محمد عزت ابوسمرة - خاص ترك برس

التربية الإسلامية عملية تنشئة وإعداد مستمرة ودائمة للإنسان بهدف الوصول به إلى أقصى درجة ممكنة من الكمال البشري يطلق عليها الربانية يكون فيها مسلما سليم العقيدة صحيح العبادة متين الخلق مثقف الفكر قوي الجسم قادر على الكسب منظم في شؤونه حريص على وقته مجاهد لنفسه نافع لغيره.

هذه التربية تقوم على محاور ثلاثة: المحور الإيماني التعبدي، والمحور الأخلاقي السلوكي، والمحور الدعوي الحركي، ولا تقف علي مجموعة محددة من الوسائل والطرق التي تتخذها سبيلا لترسيخ ركيزة إيمانية تعبدية أو دعم قيمة أخلاقية سلوكية.

أو تنمية منهجية دعوية وحركية بل تبدع في إنتاج الأدوات اللازمة أو تسخير الآليات المتاحة لكي ترتقي بهذا الإنسان من جميع جوانبه المادية والروحية، فيقوم بدوره نحو بيئته ومجتمعه ويشارك بفاعلية في رقيه ونهضته، ومن بين هذه الوسائل الأعمال الفنية التي يكون تأثيرها على الفرد أعظم بكثير من غيرها ولذلك لما يصاحبها من مؤثرات بصرية وسمعية تجعل المشاهد منجذبا لها بخلاف القراءة في كتاب أو الاستماع إلى محاضرة فهي رحلة ليست إلى قرية سياحية أو مدينة ترفيهية ولكن إلى أعماق قصة ودهاليز حكاية مكتوبة بعناية ودقة.

وقد شاهدت أعمالا فنية كثيرة ذات رسالة تربوية جليلة مثل صقر قريش وربيع قرطبة وملوك الطوائف ومريم المقدسة ويوسف الصديق والفاروق عمر والحسن والحسين وقيامة أرطغرل.

والحقيقة أنني رأيت في مسلسل قيامة أرطغرل تركيزه علي محاور التربية الإسلامية الثلاثة أكثر من غيره، ففي الجانب الإيماني التعبدي تكاد لا تمر حلقة دون أن نسمع تلاوة لآيات الله تعالى أو قصة نبي كريم أو موقف من سيرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام، وفي الجانب الأخلاقي السلوكي نرى بوضوح خلق الأخوة كيف يكون هو الرابطة المثلى التي تجمع أبناء المجتمع وتؤلف بينهم وتوحد صفهم وتجمع كلمتهم متضافر معها خلق المحبة والمرحمة والعدالة والشورى والحرية والمساواة  كأصول أخلاقية يستند عليها أبطال المسلسل في مواقفهم وأفعالهم متخذين منها دستورا وأعرافا حاكمة يتمسكون بها ولا يحيدون عنها مهما كلفهم ذلك من تضحيات يرونها شهادة يسعون إليها وهم فرحون بها.

وفي الجانب الدعوي والحركي نسمع كثيرا عبارة ليكن الجهاد منا والنصر من الله ولتكن غزوتكم مباركة قبل الخروج إلى معركة أو السفر إلى مهمة أو وظيفة، هذا إلى جانب وجود شخصيات دعوية تقوم بدور المرشد والمربي والناصح الأمين.

إن نسبة المشاهدة الكبيرة التي يحظى بها مسلسل قيامة أرطغرل يبطل الدعاوي التي لطالما رددها المرجفون في المدينة بأن الجمهور هو الذي يريد أن يرى مشاهد العنف والجنس ونحن نقدم ما يطلبه المشاهدون أو ما هو موجود في الواقع.

إن المشاهد يا سادة إنسان يريد أن يرى عملا يخاطب فطرته ويقوي عزيمته ويعلي همته ويذكره بدوره ووظيفته ورسالته لكي ينهض بها فيشعر بالرضا عن نفسه وتسعد به أمته وليس عملا يثير الغرائز ويصنع الفتن وينشر الفساد.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس