هنجال أولوتش – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

من غير الممكن فهم السبب وراء إشعال ترامب فتيل أزمة القدس دون مقدمات، وهو يعلم أنه سيثير المسلمين والمسيحيين وجزءًا كبيرًا من العالم، وزعزعته الوضع الراهن القائم بصعوبة في فلسطين في وقت يعيش فيه الشرق الأوسط جملة من الاضطرابات والتعقيدات..

هذا بالطبع بالنسبة لمن ينظرون إلى الأمر من بعيد وفق المنطق..

لكن إذا كنتم تتابعون أمريكا وتعرفون شخصية ترامب بعض الشيء لن يكون هناك ما يثير دهشتكم..

ترامب ليس قوميًّا، وعندما خرج بخطاب عنصري لم يأخذه أحد على محمل الجد، وقال البعض إنه لا يمكن أن يكون مرشحًا حتى لحزبه.

ولعل قراء هذا العمود يذكر ون أنني قلت "سيفوز بالترشح، وحتى بالرئاسة"، لعلمي نوعًا ما بطبيعة أمريكا..

وهذا ما حصل..

دعم اليمينيون ترامب وجعلوه رئيسًا، لكن الوضع تغير منذ ذلك الوقت.

بدأت نقاط ترامب بالتناقص..

السبب؟

الإعلام المكتوب بأسره تقريبًا كان مناهضًا لترامب، وكان يهاجمه بلا هوادة يوميًّا.

دعكم من الانتقاد، كانت القنوات التلفزيونية تسخر من ترامب.

لم يكن هناك برنامج واحد تقريبًا بدءًا من البرامج الإخبارية وحتى الكوميدية، لا يهزأ بترامب..

بدوره، لم يكن ترامب يعبأ بهذا الإعلام، وكان يتصرف كما يحلو له، إلا أن الأمور بدأت تأخذ منحى جديًّا في الآونة الأخيرة.

ادخلوا إلى موقع غوغل وابحثوا عن "تحقيقات بحق ترامب" واقرؤا فقط عناوين البحث..

هناك تحقيقان خطيران جدًّا..

خطيران إلى حد أن ترامب يمكن أن يُعزل، كما حدث مع نيكسون..

التحقيق الأول فُتح بدعوى "عرقلة سير العدالة"، وإذا ثبت الاتهام ستصبح رئاسة ترامب في خبر كان.

والثاني حول ادعاء تدخل روسيا في نظام الانتخابات الرئاسية الأمريكية.. وهذا التحقيق يتجه نحو المقربين من ترامب، وحتى أسرته..

ولهذا بدأت نقاط الرئيس تتناقص، لتنخفض إلى ما دون 40%.. تغيير الأجندة هو السبيل لوقف كل هذا الانهيار.. لم تفلح جهود ترامب في تبادل التهديدات مع كوريا الشمالية، وحتى جر العالم إلى حرب عالمية ثالثة لأن الشعب لم يأخذ كيم جونغ أون على محمل الجد..

بعد ذلك، عُرضت عليه فكرة القدس "الجهنمية (!)"..

العقائد هي القضية الأكثر حساسية بالنسبة للعالم.. أطول الحروب وأكثرها دموية، أكبر المجازر على مر التاريخ كان وراءها أسباب دينية..

القدس هي المكان المقدس الوحيد في العالم بالنسبة للأديان السماوية الثلاثة، والتوازن فيها حساس جدًّا ومربوط بخيط رفيع.. إذا لعبتم على هذا الوتر يهتز العالم، وإذا اهتز العالم يتكاتف الشعب الأمريكي حولكم.

أي أن ترامب لا يعبأ باهتزاز القدس وفلسطين وحتى العالم.. على العكس هذا يساعد على تغيير الأجندة..

وعندها ينسى الشعب الأمريكي السياسة الداخلية والتحقيقات وما إلى ذلك، ويضطر للالتفاف حول "الرئيس".

ومن هو الرئيس؟ إنه ترامب!

فهل اتضحت الصورة قليلًا!

عن الكاتب

هنجال أولوتش

كابت في صحيفة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس