ترك برس

رأى الدكتور مروان قبلان، الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يعول على انخراط أميركي أكبر لحماية مصالح بلاده الحيوية في سورية.

جاء ذلك تحليل نشرته صحيفة "العربي الجديد"، حول إعلان ماكرون عن أن الضربات العسكرية الأخيرة (الولايات المتحدة - بريطانيا - فرنسا) ضد النظام السوري، أدت إلى إبعاد تركيا عن روسيا.

وأشار قبلان إلى عدم إخفاء الفرنسيين امتعاضهم من تداعيات التقارب الروسي - التركي الذي بلغ ذروته في العملية العسكرية التي قامت بها تركيا، بالتفاهم مع روسيا، لإخراج وحدات حماية الشعب الكردية (YPG) من "عفرين".

وعبّر عن ذلك ماكرون باجتماعه في الإليزيه مع زعماء الحزب الديموقراطي الكردي الذي تعده تركيا فرعا سورياً لحزب العمال الكردستاني، وردت تركيا بالكشف عن مواقع تمركز القوات الخاصة الفرنسية في مناطق شرق سورية، وعددهم نحو 300 عنصر.

ووفقًا للباحث السوري، خرج ماكرون باستنتاجه عن نجاح الضربة في تفريق الحسابات الروسية - التركية من إعلان تركيا من دون لبس عن تأييدها الضربة العسكرية الثلاثية، الأمر الذي أثار استياء موسكو وطهران، وأوحى بمحدودية التفاهمات بين شركاء أستانة وآنيتها.

فوق ذلك، كشف ماكرون عن نجاحه في اتصال هاتفي في إقناع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بالإبقاء على الوجود العسكري الأميركي في مناطق شرق الفرات.

وعلى الرغم من نفي البيت الأبيض مضمون محادثة ماكرون، إلا أن ذلك فضح مخاوف فرنسا من تحول سورية التي كانت تعد منطقة نفوذ تاريخية لها منطقة يتقاسمها الروس والأتراك والإيرانيون في حال خروج الأميركيين.

وقد تصاعد الغضب الفرنسي أكثر بعد قمة أنقرة التي أعطت الانطباع بنجاح ثلاثي أستانة في تهميش الغرب كليا في الشأن السوري، وذلك عشية إعلان الرئيس ترامب نيته الانسحاب من سورية، الأمر الذي كان له وقع الزلزال في الإليزيه.

ويقول قبلان إن مشكلة ماكرون أن بلاده لا تملك الإمكانات اللازمة لترجمة طموحاته الدولية الكبيرة، فقد تراجعت فرنسا هذا العام إلى المرتبة السادسة بين الاقتصادات العالمية، بعد أن أخذت الهند مكانها.

وعسكريا، تبدت حدود قوة فرنسا في الحملة العسكرية التي أطاحت معمر القذافي، عندما نفذت ذخائر القوات الجوية الفرنسية خلال ثلاثة أيام من بدء الهجوم. لهذه الأسباب، يعول ماكرون على انخراط أميركي أكبر لحماية مصالح بلاده الحيوية في سورية، لكن ترامب، بعقلية التاجر، يبدو واعيا لذلك، والأرجح أنه سيطلب من ماكرون مقابلا.

أما إذا فشل التفاهم مع ترامب، فالأرجح أن يميل الفرنسيون أكثر تجاه الأكراد، صحبة إسرائيل ودول الخليج العربية الساعية إلى الحد من نفوذ إيران وتركيا في سورية، حتى لو أدى ذلك إلى تفكيكها، وفق رأي الكاتب.

في سياق متصل، ترى الكاتب والمحللة السياسية سعادت أوروتش، في تحليل بصحيفة "ستار" التركية، أن ماكرون يعتقد أن فرنسا ستكون الممثل الوحيد لأوروبا بصفتها عضو دائم في مجلس الأمن الدولي، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وتقول أوروتش إن ماكرون يسعى لتقلد الزعامة في أوروبا، وبعيدًا عن لا معقولية هذا الطموح، يتضح مدى خطأ الرئيس الفرنسي في قراءة العلاقات التركية الروسية.

أمّا رئيس مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا"، برهان الدين دوران، فقد أشار في تحليل بصحيفة "صباح" التركية إلى أن أنقرة كانت أكثر من انتقد عدم وجود سياسة شاملة لدى الغرب بخصوص سوريا، والتزامه الصمت إزاء مجازر الأسد.

وقال دوران إن ضعف سياسة الغرب وأنشطته ضد تركيا كان العنصر الرئيسي الذي أجبر أنقرة على التعاون مع موسكو وطهران رغم تضارب مصالحها معهما في سوريا.

ومع ذلك، لم تتردد أنقرة في التعاون مع القوى التي تشاطرها قواسم مشتركة في سوريا، ومثالًا على ذلك عرضها على الولايات المتحدة التعاون في عملية الرقة.

ووفقًا لدوران، فقد تمكنت العلاقات التركية الروسية من الخروج بسلام من أزمتي "إسقاط المقاتلة" و"اغتيال السفير". وأصبحت قوية بحيث لا تتأثر بمثل هذه التجاذبات، لأنها تستند إلى مصالح ملموسة وليس إلى استقطابات إيديولوجية.

وأضاف الخبير التركي أنه "ما لم يتبع الغرب سياسة تهدف إلى إسقاط الأسد أو تتخلى تمامًا عن وحدات حماية الشعب، لن يستطيع فك التحالف التركي الروسي".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!