عراد نير - مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا - ترجمة وتحرير ترك برس

في الخامس من ديسمبر/ كانون الثاني قدم السفير الإسرائيلي الجديد، إيتان نائيه أوراق اعتماده إلى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وهو أول سفير إسرائيلي إلى أنقرة منذ أزمة السفينة مافي مرمرة عام 2010 التي قتل فيها عشرة مواطنين أتراك في اشتباك مع جنود إسرائيليين حاولوا منع ما يسمى أسطول السلام من كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة. لقي السفير وعائلته ترحيبا في القصر الرئاسي في أنقرة، ولدى وصوله إلى المجمع الرئاسي الفخم المكون من ألف غرفة دعى أفراد عائلة نافيه إلى مكتب الرئيس حيث أمضى أردوغان ساعة كاملة في حوار ودي مع نائيه، بعدها اصطحب أردوغان السفير وزوجته وأولاده والوفد المرافق إلى بهو الاستقبال حيث جرى حفل الاستقبال الرسمي، وتخلل الحفل استعراض حرس الشرف التركي وعزف السلام الوطني الإسرائيلي.

كان هذا الحدث تتويجا لسنوات من المفاوضات المكثفة لتطبيع العلاقات الدلوماسية بين القوتين الإقليميتين الحليفتين في السابق.

لكن على الرغم من أهمية هذا الحدث لم يحظ بتغطية كبيرة من وسائل الإعلام الإسرائيلية والتركية، ومما أثار دهشة الدبلوماسيين الإسرائيليين أن المكتب الصحفي لرئاسة الجمهورية في أنقرة لم يتحدث عن الحفاوة التي استقبل بها أردوغان السفير المعين حديثا، ولذلك لم يحظ الحدث بزخم في وسائل الإعلام التركية، كما لم يحظ الحدث باهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية التي كانت تتابع مفاوضات البلدين باهتمام.

بعد بضعة أيام عين كمال أوكيم سفيرا جديدا لتركيا لدى إسرائيل، واستقبله الرئيس رؤوبين ريبلين بحرارة عند تقديم أوراق اعتماده. وقد دعم ريبلين المصالحة مع تركيا منذ أن كان رئيسا للكنيست، واستخدم رئاسته لتحقيق هذا الهدف.

أعلن مكتب ريبلين عن حفل اعتماد السفير الجديد، معربا عن التزام الرئيس بالعلاقات الثنائية التركية الإسرائيلية، لكن وسائل الإعلام الإسرائيلية لم تتعامل مع الحفل على أنه حدث مهم، وبالمثل لم يحظ الحدث سوى بإشارة في وسائل الإعلام التركية دون تحليل إضافي.

على أن عدم اهتمام وسائل الإعلام بالعلاقات بين البلدين هو ظاهرة حديثة نسبيا، فمنذ ما يقرب من ستة أشهر وفي السابع والعشرين من يونيو/ حزيران 2016 بث التليفزيون الإسرائيلي والتركي على الهواء إعلان المصالحة بين الحكومتين.

ونظرا لأن أسباب هذا التطبيع البارد هي المصالح المتبادلة، فقد أعلن الجانبان الاتفاق في مكانين منفصلين، فأعلن عنه رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم في أنقرة، وأعلن عنه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في روما خلال لقائه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري.

قسم التليفزيون الإسرائيلي والتركي الشاشة لبث الإعلان المتزامن في إيطاليا وتركيا، وكانت هذه هي المرة الأخيرة التي تقدم فيها وسائل الإعلام الإسرائيلية تغطية كبيرة للعلاقات الثنائية بين تركيا وإسرائيل. على أن غياب وسائل الإعلام لا ينبغي أن يفسر على أنه عدم اكتراث بالعلاقات بين البلدين.

كثيرا ما تشير وسائل الإعلام التركية إلى إسرائيل باستخدام الصورة النمطية المعادية للسامية، وغالبا ما تستخدم عبارات أكثر لطفا مثل "اللوبي اليهودي" و"الصهيونية" في تعريف إسرائيل بوصفها مصدر جميع الشرور من محاولة الانقلاب الساقط إلى الهجمات الإرهابية التي يرتكبها داعش وحزب العمال الكردستاني.

منذ أزمة السفينة مافي مرمرة، وخلال الحملات الانتخابية البرلمانية (حزيران/ يونيو 2015 وتشرين الثاني/ نوفمبر في العام نفسه) والانتخابات البلدية (2014) والانتخابات الرئاسية 2014، استخدم الرئيس أردوغان لهجة قاسية معادية لإسرائيل وتكررت في وسائل الإعلام التركية، ومن ثم نقلتها عنها وسائل الإعلام الإسرائيلية.

وبعد تطبيع العلاقات تغيرت اللهجة الرسمية تجاه إسرائيل تغيرا كبيرا، لكن استمر توجيه اللوم لإسرائيل بوصفها سبب مشاكل تركيا. وعلى سبيل المثال كتب تامر كوركماز في العشرين من ديسمبر 2016 في صحيفة يني شافاق الموالية للحكومة "إن حزب العمال الكردستاني مثله مثل تنظيم فتح الله غولن الإرهابي "فيتو" ومثل تنظيم داعش هو منظمة إرهابية تشن هجمات لتحقيق أغراض التحالف الصليبي الصهيوني".

وقد عبر الدبلوماسيون الإسرائيليون العاملون في تركيا في تقاريرهم التي بعثوا بها إلى الخارجية الإسرائيلية عن خيبة أملهم من وسائل الإعلام التركية ومن التحليلات التي تتناول إسرائيل. ازدادت حدة اللهجة المعادية لإسرائيل في مسلسل عرضته القناة الحكومية التركية "تي آر تي" يصور محاولة وهمية لاغتيال السفير الإسرائيلي في تركيا، ومع ذلك لم تبد وزارة الخارجية الإسرائيلية أو وسائل الإعلام الإسرائيلية أي رد فعل تجاه استمرار هذا الخطاب المعادي للسامية مثلما تحركت من قبل في عام 2009 عندما صور مسلسل تركي شهير الجنود الإسرائيليين على أنهم قتله أطفال، ففي ذلك الوقت استدعت الخارجية الإسرائيلية السفير التركي أوغوز شيليك كول، في إجراء يعرف الآن بحادثة "الكرسي المنخفض".

وبالإضافة إلى تراجع الاهتمام بالانتقادات التركية في إسرائيل، لم تعد وسائل الإعلام الإسرائيلية مهتمة بمتابعة معظم قضايا الشأن الداخلي التركي. وعلى الرغم من تغطية وسائل الإعلام الإسرائيلية للهجمات الإرهابية في تركيا، ومحاولة الانقلاب العسكري الساقط، فإنها تجاهلت عمليات التطهير التي تشنها الحكومة التركية في الجيش والقضاء والتعليم في تركيا.

ويتضح موقف وسائل الإعلام الإسرائيلية من تركيا في تغطيتها للمقابلة التليفزيونة التي أجراها الرئيس أردوغان مع برنامج عوفداه في القناة الإسرائيلية الثانية.

في هذه المقابلة التي أجريت في القصر الرئاسي كرر أردوغان انتقاداته المعروفة لإسرائيل، ولم يقدم ما يشير إلى أن تركيا وإسرائيل ستفتحان صفحة جديدة في العلاقات. لم تحظ هذه المقابلة ولا الرسالة التي نقلتها بالحد الأدنى من الاهتمام في وسائل الإعلام الإسرائيلية، في حين نقلتها وسائل الإعلام التركي على نطاق واسع.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس