فيرونيكا فولينغر وزيا فايزه - صحيفة تسايت - ترجمة وتحرير ترك برس

مؤخرا، شهدت العلاقات الألمانية التركية موجة من التوتر بشكل غير مسبوق، مما سيؤثر تبعا على الوضع الاقتصادي لكلا البلدين التي تربط بينهما علاقات وطيدة في هذا المجال.

خلال الأشهر الأخيرة، تصاعدت وتيرة التصريحات النارية بين السياسيين الألمان والأتراك بشكل غير مسبوق. وفي الأثناء، أعربت وزارة الخارجية الألمانية عن نفاذ صبرها بشأن تركيا، في حين هدد وزير الخارجية الألماني، زيغمار غابرييل بإجراء تغييرات جذرية على مستوى السياسة الخارجية الألمانية تجاه تركيا وخاصة في المجالين الاقتصادي والسياحي.

علاوة على ذلك، حذرت الحكومة الألمانية مواطنيها من زيارة تركيا، في الوقت الذي أعلنت فيه عن مراجعة ما يعرف "بضمانات هيرميس"، وهي ترتيبات حكومية محلية تحمي الشركات الألمانية في حال تخلف المدنيون الأجانب عن سداد ديونهم.

من جهته، أفاد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان أنه "ينبغي على ألمانيا مراجعة تحركاتها، إن هذه التهديدات لن تخيفنا". وفي السياق ذاته، وصف وزير الاقتصاد التركي، نهاد زيبكجي  تصريحات غابرييل "بغير المقبولة"، كما اتهم الخارجية الألمانية "بازدواجية الخطاب".

والجدير بالذكر أن الحكومة التركية قد اتهمت ألمانيا بإيواء "جماعات إرهابية" على غرار حزب العمال الكردستاني. وفي الأثناء، تطالب جماعة غولن الحكومة التركية بإطلاق سراح معتقلين ألمان  على غرار  الناشط الحقوقي ، بيتر شتويدتنر و الصحفيين، دينيز يوسيل وميشال تولو.

"لم يصدر إلى حد الآن تحذير رسمي يمنع السفر إلى تركيا"

وجهت الحكومة الألمانية تحذيرات مشددة لمواطنيها من السفر إلى تركيا، وذلك على خلفية اعتقال عدد من المواطنين الألمان بشكل تعسفي في تركيا، في حين لم يُسمح للقنصلية الألمانية بتقديم المساعدة. وفي هذا السياق، أوردت وزارة الخارجية الألمانية أن "المواطنين الذين يسافرون إلى تركيا لأغراض شخصية أو تجارية مطالبون بالتزام الحذر".

وفي الإطار ذاته، صرح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالين أن "هذه التحذيرات تنم عن عدم مسؤولية سياسية من جانب الحكومة الألمانية". من جانبه، أشار أردوغان إلى أن "هذه التحذيرات غير ملائمة البتة".

عموما، لا يمكن الجزم بانعكاسات هذه التحذيرات على  السياح الألمان الذين قاموا بقطع تذاكر السفر باتجاه تركيا. وفي الأثناء، لا يمكن لهؤلاء الأشخاص إلغاء حجوزاتهم إلا في  صورة إصدار تحذير سفر رسمي من قبل السلطات الألمانية.

وفي هذا الإطار، أفاد متحدث باسم وكالة الأسفار "توي" أن "العديد من السياح الألمان اتصلوا بنا للاستفسار عن حجوزاتهم، فيما غير أو ألغى آخرون حجوزاتهم. عموما، تبقى تركيا بلدا آمنا". وأضاف المصدر ذاته أن "ألمانيا لم تصدر تحذيرا رسميا من السفر إلى تركيا".

وتجدر الإشارة إلى أن السياحة التركية تشهد العديد من المصاعب، حيث قصد حوالي 864 ألف ألماني تركيا خلال الخمسة أشهر الأولى من السنة الجارية، وذلك وفقا للإحصائيات الأخيرة الصادرة عن وزارة السياحة التركية بأنقرة. في المقابل، بلغ عدد السياح الألمان الذين سافروا إلى تركيا خلال الخمسة أشهر الأولى من سنة 2016 قرابة 1.16 مليون شخص، فيما بلغ عدد الألمان الذين اتجهوا إلى تركيا خلال الخمسة أشهر الأولى من سنة 2015 حوالي 1.55 مليون سائح.

