علي خيري - خاص ترك برس

من منا لم يفرح وهو يرى النيران تأكل وكر المجرمين المسمى مطار الشعيرات العسكري بحمص والشهير باسم (مطار الموت الكيماوي)، الذي أطلقت منه عواصف الموت الكيماوية التي اغتالت أكثر من مائه شهيد معظمهم من الأطفال، وتركت وراءها 400 مصاب بخان شيخون في ريف إدلب، من منا لم يفرح بالذل الذي لحق الذليل بشار الأسد وأشياعه، وهم يلوذون بالخنادق خوفا من الصورايخ، كلنا فرحنا ولكن بداخل هذة الفرحة ستجد لدى داخل الكثير منا ألم دفين، فرحتنا مشوبة بتحسر أشعر بالتردد وأنا بصدد إعلانه على الجميع خشية أن يساء فهمي ويحسبني أحدهم متعاطف مع القاتل الفاجر بشار وأشياعه، ولكن دعوني أعلن ما يعتمل في صدري وليكن ما يكون.

قلت إن فرحتي معروفة السبب، فالمطار الذي ضرب أبنائنا الأبرياء قد تحول الى قطعة من الجحيم، أما الحزن فهو من مصدر الضربة، كنت أتمنى أن تكون هذة الصواريخ موجهة من التحالف الإسلامي، الذي من واجبه نصره أخوانه المستضعفين في سوريا بدلا من اللطميات التي عقدت على وسائل الإعلام وبيانات الشجب والإدانة التي لم أعد أتعب نفسي وأعصابي وأقرأها، كنت وقتها سأشعر بالفخر والأعتزاز.

سكوت العرب والمسلمين و-أتكلم هنا بالخصوص عن الحكام ومن بيدهم مقاليد دولنا وجيوشنا-، عن مجزرة ببشاعة خان شيخون والتي لم تكن الأولى، واكتفاؤهم بالكلام والشتم، كعادتهم (انظر مقالي السابق الشتم مقابل الأرض) ثم ترحيبهم بالضربة الأمريكية يكشف لك إلى أي مدى وصلنا، ويعرفك أن مفاتيح التحكم لكل منظوماتنا الصاروخية بل لكل رصاصة تنطلق من فوهة أصغر مسدس هي في أمريكا، فإلى أي درك أخفض من الممكن أن ننزل، وإلى أي ذل من الممكن أن ننحدر.

وهل هناك عاقل يأمن لأمريكا التي نفذت منذ أيام قلائل مجزرة مروعة بأهلنا في الموصل، أو يشك في أنها قد تنفذ أي شيء في مصلحة الإنسانية، أمريكا التي أعلنت بعد الضربة أنها قد أخبرت القوات الروسية قبل شن الضربات الصاروخية على المواقع السورية، والتي من المؤكد أنها أخبرت الميلشيات السورية والإيرانية لكي تنسحب من أماكن الضرب.

كنت أتمنى أن يكون دمار هذا المطار بواسطة قوات الثورة السورية التي حاربناها بخذلاننا لها، وجنى عليها بعض أبنائها بتفرقهم وتشتتهم ونظرهم إالى الأجندات الضيقة، بل إنني كنت  أتمنى ألا يدمر هذا المطار، وتقوم قوات الثورة بالسيطرة عليه، ليذيقوا منه ميلشيات الأسد ومن والاهم سوء العذاب، هذا من ناحية.

ومن ناحية ثانية، أخاف على أمتي أن تكون قد اعتادت أن يقتل أبناؤها تحت الصواريخ والقذائف والبراميل، وهذا الأمر يحدث بصورة يومية، بل يحدث على مدار الساعة، فلما تغير أسلوب القتل بعض الشيء ثارت ثائرة الأمة، وتنبهت فجأة أن هناك جريمة ترتكب، هل هناك أي فارق إذا ارتكبت المجازر فينا بواسطة الكيماوي أو البراميل المتفجرة.

من كامل حقنا أن نفرح بالضربة، ولكن يجب علينا أن نخزى لأننا لسنا نحن الضاربون.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس