ترك برس

تناول تقرير لصحيفة "عربي21" دوافع التصعيد التركي المتمثل في فرض قيود على تصدير مجموعة واسعة من المنتجات إلى إسرائيل لحين إعلان وقف إطلاق النار في غزة.

وأشارت الصحيفة إلى إعلان وزارة التجارة التركية فرض قيود على الصادرات إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي بهدف دفعها إلى وقف إطلاق النار في غزة، موضحة أن قرار تقييد الصادرات يشمل 54 منتجا منها حديد الإنشاءات والفولاذ المسطح والرخام والسيراميك والأسمدة الكيميائية ووقود الطائرات.

وقالت الوزارة إن القرار سيدخل حيز التنفيذ اعتبارا من تاريخ صدوره في 9 نيسان /أبريل الجاري، وسيستمر إلى غاية إعلان دولة الاحتلال الإسرائيلي وقفا فوريا لإطلاق النار بغزة، وسماحها بتقديم مساعدات كافية ومتواصلة للشعب الفلسطيني في القطاع.

وأكدت أن "تركيا لم تقم منذ فترة طويلة ببيع إسرائيل أي منتج يمكن استخدامه لأغراض عسكرية"، وذلك في إشارة إلى التقارير التي تحدثت عن تواصل تصدير مواد متفجرة وبارود وذخائر إلى دولة الاحتلال منذ مطلع العام الجاري، وهو ما نفته الحكومة التركية بشكل قطعي.

ويرى الباحث بالشأن التركي محمود علوش أن التصعيد التركي الجديد ضد "إسرائيل" ينبع من دافعين أساسيين، أولهما الضغط الشعبي الذي يواجه حكومة أردوغان بسبب تواصل التجارة، موضحا أن هذا الضغط كان أحد الأسباب المتعددة التي أدت إلى خسارة حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في الانتخابات المحلية الأخيرة.

ويضيف في حديثه إلى "عربي21"، أن الدافع الثاني يتمثل في رفض الاحتلال الإسرائيلي إدخال تركيا المساعدات الإنسانية إلى الشعب الفلسطيني في قطاع غزة عبر الجو.

والاثنين، كشف وزير الخارجية هاكان فيدان، عن عزم أنقرة اتخاذ سلسلة تدابير جديدة ضد الاحتلال، على خلفية عرقلته مساعي بلاده لإيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. وقال فيدان إن بلاده تعتزم اتخاذ سلسلة تدابير جديدة ضد الاحتلال، على خلفية عرقلته مساعي أنقرة الرامية إلى إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة.

ولم يتطرق فيدان في حديثه للصحفيين بالعاصمة أنقرة، إلى فحوى التدابير غير أنه أشار إلى أن المؤسسات التركية المعنية ستعلن في وقت لاحق تفاصيل هذه التدابير.

إلى ذلك، يشدد علوش على أن "الخطوة التركية المتأخرة تعكس نقاط ضعف في الموقف الذي تبنته أنقرة منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول /أكتوبر الماضي"، مشيرا إلى أن تركيا "سعت منذ البداية إلى إظهار الدعم للشعب الفلسطيني وتجنب انهيار جديد في العلاقات مع إسرائيل على أمل أن يمكنها ذلك من لعب دور أكبر في الجهود السياسية لإنهاء الحرب وتقديم نفسها كوسيط بين إسرائيل وحماس".

ويلفت الباحث إلى أن ذلك "لم يتحقق، حيث تحولت تركيا في نهاية المطاف إلى لاعب هامشي مقارنة بالفاعلين الآخرين بملف الحرب الإسرائيلية على غزة"، موضحا أن "هذه الاستراتيجية وإن ساهمت في تحقيق أهداف بعيدة المدى لأنقرة إلا أنها أظهرت نقاط ضعف في الموقف التركي".

أثار القرار التركي غضب الجانب الإسرائيلي حيث تعهد على لسان وزير خارجيته يسرائيل كاتس بالرد على تركيا بالمثل عبر اتخاذ إجراءات موازية من شأنها الإضرار بالاقتصاد التركي

وقال كاتس في تدوينة عبر حسابه في منصة "إكس" إن تركيا "انتهكت من جانب واحد" الاتفاقيات التجارية بقرارها تقييد صادرات إلى إسرائيل، معتبرا أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "يضحي مرة أخرى بالمصالح الاقتصادية للشعب التركي من أجل دعم حماس".

وزعم أنه "قام بالاتصال بالمنظمات في الولايات المتحدة من أجل وقف الاستثمارات في تركيا ومنع استيراد المنتجات منها"، مضيفا أنه "طالب واشنطن بفرض عقوبات على تركيا بناء على ذلك".

ويرجح علوش أن "العقوبات الاقتصادية التركية التي تعتبر تصعيدا في موقف أنقرة، لن تؤدي إلى نقطة تحول مفصلية في العلاقات بين الجانبين، لأن أنقرة لا تزال حريصة على ألا يؤدي التوتر مع تل أبيب إلى أزمة دبلوماسية على غرار أزمات العقد الماضي".

ويوضح أن "إسرائيل لديها رغبة في الحفاظ على مستوى معين من العلاقات مع تركيا"، مشيرا إلى أن "الجانبين يريدان إدارة الأزمة بقدر ما يسعيان إلى منع أن تفضي هذه التوترات إلى نقطة اللاعودة".

ويشدد علوش على أن "الخطوات الاقتصادية التركية متواضعة ولن تؤدي إلى تأثير كبير على مسار العلاقات التركية الإسرائيلية، باستثناء التأثير السياسي الواقع بالفعل جراء التدهور بعد حرب السابع من أكتوبر"، مبيّنا أن "من غير المتوقع أن تسعى تركيا إلى تطوير هذا الموقف بدرجة كبيرة تؤدي إلى أزمة كبيرة في العلاقات مع إسرائيل".

ويرجح الباحث في حديثه إلى "عربي21" أن "الجانب الإسرائيلي، كما الأتراك، حريصون على تجنب انهيار جديد بالعلاقات مع تركيا"، لافتا إلى "أن الفعل ورد الفعل المتبادل من غير الممكن أن يتسبب في تحول كبير في مسار العلاقات بين الجانبين في حقبة ما بعد السابع من أكتوبر".

ويرى الباحث والكاتب التركي علي أسمر، أن "الموقف التركي تجاه ما يحصل في غزة هو موقف تصاعدي، بدأ بالنصيحة مرورا بتصريحات حادة النبرة إلى أن وصلنا إلى قطع العلاقات السياسية مع حكومة نتنياهو والآن تركيا تقطع العلاقات التجارية مع إسرائيل".

ويلفت في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن سبب ذلك "يرجع للتعنت الإسرائيلي تجاه تركيا في موضوع إيصال المساعدات التركية إلى قطاع غزة، إضافة إلى الغليان الشعبي في تركيا"، موضحا أن "أنقرة حريصة على علاقاتها مع جميع دول المنطقة ومن بينها دولة الاحتلال ولكن نتنياهو ضرب المصالح الإسرائيلية في الشرق الأوسط بعرض الحائط وتحول لمجرم يحاول تأخير محاسبته عبر فتح جبهات كثيرة".

وفي ما يتعلق بإمكانية تصاعد الموقف التركي ضد الاحتلال، يشدد أسمر على إمكانية حدوث ذلك، سيما أن "سلوك أنقرة تجاه ما يحصل في غزة هو سلوك تصاعدي مرتبط بتطورات الوضع في غزة"، موضحا أن "العلاقات التركية الإسرائيلية وصلت إلى مرحلة محرجة وخطيرة تنبئ بتصعيد قادم على المستويات السياسية والتجارية والأمنية".

ويشير إلى أن أسباب تأخر العقوبات الاقتصادية التركية ضد الاحتلال، ترجع إلى "سعي أنقرة الدائم إلى إقصاء الجانب الاقتصادي من التوترات السياسية وهذا ما رأيناه سابقا عندما توترت العلاقات التركية مع بعض الدول الإقليمية"، مشددا على أن "تركيا سوق مفتوح لكل دول المنطقة، والعلاقات والاتفاقيات التجارية والاقتصادية لا تبدأ وتنتهي بضغطة زر"، حسب تعبير أسمر.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!