عبد الله مراد أوغلو - يني شفق

أشار البيان الختامي لقمة الناتو في فيلنيوس إلى أن سياسات الصين وقوتها العسكرية المتزايدة تمثل تهديدا لمصالح وأمن وقيم الناتو. وردا على بيان الناتو، دعا المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية "وانغ ون بين" إلى التخلي عن عقلية الحرب الباردة القديمة والألاعيب التي لا تأتي ينتيجة حسب وصفه. وقال "وانغ ون بين" إن حلف الناتو يجب أن يمتنع عن اتخاذ موقف يمكن أن يؤدي إلى حدوث عواقب وخيمة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مضيفا: "لا تبحثوا عن ذرائع لمواصلة التوسع في المحيط الهادي، ولعب دور بناء في السلام والاستقرار العالميين".

من أهم أسباب التوترات في بكين مشاركة قادة اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا من آسيا والمحيط الهادئ في "قمة الناتو" في فيلنيوس.

وبينما تحاول إدارة بايدن تطوير الاتصالات والحوار مع بكين، تتبع بنفس الوقت أجندة سياسية صارمة ضد الصين. فالصقور المناهضين للصين في كلا الحزبين يشكلون الأغلبية في الكونغرس الأمريكي، وهذا ما يدفع إدارة بايدن إلى اتباع سياسة ازدواجية.

ويرى "الحزب المناهض للصين" بأن كل محاولات إدارة بايدن للدخول في حوار مع الصين، حتى لو في إطار "الدبلوماسية"، تجعل الولايات المتحدة تبدو ضعيفة. هناك أجواء مشحونة من عدم الثقة في مبادرات الحوار بين واشنطن وبكين. ويلقي الصينيون باللوم على الأمريكيين بأنهم يقولون شيئا ويفعلون شيئا آخر.

لقد زارت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين والمبعوث الخاص لشؤون المناخ جون كيري بكين، وذلك بعد زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، .

التقى الرئيس الصيني شي جين بينغ مع بلينكن ولكن لم يلتقي مع جانيت يلين وجون كيري. بالمقابل اُستقبل وزير الخارجية السابق هنري كيسنجر استقبالا حافلا في بكين حيث أجرى زيارته في نفس الوقت الذي زار فيه كيري بكين.

كيسنجر هو الذي رتب للرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون زيارة بكين عام 1972 للقاء زعيم الحزب الشيوعي الصيني ماو تسي تونغ. لقد غيّر هذا اللقاء المفاجئ مسار العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، ولا سيما أنه عُقد خلال فترة ساخنة من الحرب الباردة.

استقبل شي جين بينغ كيسنجر بعد اجتماعه في بكين مع وزير الدفاع الصيني لي شانغفو وكبير الدبلوماسيين الصينيين وانغ يي.

ويتعرض الدبلوماسي السابق كيسنجر (100 عام) لمضايقات من قبل الصقور المناهضة للصين بسبب دعوته إلى حوار بناء وتعاون بين الولايات المتحدة والصين. وتعتبر بكين كيسنجر "صديقا للصين".

وبالعودة إلى قمة فيلنيوس، تشكو بكين من أن الولايات المتحدة تحاول جمع حلفائها الأوروبيين وحلفائها في آسيا والمحيط الهادئ ضد الصين. غالبا ما يشير الصينيون إلى أن الناتو يُستخدم كأداة لهذه السياسة الأمريكية.

ويرى الحزب المناهض للصين أن حلف الناتو لابد أن يتوسع ليس فقط في أوروبا، بل وأيضا يشمل منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وبالفعل ظهر عضوا لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي، الديمقراطي تامي داكوورث والجمهوري دان سوليفان في برنامج تلفزيوني على قناة "إن بي سي نيوز" في 16 تموز/يوليو الجاري وقاما بتوجيه دعوة إلى توسيع حلف الناتو ليشمل جيران الصين. ويُعرف السيناتور تامي داكوورث، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، بأنه سياسي مؤثر لعب دورا مهما في مشاريع القوانين المتعلقة بتسليح الولايات المتحدة لتايوان.

ويرى الديمقراطي تامي داكوورث والجمهوري دان سوليفان بأن توسع الناتو في آسيا أمر حتمي يجب أن يُنفذ في السنوات الـ 10 المقبلة. وقال السيناتور داكوورث: "بالنظر إلى اتفاقية أوكوس الناجحة بين المملكة المتحدة وأستراليا والولايات المتحدة، فإننا نستطيع توسيع الناتو وفعل ذلك" . وأشار داكوورث إلى أن حلفاء الولايات المتحدة الآسيويين كانوا مهتمين إلى ما يحدث في أوكرانيا، مدركين أن هناك حاجة أكبر للانضمام إلى حلف الناتو وعودة حلفاء الناتو إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

لم يتبق أي دولة من خارج حلف الناتو على الحدود الغربية لروسيا سوى بيلاروسيا وأوكرانيا. ويبدو أن حلف الناتو يبني جدارا بين أوروبا وروسيا يشبه الستار الحديدي لحقبة الحرب الباردة القديمة. تريد الصقور المناهضة للصين في أمريكا أن يحقق حلف الناتو احتواء مماثلا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وشرق وجنوب الصين. عندما يتم دراسة خريطة نوايا الصقور سنفهم بشكل أفضل نطاق "الحرب الباردة الجديدة".

عن الكاتب

عبد الله مراد أوغلو

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس