طه آقيول - صحيفة حرييت - ترجمة وتحرير ترك برس

منذ مئة عام ومفهوم الهوية الأرمنية  مرتبط بمفهوم "الإبادة" وأنا أعتقد أنه ليس من الممكن ذكر أي حقائق من شأنها أن تغير رأي الرئيس الأرمني "سيرج سركسيان" حول الأمر لا من الناحية السياسية ولا من الناحية العاطفية.

لقد عاش الأرمن فاجعة، هذه حقيقة. ولكن أن يقول سيركسيان عن الفاجعة التي عاشها الأتراك "كان من الممكن لساكني بعض القرى أن يغادرو قراهم" ويصغر هول ما عاشه الأتراك أمر غير وجداني وغير قابل للفهم.

إن قول سيركسيان هذا هو مثال واضح للعيان لما يسمى بالشوفينية (المغالاة في الوطنية).

هل هي عدة قرى بالفعل؟

لن أتكلم عن الإرهاب في التاريخ الأرمني ولا عن تنظيمي الهشناق والتاشناق اللذين كان لهما نشاطات إرهابية وارتكبا عمليات دموية.

ولن أتكلم عن القبور الجماعية التي صنعها الأرمن الذين كانوا ذوي شأن في المجتمع العثماني ولا عن تحالفهم مع الجيش الروسي في الحرب ضد تركيا والقبور الجماعية التي وجدت فيما بعد.

سأذكركم بالعصيان الذي قام اعتبارا من تاريخ آذار / مارس 1914 والذي قتل فيه المسلمون وهجروا في مدينتي وان وبتليس.

لم يكن هناك من حملوا سلاحا بين صفوف الشعب في الدولة العثمانية إلا في معركة صاري قامش وجناق قلعة وحركة القنال. وبحسب ما يذكر المؤرخ "إيدورد أريكسون" أن قوات الدرك والشرطة التي كانت تعمل على إستتباب الأمن في الدولة الغثمانية كانت ضعيفة للغاية. في حين أن "مرشحوا الأارمن المتطوعين" كانوا يقومون بأعمال إرهابية بأمر من القيصرية الروسية، وقطعوا خطوط التلغراف التي كانت عندها وسيلة الاتصال وسيطروا على مدينة وان ودخلها الجيش الروسي وتكرر نفس السيناريو في مدينة بتليس شرقا.

وبلغ عدد المسلمون الذين قتلوا في منطقة وان -بتليس شرق تركيا وهجروا وفروا إلى الولات العثمانية الأخرى في وسط تركيا الحاليةـ 30 ألف مسلم!

كان الأرمن يقومون بتطهير عرقي كخطوة على طريق تأسيس أرمينية حلمهم التاريخي. تماما مثل لجنة البلقان.

شرق تركيا

يروي المؤرخ الأرمني لويس نالبانديان في كتابه كيف إتخذت اللجان الأرمنية الجان البلقانية مثالا وقدوة يحتذى بها. وهذا يعني، اقتطاع منطقة شرق تركيا من تركيا مثل روملي فرب تركيا.

وكتب المؤرخ الأرمني "آرسين أفعيان" في كتابه "الأرمن والاتحاد والترقي" مايلي:

"إن اقتطاع أجزاء من اوربا والضعف الذي أصاب كيان الدولة في حروب البلقان ، خلق الأمل في بعض الأوساط الأرمنية بأن الولايات الأرمنية ستتلو الولايات البلقانية."

وكان حلمهم تأسيس أرمينيا شرق تركيا تماما كما حصل في روملي حيث أزيل أي تواجد تركي في المنطقة....مع العلم أنه لم يكن عدد السكان من الأرمن يتجاوز 20-25 بالمئة في أي ولاية عثمانية، وهذا ما دفع اللجان الأرمنية للقيام بتطهير عرفي في كل مكان دخلوه.

وكانت انعكاسات الحرب العاليمة الأولى في شرق الأناضول واضحة هي: هل سوف يبقى شرق الأناضول مع  سواس وطرابزون  حزءا من تركيا أم أنه سوف يصبح أرمينيا.

وقد كنب في هذا الصدد المؤرخ المختص بتعداد السكان "جوستين ميكارتي" أن عدد سكان الدولة العثمانية قد انخفض ما بين تاريخي 1912-1922 قد انخفض بنسبة 60 بالمئة.

ألم مشترك

إن ما حدث هو مأساة مشتركة. إنني أعلم بالفاجعة التي عاشها الأرمن وإنني أقاسمهم أحزانهم كملا يين المواطنين الأتراك. وأحب الأرمن الذين لا يناصبون الاتراك عداءا.

وكنت أتمنى لو أن الرئيس الأرمني سيركسيان قال كلمة صادقة حميمة بوازع من الضمير بدل أن يقول "كان من الممكن لساكني بعض القرى أن يغيروا قراهم".

من الممكن لسيركسيان أن يقول "إبادة" ومن حقي أن أقول إنها الشوفينية الأرمنية تستغل مفهوم الإبادة ضد تركيا.

من المألوف أن تختلفوجهات النظر السياسية ولكن يمكن أن تجمعنا المشاعر الإنسانية لنتقاسم الآلام المشتركة، أليس حري بنا أن نفتح صفحة جديدة في العلاقات التركية الأرمنية؟

عن الكاتب

طه أقيول

كاتب في صحيفة حوريت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس