مراد يتكين - صحيفة حرييت - ترجمة وتحرير ترك برس

نحن اعتدنا وبكل أسف، على المجازر التي ترتكبها داعش وحزب العمال الكردستاني في المنطقة، بينما كانت الإدارة الأمريكية تنأى بنفسها، لأنها تدرك بأنّ الإرهاب تأثيراته كارثية، لذلك حاولت جاهدة أنْ تمنع وصوله إلى أراضيها البعيدة، وهذا ما قامت به بعد التفجيرات التي قامت بها القاعدة في الحادي عشر من سبتمبر.

لكن القاعدة وسعت إطار عملها، وامتدت لتصبح داعش، والتي قامت قبل يومين بعملية سطو مسلح على ملهى ليلي للمثليين في ولاية أورلاندو، حيث قام عمر متين ذو الأصول الأفغانية –بكل أسف- بقتل 49 شخصا، واصابة 53 آخرين، وسارع بعدها مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI، بنفيه ان يكون هذا الحدث الإرهابي له صلة بداعش، وذلك استنادا للتحريات الأولى والتي لم يجدوا فيها دليلا كما قالوا.

لكن بعد ذلك وجدوا تسجيلا صوتيا يثبت أنّ منفذ الهجوم قد أقسم بالولاء لتنظيم الدولة، وبذلك يكون أوباما وقع في موقف صعب مرتين، الأولى عندما نفى مكتب التحقيقات الفيدرالي صلة داعش وغفلته عن منع الهجوم، والثاني بسبب اقتراب موعد الانتخابات.

من المعلوم أنّ الرئيس أوباما يدعم مرشحة الديمقراطيين هيلاري كلنتون، فالديمقراطيون يتجنبون الحديث عن شعارات عنصرية، بعكس ما يقوم به ترامب، ولذلك فإنّ الديمقراطيون ينتظرون أصوات المسلمين والمهاجرين المكسيكيين، وهذا تفسير ما قام به أوباما من عمل "صواب"، عندما لم يذكر كلمة "إسلامي" خلال حديثه عن إدانته للهجوم الإرهابي.

بينما استغل ترامب الفرصة، وبدأ يضرب "تحت الحزام"، وطلب من أوباما خلال تغريدة على تويتور تقديم الاستقالة الفورية، وذلك لكونه "لم يستطع وصف الإسلاميين الراديكاليين بالإرهاب"، وتحدث عن تلقيه رسائل تهنئة كون موقفه الثابت في هذا الموضوع والذي ثبت صوابه، على حد قوله.

انتقد العديد من الناس، المرشح ترامب لكلماته العنصرية تجاه المسلمين، لكن هذه العنصرية في واقع الأمر لم تكن حيال المسلمين فقط، وإنما ضد المهاجرين المكسيكيين والمهاجرين الأوروبيين، وضد الكاثوليك ومثليي الجنس أيضا، وقد خرجت مظاهرات في بعض المدن الجنوبية بعد تصريحاته واحتقاره للمهاجرين المكسيكيين، وحُرقت الأعلام الأمريكية، وتراجعت مؤشرات الأصوات لترامب بعدما كانت قريبة من نسب تأييد كلنتون.

وذلك جاء هجوم داعش من أجل أنْ يعيد ترامب قوته من جديد، وعلى ما يبدو قد نجح في ذلك، واستغل الفرصة ليتقدم اكثر، وهو الآن بعد هذا الحادث، سيدافع بصورة أقوى وأكثر شجاعة حول تصريحاته وشعاره "أمريكا العظمى من جديد"، وسيعمل جاهدا لاستغلال هذا الهجوم لحشد الأصوات له في الداخل، وتجهيز الحراك العسكري في الخارج من جديد.

هذا الأمر مقلق لنا جميعا، وهناك بُعد آخر له، حيث أثبت هذا الهجوم، بأنّ الإرهاب لا يعرف حدودا له، وبأنّ علينا جميعا الوقوف بصورة موحدة ضده، مع تحقيق الموازنة بين اتخاذ كل التدابير اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الأحداث الإرهابية، ودون الاضرار بحرية الناس وحقوقهم.

لكن ما يقوم به ترامب، هو الوقوف في وجه الإرهاب، دون الاكتراث بحقوق الناس وحرياتهم، وهذا الأمر لا ينطبق هناك فقط، بل بدأ ينتشر في العالم، وفي أوروبا أيضا، واستمرار الأعمال الإرهابية لن يقود تركيا ولا العالم إلى الأمام، وإنما سيدخلنا جميعا في طريق مظلم.

عن الكاتب

مراد يتكين

كاتب في صحيفة راديكال


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس