بينار تريمبلاي - المونيتور - ترجمة وتحرير ترك برس

سواء كانوا إسلاميين أو قوميين أو ليبراليين أو علمانيين يتقاسم الناس في تركيا متعة واحدة في الاحتفال بالعام الجديد، وهي وجبة الفطور التركي الخيالي. في اليوم الأول من العام تحجز جميع المطاعم والمقاهي في المدن الرئيسة لتناول الإفطار. إن كنت في إسطنبول وترغب في الحصول على طاولة من مكان يطل على البحر، فقد تضطر إلى الانتظار لبعض الوقت.

على مدى العقد الماضي ثار جدل مع حلول نهاية شهر ديسمبر حول الاحتجاج على سانتا كلوز أو كيفية تجنب الاحتفال بالعام الجديد.حرص من يتوقون للاحتفال بالعام المقبل بالزينة والهدايا وحفلات نهاية العام على عدم المرور بالطرق ذات العدد المتزايد من الإسلاميين في البلاد.

يحرص الأتراك المحافظون على تجنب الخروج مطلقا في ليلة رأس السنة تعبيرا عن رفضهم لأي احتفالات، بما في ذلك اليانصيب الوطني للعام الجديد. ويقول أغلبية هؤلاء إنهم يتعاملون مع هذا اليوم مثل أي يوم آخر، ويتجنبون حتى استقبال الضيوف في المنزل أو مشاهدة التلفاز على الهواء مباشرة.

وحتى في المدن الكوزموبوليتانية، مثل إسطنبول وإزمير، كان آخر توجه هو تجنب الذهاب إلى الملاهي الليلية الكبيرة، وبدلا من ذلك يجتمع الناس في استراحات الأحياء أو في حفلات منزلية.

لكن اليوم الأول من العام الجديد هو يوم عطلة رسمية في تركيا، ويبدو أن أحدا لا ينزعج من ذلك حتى الآن، ولذلك فإن الملتقى الأول في هذا اليوم ما يزال هو ما يجمع معظم الأتراك للاحتفال بالعام الجديد، فقد صارت وجبة الإفطار أو وجبة الفطور والغذاء نزهة عصرية للأتراك من جميع المشارب. ويمكن للمرء أن يكتشف الأماكن المفضلة لتناول الإفطار لدى الأتراك، لأنها أماكن مفتوحة خارج منازلهم، وهذا أمر نادر الحدوث في تركيا عند تناول طعام الإفطار.

يولي الأتراك وجبة الإفطار اهتمام جديا. الطريقة الأولى لتحضير وجبة الإفطار التركية هي جمع الضرورات الغذائية الأساسية، ومن ثم يمكن أن تتسع مكونات الإفطار اعتمادا على مقدار الوقت

والمال الذي يخصص للوجبة. يطلق على الإفطار التركي الأكثر شعبية في الوقت الحاضر" سيربيميه" التي تعني الإفطار المفتوح. وقد ترى في أماكن أخرى علامة " كوي كاهفالتيسي" التي تعني إفطار القرية، مما يدل على التوجه الصحي نحو تناول المنتجات العضوية والأغذية المصنوعة منزليا.

يكون الإفطار جاهزا لدى معظم العائلات التركية في البرادات، ويكون عبارة عن أوان صغيرة مملوءة بمختلف أنواع الجبن والزيتون والزبدة والمربى والعسل وغيرها، وذلك يعتمدا على فصل السنة وما تفضله الأسرة، ومن ذلك على سبيل المثال"أكلة المحمرة"  التي تتكون من الجوز والفلفل الأحمر. وإلى جانب هذه العناصر الجاهزة دائما هناك الخبز الطازج والشاي ولك الخيار. هناك بعض اللمسات الصغيرة التي تجعل من الإفطار مأدبة لذيذة : زيت الزيتون الخام الممتاز مع الزعتر الجاف ومسحوق الفلفل الحلبي المنثور على طبق الزيتون مع قليل من قطرات عصير الليمون.

يوسع الأتراك أيضا من محتويات وجبة الإفطار بإضفاء لمساتهم الخاصة، فللحصول على الكربوهيدرات مثلا تتوفر خيارات لذيذة مثل " جوزليميه"  وهي عبارة عن رقائق طازجة محشوة بالجبن أو الخضار أو اللحم الطازج، أو البوريك وهو أيضا عبارة عن رقائق من العجين محشوة بنفس الخيارات السابقة، أو المشهيات مثل سبانكوبيتا، ويضاف إلى المائدة الكعك وأنواع مختلفة من الخبز. السيميط التركي وهو خبز دائري مرصع ببذور السمسم، هو خيار آخر مفضل لتناول الإفطار في جميع أنحاء تركيا.

وللحصول على البروتين يمكن أن يقدم البيض وشرائح اللحوم الباردة أو المدخنة أو النقانق. ثمة خيارات تركية عديدة في طهو البيض، لكن أكثرها شعبية هو " المينيمين"  وهو طبق يضم البيض والفلفل والطماطم والبصل. ويقدم في مقلاة رقيقة تسمى صاهان، ويمكن رش جبن الموزيلا على المقلاة وتركها على النار لتعطي نكهة إضافية. وتشمل الأطباق الأخرى للبيض التي يحبها الأتراك بيض العيون المطهو مع السجق التركي الحار أو البسطرمة أو لحم البروسيستو.

يمكنك أن تجد في وجبة الإفطار الفاكهة الطازجة أو المربى المصنوعة منزليا، وهذا يتوقف على الموسم، فإن لم توجد الطماطم الطازجة أو الفلفل، يمكنك أن تحصل عليها مجففة. هناك ميزة أخرى للإفطار التركي من الصعب أن تجدها خارج تركيا وهي القشدة التي تقدم مع العسل، وتوضع عادة على الخبز الساخن بدلا من الزبدة. في المطاعم الفخمة تقدم هذه الفواكه المجففة والخضروات مع مجموعة متنوعة من المكسرات، فعلى سبيل المثال يقدم المشمش المجفف مع الكريم والجوز المحمص أو اللوز الشهي على مائدة الإفطار الغنية، وبالمثل صار التين المجفف المحشو بالبندق والمغطى بالشوكولاتة أو معجون اللوز ضمن قائمة الموائد المفتوحة في فنادق الخمس نجوم.

ولمزيد من عروض الطعام التقليدية هناك الطحينة الممزوج بالعسل الأسود المعروفة باسم " طاهين بيكميز" وترش عادة على الخبز، لكن محبي هذه الأكلة يتناولون هذه الأكلة الشهية اللذيذة بالملاعق. تقدم أيضا الحلاوة المصنوعة من الطحين في الصباح في الشتاء البارد، بينما تقدم بعض العائلات والمطاعم الحساء التقليدي كبداية دافئة لليوم.

في العقد الماضي صارت جميع الأكلات الشهية المحلية متوفرة في جميع الأسواق، فعلى سبيل المثال صارت أكلة " الماهلوما " المفضلة في شرق ساحل البحر الأسود- وهي عبارة عن جبن طازج غير محلى يطبخ مع دقيق الذرة والزبدة- أكلة مفضلة في إسطنبول وأنقرة.

حاز الإفطار القروي التركي في الواقع اهتمام وحب المهتمين بالطعام في جمبع أنحاء العالم، فهناك مثلا الطاهي العالمي الشهير سومر سيفير أوغلو الذي يقدم قائمة رائعة لوجبات الإفطار التركية في مطعمه بسيدني في أسترالياـ وتوجد في لوس أنغلوس وسان دييغو ونيويورك مقاه شهيرة تقدم وجبات الإفطار التركية.

تقدم معظم المطاعم والفنادق عصير الميموزا والقهوة وعصائر الفواكة أيضا، لكن الشاي الأسود هو الشئ الجوهري الذي يميز الإفطار التركي. أول شئ يجب القيام به لإعداد وجبة الإفطار التركية هو غلي الماء لتحضير الشاي، ويكون إبريق الشاي هو آخر ما يضاف للمائدة. عندما تطلب الإفطار في المطاعم التركية ، تتضمن الوجبة الشاي دائما، ويقدم عادة في أكواب صغيرة. لدى معظم الأسر والمقاهي التركية توليفة الشاي الخاص بها، ويطلق عليها " هارمان" وتصنع هذه التوليفة بخلط نوعين أو أكثر من علامات الشاي التجارية وفقا للنكهة والكثافة.

القهوة أيضا مشروب شعبي على وجبة الإفطار. وفي الواقع فإن الكلمة التركية للإفطار " كاهفالتي" مشتقة من القضمة السريعة للطعام قبل تناول القهوة " كاهفي"  . وتقدم القهوة على نحو تقليدي في تركيا بعد الإفطار.

تناول وجبة الإفطار يجعل الأتراك سعداء، لأن هناك كثيرا من الخيارات، فيمكنك إرضاء النباتيين ومن يتبعون الحمية البدائية ومحبي اللحوم أو الخبز على مائدة واحدة. كل طبق يجهز وفق ما يوصي به المستهلك. إن تناول الإفطار وسيلة رائعة لبدء العام الجديد، ووسيلة يجتمع بها الأتراك ليتناولوا الطعام معا، وهي ليست وسيلة جيدة فحسب، بل هي جيدة لصحتك ومعنوياتك.

عن الكاتب

بينار تريمبلي

باحثة في العلوم السياسية بجامعة ولاية كاليفورنيا للعلوم التطبيقية


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس