طه أق يول - جريدة حرييت - ترجمة وتحرير ترك برس

يعقد حزب الشعوب الديمقراطي آمالا كبيرة على اجتياز العتبة الانتخابية بالحصول على نسبة 10 بالمئة من الأصوات في الانتخابات البرلمانية القادمة.

ويبدو أن المتمسكين بالهوية التركية هم الأغلبية العطمى والمتنفذة في الحزب. وماقاله زعيم الحزب "صلاح الدين ديميرطاش" يثبت ذلك.

ويُرغِمُ تخطّي العتبة الانتخابية الحزب على التمسك بالهوية التركية.

في مثل هذه الأجواء، لم تستهدف عناصر حزب العمال الكردستاني بي كي كي الجنود الأتراك مطلقة عليهم النار في أعلى قرية توتيك في مدينة آغري شرق تركيا على الحدود مع أذربيجان، حيث استمرت النزاعات 12 ساعة.

علينا أن نتلقى الخبر بالكثير من الرويّة وألا نحكم أحكاما مسبقة، ونتجنب فرضيات المؤامرات التحريضية.

هل هو تحريض من رئاسة الأركان؟

أولا: تقول فرضية ديميرطاش:  إن رئاسة الأركان التركية قامت بهذه العملية التحريضية لكي تكون موضعا يتكلم عنه رئيس الجمهورية في كلمته التي يلقيها في مدينة سكاريا ليتكلم فيها عن العلاقة بين حزب الشعوب الديمقراطي والسلاح! أي أن هذه النظرية تعتمد في أساسها على فكرة أن رئاسة الأركان التركية تقوم بدعاية انتخابية لحزب العدالة والتنمية الحاكم.

وتصريحات رئاسة الأركان جاءت على النحو التالي: إن عملية إطلاق النار على الجنود الأتراك هي ضغط تمارسه المنظمة الإرهابية لتجبر المواطنين على انتخاب المرشحين الذين تدعمهم.

ويعلل ديميرطاش نظريته بأن رئاسة الأركان التركية تربط بين حزب الشعوب الديمقراطي وتنظيم حزب العمال الكرديستاني بي كي كي لكي تخلق علاقة بينهما في أذهان الناس وبذلك تقوم بعمل دعاية انتخابية لحزب العدالة والتنمية.

على الرغم من أن الكل يعلم علم اليقين أن حزب الشعوب الديمقراطي وتنظيم البي كي كي هما الفرعان السياسي والمسلح للحركة الكردية، حيث يزور الحزب الكردي القيادات المسلحة في مرتعها في جبال قنديل.

لو أن رئاسة الأركان أرادت تنفيذ عملية تحريضية في قرية توتيك فما شأن الـ25 مسلحا من منظمة البي كي كي الكردية الذين تواجدوا في القرية؟ ومن الواضح أنهم كانوا مستعدون ومجهزون تماما لخوض النزاعات التي استمرت على مدى 12 ساعة....ولا تبدو فكرة دميرطاش أن ما حدث كان دعاية انتخابية نظمتها رئاسة الأركان التركية لدعم حزب العدالة والتنمية، فكرة قابلة للتصديق.

الجناح المسلح

قد تكون عملية إطلاق النار على جنود أتراك من قبل جماعة مسلحة من البي كي كي خارجة عن تعليمات قيادات جبال قنديل، لقد شهدنا في الماضي أمثلةعلى ذلك، وقد تكون عملية من الأطراف التي تفضل النزاع المسلح. لا دليل أكيد بين يدينا على ذلك.

لذلك من الصعب أطلاق أحكام أكيدة عن الأمر، ولكن الأكيد أن الحركة الكردية شأنها شأن الحركات المسلحة الأخرى تضم من هم يبحثون على الحلول بطرق ديمقراطية، ومن هم يرجحون كفة السلاح.

وبالطبع هؤلاء الذين رفضوا مطالب أوجلان بتراجع العناصر المسلحة إلى خارج الحدود، لم يأت رفضهم هذا عنوة، هل كان لهم تنفيذ مثل هذه العمليات وخوض نزاعات مع الجيش التركي، لو أنهم انسحبوا؟

الديمقراطية الكلاسيكية

لقد كانت الأصوات التي حصل عليها دميرطاش في الانتخابات الرئاسية الماضية، نتيجة لكلماته التي تصب في مصب الفكر اليساري غير المتطرف التي خاطب فيها الشعب التركي ولم يستخدم فيها لغة منظمة حزب العمال الكردستاني بي كي كي.

لقد كانت هذه تجربة جديدة في الحركة الكردية، والآن تقوم الحملات الانتخابية للحزب على هذا المنوال في الانتخابات العامة المقبلة، وإننى أرى أن ما صرح به ديميرطاش حول العملية التي درت قبل يومين في قرية توتيك هام للغاية، حيث قال: "اللعنة على من يحاول أن يجني أصوات الناحبين من وراء استخدام السلاح، اللعنة علينا إن كنا نحن، وعليكم إن كنتم أنتم!"

حتى لوكان ديميرطاش يوجه انتفادا إلى هيئةالأأركان التركية بهذا إلا أنه قد أوضح موقفه المعادي لاستخدام السلاح وللإرهاب.

ومن المعروف أنه مع مرور الزمن تتم تصفية مؤيدي الديمقراطية عن المصرّين على استخدام العنف في الحركات المسلحة.

لم تتخلص الحركة السياسية في تركيا من سيطرة المنظمات المسلحة ولكن هناك مساعي تبذل من أجل ذلك.

الأسوأ بالنسبة للأتراك والأكراد هو حرب داخلية عرقية، والأفضل هو تطبيق الديمقراطية الكلاسيكية ليتعايش كلا الأتراك والأكراد في نسيج موحد في تركيا.

الديمقراطية الكلاسيكية ليست ما يكتبه حزب المجتماعات الكردية في وثائقهم ويصفونه بالمذهبية الديمقراطية وليس الشمولية التي هي فرض سيطرة الدولة التامة في كل المجالات.

عن الكاتب

طه أق يول

كاتب في صحيفة حرييات


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس