موعد انتظار أوروبا على أبواب تركيا.

الاتحاد الاوروبي يجثو على ركبتيه

من خلال قانون مكافحة الإرهاب يسعى الاتحاد لإقامة موازنة جديدة على ظهر أنقرة، وأوروبا تملك داعمين ومؤيدين لها في حزب العدالة والتنمية كما في باقي الأحزاب التركية، مؤيدوا أوروبا هؤلاء تمت تصفيتهم مؤخرا من حزب العدالة والتنمية وانقلبت الأمور بعدها لصالح تركيا، ولكن بكل تأكيد ليست الدول الأوروبية الثلاث الكبرى راضية عن ذلك وستوجه ضربة قوية لتركيا.

حاول الأوروبيون تطبيق أفكارهم من خلال استخدام القضية الكردية ونفخوا الروح فيها من خلال قضية الأرمن. ولكن لا مكاسب متوقعة لهم من استخدامهم لكرت الأرمن هذا. وهدفهم الوحيد من ذلك جذب الأكراد إلى جانبهم، حتى إنه خارج البرلمان الألماني وعقب التصويت على ذلك القانون كانت أعلام ورايات وحدات حماية الشعب تلوح بفرح وإثارة جنبا إلى جنب مع أعلام أرمينيا!

كانت دخول تركيا مع الولايات المتحدة إلى معترك القضية السورية بمثابة دخولها للسيادة الفرنسية الإنجليزية ولذلك لعبت أوروبا كرت الأرمن، في محاولة لتشويش العقول وإشعار تركيا بأنها سوف نتعرض لهجوم، فأشعلت فتيل ألمانيا البارحة بعد أن راجعت حساباتها بكل العلاقات المشتركة الكثيرة بين البلدين وخرجت بذلك القرار.

جيم أوزدمير في دور البطولة

السيد جيم، وكلوديا روث، والسيد كمال كليجدار أوغلو، والسيد صلاح الدين دميرطاش، وقنصل الموصل السابق الذي تعرض للخطف سابقا على يد داعش، والسيد أوزترك يلماز، والسيدة سيلين سايك بوكي، كل هذه الأسماء على علاقة ببعضها البعض ولقسم من هذه الشخصيات علاقة قوية مع السيدة روث أهم الأسماء التي ذكرت.

إن قرار تركيا، أو بعبارة أصح قرار أردوغان تنحية اللاعبين المهمين في ساحة العلاقات الألمانية التركية كان ذو تأثير كبير، فأوروبا من خلال هؤلاء اللاعبين كانت بشكل أو بآخر داخل المطبخ التركي أما الآن فكل شيء يسير خلف توقعاتهم ولهذا نراهم يرغبون بمهاجمة أنقرة التي لا يمكنهم السيطرة عليها أو توقع افعالها.

وبالمناسبة لا أعلم هل هو من قبيل التصادف أم لا أن يتلاقى جيم أوزدمير مع السيد سوروس عشر مرات خلال خمس سنوات في مؤتمرات مختلفة، لا أعرف ما نوع المعادلة التي تحكم هذا التصادف غير المعقول!

الكل يعرف كذلك أن السيد كمال كليجدار أوغلو من المقربين لسوروس، وليس بالسر كذلك أن رجال حزب الشعوب الديموقراطي يتوجهون إلى أمريكيا من أجل الاجتماع برجال سوروس... أوروبا إذا لم تجد لها سبيلا إلى السياسة الداخلية التركية كما هو الحال الآن فبكل تأكيد ستتبع طرق أخرى، ستجد طرقا أخرى وستتدخل فمدارس هذه الدول الدول الأوروبية الثلاث وجامعاتها وبنوكها وشركاتها واستخباراتها كلها مجتمعة في تركيا.

هم في كل مكان حولنا وبين ظهرانينا لكن لم ينظر ويرى

ليأخذ كل منكم ملفا وليكتب عليه ما شاء وليلصقه بوجهه، هل يمكنه قراءة ما كتب، بالطبع لن يستطيع أن يقرأ حرفا واحدا!

أبعد الملف عن عينيك مسافة ما وانظر مجددا، عندها ستتمكن من قراءة المكتوب... هذا هو حال الداخل التركي الآن، فحتى الامس القريب كان لا يمكننا أن نرى المكتوب على بُعد أنوفنا، أما اليوم اليوم فيمكننا الرؤية بوضوح ويمكننا أن نتوقع الألاعيب ونشارك بها.

ولهذا تهاجمنا أوروبا بمجملها. فلا يملكون فرصة أو سبيلا آخر، فهم سيحاولون مهاجمتنا من الداخل وسيضربوننا من الداخل، لكن عندما يأتون لضربنا سيركعون وستخر قواهم، وسيجدون صعوبة ليجدوا شخصا يأخذ لهم موعد مع تركيا التي جعلوها تنتظر على أبوابهم.

الحرب العالمية الثالثة قادمة وبسرعة كاملة

أدى سايكس بيكو إلى انهيار أفريقيا والشرق الأوسط بما فيه سوريا وسوف نسمع دوي الانفجار العظيم قريبا، أما حزب العمال الكردستاني، وداعش، وهجمات باريس، وشارل إيبدو ووحدات حماية الشعب كلها نبض خارجي لتلك الاتفاقية وذلك الانفجار.

نحن مجبرون على الوقوف صفا واحدا كما لم نكن من قبل، انظروا إلى البرلمان الألماني، كله باستثناء القليل يصوت بنعم على قانون مذابح الأرمن، لأن ذلك يصب بمصالح ألمانيا.

ونحن كذلك "من أجل مصالحنا" تعالوا لنقف صفا واحد اليد باليد والكتف بالكتف.

فلو بقينا في الصراع والحروب لن يتغير أي شيء ولن تنتهي الحروب إلا إذا قلنا نحن إنها النهاية!

انظروا أعزائي ما كتبته البارحة.

إن البعض ممن صوت على اعتبار أحداث الأرمن مذابح عرقية كان يستهدف رئاسة أردوغان للجمهورية التركية، أما أردوغان في تلك الأثناء كان يسير لاستلام شهادة جامعية. لا يوجد شيء من قبيل المصادفة على تراب هذا الوطن.

لنكن على وعي أكبر...

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مواضيع أخرى للكاتب

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس