محمد عزت ابوسمرة - خاص ترك برس

كانت حياة النبي محمد صلي الله عليه وسلم تسير وفق أهداف مرسومة وغايات مقصودة ويمكننا أن نستخلص هذه الأهداف وتلك الغايات بالتدبر في سيرته العطرة لنجد أن تربيته للمؤمنين به وتركيزه علي الإيمان بالله واليوم الآخر كان الهدف منها هو بناء الإنسان وخروجه إلى الطائف وهجرته إلى يثرب كان الهدف منها إقامة الدولة وفتح مكة واستقبال الوفود وبعث الرسل إلى الملوك كان الهدف منه تأسيس الحضارة التي امتد بعد وفاته من الصين شرقا إلى إسبانيا غربا.

كل حياة بلا هدف نبيل تسعى إليه وتجاهد من أجل الوصول له لا قيمة لها ولا اعتبار، وكلما كان هذا الهدف مرتبطا بالإسلام كلما سهل عليك التضحية في سبيله والثبات في طريقه مهما كانت العقبات التي تقف أمامك والعراقيل التي تواجهك.

طالب يستهدف من مذاكرته التفوق ليكون في الغد طبيبا حاذقا أو مهندسا ماهرا أو معلما نابغة مرضاة لله تعالى لن يجد في طول السهر من أجل تحصيل العلم إلا لذة العابد الناسك الذي يقيم الليل بالقرآن والصلاة.

وعامل يخرج من بيته كل يوم متوكلا علي الله ومستهدفا من عمله إعفاف نفسه وإغناء أسرته ونفع أمته لا يمكن بحال من الأحوال أن تمتد يده إلى الحرام ويختلس مالا عاما أو يقبل رشوة أو يتكاسل عن ما كلف به من أعمال بل يبادر من تلقاء نفسه إلى إتقان عمله دون نظر إلى العائد المادي. 

 وكاتب يستهدف من مقالاته وتدويناته نشر الوعي بقضايا الأمة، وإشعار أبنائها بمدى خطورة أوضاعهم السياسية والاجتماعية الحالية، ويستحث فيهم نخوتهم ومروءتهم كي ينهضوا ويأخذوا بزمام المبادرة وتكون لهم السيادة الحضارية، كاتب كهذا لا يثنيه عن هدفه هذا ورسالته تلك أي رهبة اعتقال كما لا يوقفه إسقاط جنسيته أو التهديد بسفك دمه عن المضي قدما في هذا الطريق الشريف إلى منتهاه. 

 وداعية يستهدف من موعظته في الناس ترغيبهم في قول كلمة الحق وترهيبهم من التخاذل عن نصرة المظلوم، لن تمنعه الخطبة الرسمية المكتوبه عن مواصلة نشاطه الدعوي ولو كان موضوعها النظافة لتحدث عن ضرورة إزالة قذارة المستبدين.

وثائر مقاوم يستهدف من غضبته دفع الفساد والاستبداد وجلب الحرية والكرامة سيظل متمسكا بثورته وبأهدافها ولن يفاوض على الدماء ولن يتنازل عن حقوق الشهداء ولو وقفت كل النخب ضده سيظل هو محتفظا بنضاله.

إن الأهداف العظيمة هي التي تجعل عزيمة الرجال قوية وهمتهم عالية وإرادتهم صلبة فلا يميلون عن الجادة ولا ينحرفون عن الطريق بل يحتسبون عند الله كل عناء ومشقة تقع لهم في أثناء سيرهم بأنها اختبار يجب عليهم ينجحوا فيه كي يكونوا جديرين بتلك المنزلة وهذا الهدف.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس