ترك برس

أشار الكاتب والإعلامي التركي توران قشلاقجي، أن العالم بدأ يشكك في وجود إسرائيل، وأن الوحشية التي نشهدها على الهواء المباشر منذ فترة طويلة، حرّكت الضمير العالمي في البحث عن عالم جديد وعادل.

وفي مقال له بصحيفة القدس العربي، استشهد قشلاقجي بعبارات للسفير الأمريكي السابق تشارلز فريمان، يقول فيها إن «إسرائيل تُجسد قيم كو كلوكس كلان، وأنا لا أتشارك معها هذه القيم»، وإن «ما يحدث في غزة هو عقاب جماعي».

ثم طرح فريمان الأسئلة التالية في نهاية مقابلة صحافية: «يتساءل جزء كبير من العالم الآن: هل تستحق إسرائيل الوجود؟ هل يمكن الحفاظ على علاقات طبيعية مع دولة تتصرف بشكل غير إنساني وتتجاهل القانون الدولي؟». وفق الكاتب.

وكان الفيلسوف الشهير زيغمونت باومان، وهو يهودي بولندي المولد هرب من النازية، قد أعلن أنه أصيب باليأس والحزن العميقين، بعد أن أمضى ثلاث سنوات في إسرائيل في سبعينيات القرن العشرين، وذلك بسبب «احتكار» إسرائيل وأنصارها للمحرقة.

في عام 1977، شاهد الكاتب النمساوي جان أميري، قبل عام من انتحاره، تقارير إعلامية حول التعذيب الممنهج للسجناء العرب في السجون الإسرائيلية. ومثل العديد من الناجين من معسكرات الموت النازية، كان أميري قد بدأ يشعر «بالارتباط الوجودي» بإسرائيل في الستينيات.

لكن التقارير عن التعذيب في السجون الإسرائيلية دفعته إلى إعادة تقييم حدود تضامنه مع الدولة اليهودية. وكتب في إحدى مقالاته قائلا: «أدعو جميع اليهود الذين يرغبون في البقاء بشرا إلى معارضة التعذيب الممنهج بشكل جذري، لأنه عندما تبدأ الوحشية، فإن حتى الالتزامات الوجودية يجب أن تنتهي».

وتساءل قشلاقجي في مقاله: ماذا كان الكاتب اليهودي أميري سيقول لو رأى ما تفعله إسرائيل في غزة اليوم؟ وأضاف: المفكر والطبيب والكاتب الشهير غابور ماتي، الذي فقد معظم أفراد عائلته خلال المحرقة، وصف العمليات العسكرية الإسرائيلية المروعة في قطاع غزة بأنها «الإبادة الجماعية بحد ذاتها».

وفي إعلان نشرته مجلة «N+1»، أكد نحو 100 فنان وكاتب وعالم يهودي أنهم «يرفضون اعتبار الانتقادات الموجهة لإسرائيل على أنها معاداة للسامية»، ووجهوا دعوة لألمانيا لكي تتوقف عن تقييد الحريات في هذا الصدد.

وقال الكاتب التركي إنه في الأسابيع الأولى من المذبحة التي ارتكبتها إسرائيل، دعا أكثر من 1500 مواطن إسرائيلي المحكمة الجنائية الدولية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة بسبب وقوع جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب في غزة. وأعادت ممارسات إسرائيل إلى الأذهان كلمات للكاتب الفرنسي الشهير جان بول سارتر، يشير فيها إلى أن «المظلومين اليوم سيكونون الظالمين غدا».

وتابع: لعل سارتر كان يتذكر قصة «الذئب والحمل» في حكايات لافونتين، التي كانت تجسد نظرية مفادها أنه «من كان قوياً يفعل ما يريد؛ ويغلب الضعفاء. وحتى لو كان على خطأ، فقد يبدو على حق في النهاية». وما تمارسه إسرائيل اليوم لا يختلف كثيراً عن قصة الذئب والحمل.

ألا يعمل القانون الدولي لصالح الأقوياء؟ ألا تصطف الحقائق الجيوسياسية والقيم الحديثة بجانب الأقوياء في معظم الأحيان؟ ألا يقف هذا الفهم لـ»قانون القوة» عائقا أمام دول العالم الأخرى ذات الضمير الحي، خاصة الدول الإسلامية، في وقف اضطهاد إسرائيل؟

وقد وجه الفيلسوف اليهودي الشهير مارتن بوبر، الذي عاش آلاما كبيرة، تحذيرا لإسرائيل من القدس في ستينيات القرن الماضي، قائلا: «إن المجتمع الذي لا يقيم علاقات سلمية مع الشعوب الأخرى بحثاً عن حقيقة واقعية لا يمكن أن يكون مجتمعاً بالمعنى الحقيقي. ومن لا يستطيع أن يدير علاقات الجوار لا يمكنه إيجاد الحقيقة».

في المحصلة؛ ترتكب إسرائيل إبادة جماعية كبرى بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، وتحظى ممارساتها الوحشية بحماية هذه القوى. ويعتبر هذا الوضع علامة على مستقبل عالم مفلس ومنهك.

وعلى الرغم من كل الدعاية الإسرائيلية المضللة، فإن غالبية الضمير العالمي، أي مليارات البشر، يعبرون عن غضبهم وكراهيتهم في الشوارع ووسائل الإعلام الرقمية حول العالم.

وأصبحت شعوب العالم تعارض النظام القديم الفاسد، وتشكك في وجود إسرائيل الوحشية، وتضع أسس نظام عالمي جديد. ويتقدم هذا النظام الجديد نحو بناء عالم يقوم على العدالة والحياة الإنسانية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!