ترك برس

قبل وصول العلاقات التركية الأمريكية إلى ماهي عليها في الوقت الحالي من توتر حاد، مرت تلك العلاقات بمحطات كانت سبباً لمآلها إلى ما هي عليها الآن. إلى أن فقدت أنقرة ثقتها بواشنطن كحليف استراتيجي لها. أبرز هذه المحطات دعم الأخيرة لتنظيمات وشخصيات تعتبرها أنقرة إرهابية مثل مليشيات "ي ب ك" الذراع السوري لتنظيم "بي كي كي" الإرهابي، وتخليها عن دعم المعارضة السورية المسلحة، وتوفير الحماية لتنظيم "غولن وزعيمه المقيم على أراضيها، و الذي تتهمه أنقرة بالتورط في المحاولة الانقلابية الفاشلة في يوليو/تموز 2016.

عقب زيارة تيلرسون إلى أنقرة التي تمخضت عن توصل البلدين إلى إنشاء آلية لتطبيع العلاقات، نشرت وكالة الأناضول للأنباء، تقريراً حول أسباب فقدان تركيا ثقتها تجاه واشنطن ومحطات هذه المرحلة.

وبحسب تقرير الأناضول، بدأت مرحلة فقدان الثقة التركية بالولايات المتحدة مع تغيير واشنطن سياستها في سوريا عندما اتجهت قبل نحو ثلاث سنوات للتعاون مع "بي كي كي" بهدف محاربة تنظيم "داعش" في إطار مساعيها لاكتساب مناطق نفوذ شمالي سوريا، ولتجنب إغضاب تركيا، أطلقت واشنطن اسم  "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) على التنظيم الجديد الذي يشكل عناصر "ي ب ك" عموده الفقري، وهو ما أكده القائد في القوات الخاصة الأمريكية رايموند توماس حين اعترف منتصف 2017 بأن بلاده ابتكرت "لعبة قسد" لخشيتها من ردة فعل تركيا.

وعلى الرغم من تحذيرات تركيا المتكررة في هذا الشأن، فإن الجيش الأمريكي واصل تقديم كافة الإمكانيات اللازمة لنمو تنظيمي "بي كي كي" وذراعه السوري "ب ي د/ي ب ك" وتوسيع مناطق سيطرتهما، لتطلق لاحقاً وعداً بأن ميليشيا "ي ب ك" لن تتمدد إلى غربي نهر الفرات، لكنها لم تلتزم بذلك وسمحت لها بتجاوز النهر في صيف 2016، وعقب ذلك أعطت ضمانات جديدة لتركيا بأنها ستسحب عناصر التنظيم من منبج عقب طردها تنظيم "داعش" من المدينة، لكنها أخلت بوعدها مرة ثانية.

إضافة إلى هذا وعقب تقدم القوات التركية نحو منبج في إطار عملية "درع الفرات"، جعلت واشنطن قواتها تتمركز مع ميليشيات "ي ب ك" للدفاع عن منبج.

وبهدف تعزيز دعمها لتنظيم "ي ب ك"، أسست الولايات المتحدة قاعدتين جويتين في كل من الحسكة وعين العرب، كما فرزت جنودها في عشر نقاط عسكرية، فضلا عن تقديمها كميات كبيرة من الأسلحة للتنظيم المذكور بواسطة طائرات الشحن وآلاف الشاحنات عبر شمالي العراق. ورغم نفي الولايات المتحدة أنباء دعمها "ي ب ك"، فإن استمرار توافد شاحنات الأسلحة إلى التنظيم ساهم بشكل كبير في زعزعة ثقة أنقرة في واشنطن.

ومع تولي الرئيس دونالد ترمب الحكم أوائل عام 2017 تواصلت السياسة الأمريكية هذه حيث تم تشكيل فريق مسؤول عن قضايا تنظيمي "داعش" و"ي ب ك" و"بي كي كي"، ومن ثم قدمت واشنطن دعما كبيرا للمليشيات المسلحة في الرقة ودير الزور فتم تطهيرها من "داعش" ، إلا أن الإدارة الأمريكية تركت هذه المناطق بعد ذلك لعناصر "ي ب ك" و"بي كي كي".

وعقب القضاء على "داعش" بشكل كبير، بدأت واشنطن تسعى لإنشاء كيان عسكري منظم ودائم لميليشيا "ي ب ك" و"بي كي كي" شمالي سوريا. حيث ساهم هذا الكيان، الذي أطلقت عليه واشنطن "قوات حفظ الحدود" أو "جيش الشمال" وخصصت له 550 مليون دولار من ميزانيتها لعام 2019، في خلق أزمة جديدة بين أنقرة وواشنطن.

ومن أسباب فقدان الثقة التركية تجاه حليفها الولايات المتحدة، إصرار واشنطن على حماية زعيم تنظيم "غولن" فتح الله غولن المقيم على أراضيها، حيث ساهم تأخر الولايات المتحدة في إعلان تضامنها مع الحكومة التركية الشرعية خلال المحاولة الانقلابية الفاشلة في زيادة شكوك الشعب التركي.

وفيما بعد، بدأت مرحلة المفاوضات بين أنقرة وواشنطن لإعادة فتح الله غولن المقيم في بنسلفانيا الأمريكية، حيث قدمت أنقرة ملفات ووثائق كثيرة تثبت ضلوعه في محاولة الانقلاب الفاشلة، لكن واشنطن تجاهلت ذلك المطلب رغم ارتباطها باتفاقية إعادة مطلوبين مع تركيا.

ومؤخراً ساهم قيام القضاء الأمريكي باعتقال النائب السابق لمدير "خلق بنك" التركي محمد هاكان أتيلا أواخر 2017 على خلفية ادعاءات وتهم تؤشر على نية الولايات المتحدة استخدام قضية "غولن" ضد تركيا مجدداً، في زعزعة الثقة التركية تجاه الولايات المتحدة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!