ترك برس

الإعلام وحرية الرأي سلاحان يستخدمهما العالم الخارجي في الاجتماعات السياسية والمؤتمرات الصحفية لإدانة تركيا وحشرها في زاوية الاتهام بتهم عدم مراعاة حرية التعبير وحرية الإعلام. ويأتي البرلمان الأوروبي على رأس قائمة المُتّهِمِين.

لا يفتأُ هؤلاء يرددون عبارات تفيد بأن الحكومة التركية قد أنشأت إعلاما خاصا بها، ويجد المسؤولين الأتراك أنفسهم مضطرين عند سفرهم للخارج للدفاع عن موقف تركيا وإثبات أن الحكومة لا تُسكِت الإعلام المعارض ولا تحرمه حق التعبير.

والملفت للنظر أنّ الأسئلة والأتهامات توجه دائما بنفس المنطق وبنفس الشكل الذي يولد انطباعا بهيمنة الحكومة المركزية التركية واستبدادها.

كما أنّ من الملفت للنظر أنّ كل ذلك يجري في وقت واحد كما لو كانت هناك حملة موجهة ضد تركيا، ويدعم هذه الحملة ويغذيها الإعلام الأجنبي وامتداداته في تركيا على الدوام. لقد شهدت على ذلك بنفسي حين كنت المسؤول الإعلامي لرئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان عندما كان رئيساً للوزراء.

لم يخالف تقرير البرلمان الأوروبي الأخير التوقعات بأسلوبه حين انتقد التحقيقات القضائية التي أجريت بحقّ مُنتسبِي إعلام جماعة فتح الله غولن بلهجة قاسية. ولا تزال هذه الحملة التي بدأت منذ فترة في أوروبا ضد الرقابة الإعلامية في تركيا مستمرة حتى الآن.

إن معرفة حقيقة أمر الإعلام في تركيا ليست بالأمر الصعب أو المستحيل. تُصدِر كل جريدة مرة في الأسبوع تقريرا عن عدد النسخ المباعة للجريدة، وبالنظر إلى هذه التقارير يمكن معرفة الوضع الحالي.

يُمكِننا أن نلقي نظرة على التقارير التي أصدرتها الصحف في الأسبوع الماضي، وسيكفينا هذا لمعرفة الوضع دون أي شرح أو توضيح.

يبلغ عدد الصحف التي تصدر يوميا في تركيا 39 صحيفة، وتطبع هذه الصجف يوميا ما بين 4.5 مليون و5 مليون نسخة، ويزيد هذا الرقم أو ينخفض في الصيف عنه في الشتاء وفي حال حدوث أمر هام.

وهذا الرقم الذي هو في انخفاض مستمر يُعدّ قليلا للغاية إذا ما قورن بالبلدان المتقدمة. فصحيفة يومييوري شيمبون في اليابان تبيع في اليوم الواحد 14 مليون نسخة. أمر آخر يدعو للأسف حقا في تركيا هو مصداقية هذه الأرقام ولكنه ليس موضوعنا الآن.

إذا ما استثنينا من هذه الصحف صحيفتان رياضيتان يبقى لدينا 37 صحيفة ذات اتجاه سياسي. يمكن تصنيفها على النحو التالي:

قصدت عدم ذكر أسماء هذه الصحف بسبب المكان الذي يتطلبه ذلك، وأمّا الإتجاه السياسي للصحيفة فهو موضوع نقاش إذ قد يختلف النظر في تحيز هذه الجريدة إلى الحكومة أو ضدها. فقد اتُّهِمت بعض الصحف أحيانًا بتبنّي توجه سياسي يميل إلى الحكومة أو يعارضها، ولكن مهما اختلف التصنيف لن يختلف الوضع.

تشكّل الصحف المعارضة للحكومة الغالبية العظمى للصحف، بينما تمثّل الصحف التي تتهم بأنها أُسِّست و/ أو وُسِّعت من قبل الحكومة النسبة الأقل من حيث عدد النسخ. ونفس الشيء يمكن أن يقال عن القنوات التلفزيونية التي تمتلكها تلك الصحف.

فإذا من هو صاحب الكلمة والتأثير على الرأي العام في تركيا ومن الذي يمتلك القدرة على توجيهه؟

بقي علينا الإجابة عن سؤال واحد: هل تتمتع الصحف المعارضة بكامل الحرية لتقول ما تريده؟ سأتكلم عن هذا غدا بالأمثلة.

عن الكاتب

كمال أوزتورك

إعلامي صحفي تركي - مخرج إخباري وكاتب - مخرج أفلام وثائقية - مدير عام وكالة الأناضول للأنباء سابقًا


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس