ترك برس

لم تقلق محاولة الانقلاب الفاشلة المواطنين الأتراك فقط، بل أقلقت ملايين المسلمين حول العالم. يشير الباحث التركي "إسماعيل نعمان تالجي" في مقاله "الشارع العربي ومحاولة الانقلاب الفاشلة" إلى أن الكثير من الاتصالات القلقة جاءته من مصر والجزائر وقطر وباكستان، تتساءل عن المآل المحتمل لهذه المحاولة التي تمنوا بكل صدق أن يكتب الله لها الفشل.

وأشار تالجي إلى أن سياسة التقارب مع الشرق الأوسط التي اتبعتها حكومة حزب العدالة والتنمية عقب اعتلائها سدة الحكم، ساهمت في توثيق العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين تركيا وشعوب المنطقة، مما حدا بالمواطن العربي ليشعر بأن الانقلاب المُقام هو ضده، ليندفع منتفضًا يتابع التطورات بقلب يخفق من حدة القلق.

كما يوضح تالجي أن وقوف الشارع العربي إلى جانب تركيا وحكومته الديمقراطية بهذا الشكل العميق، يعود إلى السياسة الناعمة الشاملة لعدة مجالات تخدم مواطنين العالم العربي، لا سيما دعمها الدبلوماسي الصريح للقضية الفلسطينية ضد إسرائيل.

صورة تركيا المتغيرة

باتت تركيا بمثابة الدولة القيادية لمنطقة الشرق الأوسط مع سياستها الداعمة لثورات الربيع العربي التي طفت على السطح مطلع عام 2011، ولكن على صعيد آخر، يرى تالجي أنه لا يمكن لأحد إنكار أن وضع تركيا تأثر سلبًا في منتصف عام 2013، بعد فشل الإخوان المسلمين في الحفاظ على مقاليد الحكم في مصر، وإخفاق المجموعات السورية المعارضة في تحقيق انتصار نهائي على نظام الأسد.

ويؤكّد تالجي أن إظهار الشعب التركي مقاومة باسلة أمام الآلات العسكرية مثّل بارقة أمل في خضم حالة اليأس التي أصابت المجتمعات العربية في مصر وسوريا واليمن وليبيا، وعاد بتركيا إلى مقعد إمكانية قيادة العالم الإسلامي من جديد، وزاد من أهمية قضية تمثيل تركيا نموذج ديمقراطي سياسي اقتصادي تنموي ناجح للشعوب العربي التي ما زالت تعيش في نطاق البحث عن الاستقرار المبني على الديمقراطية والحرية.

لذلك يرى تالجي أن قلق الشارع العربي حيال محاولة الانقلاب ناتج عن قناعته بنجاح التجربة التركية التي أثبتت نجاح الإسلام في تبني الديمقراطية بكل جدارة، موضحًا أن تركيا أدّت دور النظام السياسي المأمول لحل حالة عدم الاستقرار في غزة والعراق ولبنان ومصر وسوريا وليبيا واليمن، دفع قسمًا كبيرًا من الشعب العربي للاهتمام بتفاصيل الانقلاب.

دعم العالم الإسلامي لتركيا

شدد تالجي على أن الدعم الأكبر الذي حظيت بها تركيا، جاء من العالم الإسلامي ممثلًا بدول هامة مثل الأردن، والصومال، والسعودية، وإندونسيا، والمغرب، وجيبوتي، وتركمانستان، والبوسنة والهرسك وغيرها الكثير من الدول التي أظهرت النية الصادقة في دعمها الحكومة التركية الديمقراطية، بخلاف حكومات العالم "الآخر" التي لم تظهر نفس الدعم.

وعلى صعيد شعبي، بيّن تالجي أن المظاهرات الحاشدة التي انطلقت في فلسطين وليبيا ومن قبل العرب المقيمين في شيكاغو، أكبر مؤشر على الإرادة الشعبية العربية التي تؤيد تركيا وديمقراطيتها دون أي شرط أو قيد، مؤكّدًا على أن توق الشارع العربي لقائد حقيقي يتحرك وفقًا لما يراه مناسبًا لمصالحه القومية، لا وفقًا لما يراه الغرب مناسبًا لمصالحهم القومية، يلعب دورًا أساسيًا في تحرك الشارع العربي إلى جانب تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان.

ووفق مقال تالجي المنشور على موقع الجزيرة ترك، فإن فشل المحاولة الانقلابية زاد من ثقة الشارع العربي بتركيا التي أصبحت تمثل مصدر أمل أكبر يعول عليها الشارع العربي في حل أكثر من قضية عالقة في المنطقة.

وفي ختام مقاله، يرى تالجي أنه يحق للشارع العربي عيش أجواء الفرحة تمامًا كالشعب التركي، لما أظهره من وقفة إعلامية ومعنوية لا يمكن أن يتجاهلها إلا الجاحد، موضحًا أن الانقلاب زاد من لحمة توفق الشعبين التركي والعربي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!