جلال سلمي - خاص ترك برس

تمر العلاقات التركية الألمانية في مرحلة حرجة، خاصة بعد قرار البرلمان الألماني وصف أحداث عام 1915 بأنه "إبادة جماعية بحق الأرمن"، الأمر الذي رأى مراقبون أنه قد يؤثر سلبا في العلاقة الممتدة لأكثر من قرن من الزمان.

مسار العلاقات تاريخيًا

بدأت العلاقات الدبلوماسية بين الدولة العثمانية وروسيا البيضاء التي كانت تضم برلين تحت حكمها في عام 1763، حين أرسلت الدولة العثمانية سفيرها أحمد رسمي أفندي إلى برلين. ويشير الباحث السياسي بنيامين كسكين في مقاله بصحيفة يني شفق "مستقبل العلاقات التركية الألمانية" إلى أن أن السفارة العثمانية واصلت عملها بعد تأسيس الإمبراطورية الألمانية في عام 1871.

كانت العلاقات التركية الألمانية مميزة منذ تاريخ فتح السفارة وحتى الحرب العالمية الأولى. يشير كسكين إلى أن الطرفين تبادلا الهدايا الثمينة والزيارات المتبادلة رفيعة المستوى، وأن العلاقات بين الطرفين تُوّجت بالتحالف بينهما في الحرب العالمية الأولى.

حافظت العلاقات التركية الألمانية على مستواها حتى انتهاء الحرب العالمية الثانية. وكانت من أهم المحطات في العلاقات بين الجمهورية التركية وجمهورية ألمانيا الفدرالية هي توقيع اتفاقية استقبال العمالة التركية عام 1963 لاستخدامها في إعادة إعمار ألمانيا.

وبعد الحرب الباردة، شهدت العلاقات بين البلدين تقلّبات، وساهمت مجموعة عوامل في إعادة توثيق العلاقة بين البلدين قبل قبول البرلمان الألماني قانون الإبادة الجماعية تناولها كسكين في مقاله:

ـ النظر إلى القضية السورية على أنها قضية إنسانية تستحق تكثيف الجهود المشتركة للحلها ومعالجة آثارها.

ـ لعب الطرفان دورًا محوريًا في قضية اللاجئين السوريين وغيرهم، حيث تعد تركيا الدولة الأكثر استقبالا ً للاجئين فيما تُعد ألمانيا الدولة الأكثر استقبالًا لهم من بين دول الاتحاد الأوروبي.

تدهور العلاقات ومستقبلها

لم يكتب للعلاقات التركية الألمانية الاستمرار حسب كسكين، الذي يرى أن قرار ما يُسمى "بالمذبحة الأرمنية" الذي صدر عن البرلمان الألماني "البوندستاغ" أخذ العلاقات إلى ما يشبه الهاوية، خاصة مع تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي بين الطرفين، وفي ظل التطورات الجارية أصبح احتمال التوصل إلى اتفاق نهائي فيما يتعلق بقضية اللاجئين أمسى صعبًا جدًا.

يشير كسكين إلى أن ملف اللاجئين كان قد تعقد قبل قرار البرلمان الألماني، فكيف الآن في ظل تدهور العلاقات التركية مع الدولة "الأكبر" داخل الاتحاد الأوروبي؟

يوافق الخبير السياسي حسن دانيز باكشان، الباحث السياسي في مركز الحكماء للدراسات الاستراتيجية التركي، كسكين في رؤيته، مضيفًا أنه لا يتوقع حدوث توافق تركي ألماني كذلك الذي جمع الطرفين في عهد الدولة العثمانية، فبعد قرار البرلمان ستزيد ألمانيا من عرقلة أي تطور لتركيا فيما يتعلق بالعضوية الكاملة داخل الاتحاد الأوروبي، كما كانت تفعل قبل التقارب الأخير.

وكان الرئيس التركي قد شن هجومًا على قرار البرلمان الألماني، مشيرًا إلى أن ألمانيا ستتحمل خسائر فادحة نتيجة قرارها، وقائلًا إن "ألمانيا التي اعترفت بقيام تركيا بإبادة جماعية مفتعلة وليس لها أصل، ينبغي عليها أن تقدم على فتح أرشيفها كما قمنا نحن بذلك من قبل، ولكنها لن تفعل ذلك لأنها لا تمتلك الشجاعة اللازمة لذلك، لأنّ الكل يعلم أن أرصفة برلين الأنيقة مبنيّة على أرواح ودماء الأفريقيين، أما تركيا فلا تاريخ لها في الاستعمار والإبادة."

يظهر من تصريحات أردوغان بأن العلاقات التركية الألمانية ستحيد عن مسارها الذي سارت عليه عقب ظهور أزمة اللاجئين للسطح، وربما ستعود إلى ما كانت عليه من تنافس سياسي واقتصادي دولي شديد.

ومن الجدير بالذكر، أن العلاقات الألمانية التركية شهدت تدهورًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة نتيجة اعتراف البرلمان الألماني بمزاعم ارتكاب الدولة العثمانية إبادة جماعية بحق الأرمن إبان الحرب العالمية الأولى، فيما تعدها تركيا أكذوبة تاريخية عارية عن الصحة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!