"الاستثمارات الألمانية محمية بنسبة 100 بالمائة"

في حقيقة الأمر، يفضل العديد من السياح الألمان زيارة مدينتي أنطاليا وبودروم على طول السواحل الغربية التركية نظرا لانخفاض الأسعار في هاتين المدينتين اللتين تقل فيهما الصراعات السياسية في حين يكثر فيهما  أنصار المعارضة.

وفي سياق متصل، أعربت الحكومة التركية عن انزعاجها من القرار الذي اتخذته ألمانيا والقاضي بمراجعة ضمانات هيرميس. فخلال الربع الأول من السنة الحالية، نما الاقتصاد التركي بنسق بطيء، كما تراجعت قيمة الليرة التركية. من جهة أخرى، ارتفعت نسبة التضخم فضلا عن نسبة البطالة. وفي الوقت الراهن، لا يمكن أن تقدم الحكومة التركية على بث الخوف في صفوف المستثمرين الأجانب.

وفي الأثناء، قد يكون انسحاب الشركات الألمانية من تركيا كارثيا. وفي هذا الإطار، أفاد المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين أن "ألمانيا تعد شريكا تجاريا مهما بالنسبة لنا". وتجدر الإشارة إلى أن ألمانيا تعتبر من أهم موردي المنتجات التركية. علاوة على ذلك، خلقت قرابة 7000 شركة ألمانية منتصبة في تركيا ما يقارب عن 60 ألف موطن شغل. ومن هذا المنطلق، أكد وزير الاقتصاد التركي خلال مقابلة صحفية أن "الشركات الألمانية المنتصبة في تركيا محمية بنسبة 100 بالمائة من قبل الحكومة التركية والقانون التركي. عموما، تعتبر هذه الأزمة مع  ألمانيا عرضية".

وفي هذا الصدد، وصلت معلومات لصحيفة "تسايت" تفيد بأن الحكومة التركية قدمت للشرطة الجنائية الألمانية قائمة تضم حوالي 68 مؤسسة ورجل أعمال تربطهم علاقات مشبوهة بالداعية المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، فتح الله غولن، من بينهم كل من شركة دايملر وباسف. خلافا لذلك، أفاد زيبكجي أن "هذه القائمة لا أساس لها من الصحة"، في حين عقّب أردوغان على هذا الأمر قائلا إن "هذه القائمة تعد بمثابة دعاية سيئة".

استثمارات أخرى

أفاد وزير الاقتصاد التركي، نهاد زيبكجي أن "ألمانيا مطالبة بالحد من موجة التصريحات غير الملائمة". في المقابل، صرحت المتحدثة باسم المجموعة التجارية "سيكونومي"، أن "أسهمنا في تركيا في صعود"، علما وأن هذه المجموعة تعد من أهم الشركات التجارية في مجال الإلكترونيات التي تدير 40 متجرا في تركيا. وأضافت هذه المتحدثة قائلة: "من المتوقع أن نبعث المزيد من الاستثمارات هناك".

من ناحية أخرى، ذكر متحدث باسم مجموعة "ميترو" في دوسلدورف أن مجموعة "ميترو" تواكب التطورات الاقتصادية والسياسية التي تحدث في تركيا عن كثب، كما أنها عازمة على بعث المزيد من الاستثمارات هناك، مع العلم وأن هذه المجموعة منتصبة منذ سنة 1994 في تركيا.

من المرجح أن تواجه الشركات الألمانية المنتصبة في تركيا عدة صعوبات في حال تخلت ألمانيا عن ضمانات هيرميس نظرا لأن هذه الضمانات تحمي المستثمرين الألمان من أي خسائر في الخارج. وفي هذا السياق، أورد خبير التجارة الخارجية بغرفة الصناعة والتجارة الألمانية، فولكر تراير، في لقاء مع إذاعة ألمانيا أنه "لا يمكن بعث المزيد من الاستثمارات في ظل هذه الظروف".

على العموم، هناك تراجع على مستوى التبادل التجاري بين البلدين، حيث أكد معهد الإحصاء التركي أن قيمة الصادرات الألمانية من سلع وخدمات تراجعت إلى حدود 1.6 مليار يورو. وفي هذا الإطار، أفاد فولكر تراير "نتوقع تراجع الصادرات الألمانية الموجهة إلى تركيا بنسبة 10 بالمائة في ظل الأحداث الحالية التي ستكون لها العديد من التبعات السلبية".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس