جلال سلمي - خاص ترك برس

أردوغان في أفريقيا

وصل الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، في الثامن والعشرين من شباط/ فبراير 2016، إلى عاصمة ساحل عاج "أبيدجان"، في إطار جولة اقتصادية شاملة يُجريها في غرب أفريقيا، هذا وشمل برنامج الزيارة الخاص بأردوغان زيارة ساحل العاج وغينيا ونيجريا وغانا، ومن المتوقع أن تنتهي زيارته اليوم، 4 آذار/ مارس 2016.

الانفتاح التركي على أفريقيا

يوضح الخبير الباحث "طه عودة"، في دراسة له بعنوان "الانفتاح التركي على أفريقيا"، منشورة عبر موقع "المسلم" للدراسات الأكاديمية، أن اتجاه البوصلة الاقتصادية التركية نحو أفريقيا، لم يأتِ بعد التدهور السياسي والاقتصادي الذي مُنيت به بعض دول الشرق الأوسط، بل إن بوصلة الانفتاح الاقتصادي التركي أظهرت أفريقيا لتركيا عام 1998 ولكن ظلت العلاقات بين تركيا ودول أفريقيا خاملة نوعًا ما، واستمرت على ذلك الحال إلى عام 2009، حيث لعب وزير الخارجية السابق ورئيس الوزراء الحالي "أحمد داود أوغلو" دورًا أساسيًا في توجيه البوصلة السياسية والاقتصادية التركية نحو أفريقيا التي رآها جزيرة ضخمة تحتوي العديد من الكنوز، ولا بد من اتجاه تركيا لهناك، لتحقيق التبادل التجاري الرابح بينها وبين دول تلك الجزيرة.

ويستطرد عودة في حديثه مبينًا أن داود أوغلو حرص على تثبيت قواعد قوية لتركيا في أفريقيا، فعمل على طرح الميزات الهائلة التي تتمتع بها أفريقيا، أمام الحكومة التركية التي وافقته في إيلاء الأهمية لأفريقيا، فتم فتح عدد من السفارات الجديدة، ورُفع مستوى الزيارات المتبادلة، فبعد أن كانت تتم من خلال قنصل فخري أو سفير دبلوماسي، أصبحت تشمل المستويين الوزاري والرئاسي.

توسيع تركيا لنطاق صادراتها نحو أفريقيا

يبدو من الواضح أن تركيا ترى في أفريقيا سوقًا استهلاكيا ً جيدًا لتسويق سلعها، والحصول على بعض المواد الخام، وإنشاء بعض المشاريع الاستثمارية في مجال الإعمار والبنية التحتية.

وقد شهدت العلاقات التجارية بين تركيا وأفريقيا مسارًا إيجابيًا في السنوات الأخيرة، حيث تُشير وزارة الخارجية التركية، في إطار تقريرها الخاص بالعلاقات التركية الأفريقية، إلى أنه على الرغم من بدء الانفتاح التركي على أفريقيا عام 1998، إلا أن حجم التبادل التجاري المشترك حتى حلول عام 2002، لم يتجاوز 3 مليارات ونصف المليار دولار، ولكن بعد تولي حكومة حزب العدالة والتنمية السلطة، قفز حجم التبادل التجاري بين الطرفين قفزة نوعية، ليصل في عام 2004 إلى 12 مليار دولار، وبحلول عام 2005 بلغ قرابة 14 مليار دولار.

وأوضحت الوزارة أن التبادل التجاري بين الطرفين استمر على نفس الوتيرة ولم يشهد أي تغيّر حتى عام 2009، ولكن بعد تولي دواد أوغلو لوزارة الخارجية عام 2009، زاد حجم التبادل التجاري بين الطرفين، عقب زيادة حجم ونوعية الخدمات التجارية الدافعة لعجلة التبادل التجاري، وبحلول عام 2015، بلغ التبادل التجاري قرابة 24.4 مليار دولار. وحسب الوزارة، فإن تركيا تتجه نحو رفع حجم التبادل التجاري بينها وبين أفريقيا إلى 50 مليار دولار.

ما بعد الانفتاح على أفريقيا

وقد أكد الخبير الاستراتيجي "جان أجون"، الباحث في مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا"، في لقاء هاتفي مع ترك برس، أنه بات واضحًا أن تركيا تسعى إلى توسيع أسواقها الاستهلاكية حول العالم إلى أكبر حد ممكن، فلم يمضِ سوى شهر على زيارة أردوغان الأخيرة لأمريكا الجنوبية، حتى شد رحاله متجهًا إلى أفريقيا بقافلة ضخمة جل مسافريها من رجال الأعمال الذين بلغ تعدادهم 150 شخصًا.

وأضاف أجون أن تركيا، في الفترة الحالية، لن تفوت أي فرصة للانفتاح على الأسواق العالمية الاستهلاكية أينما كانت، وفي ضوء هذا الهدف التركي فإن ثمة دولًا ومناطق أخرى يدرج اسمها على الخطط التركية لزيارتها في إطار تحقيق انفتاح اقتصادي جديد عليها، ومن المتوقع أن تكون محطة الانفتاح الشمولي المقبلة هي منطقة وسط آسيا، التي تُعد الموطن الأصلي للشعب التركي، وهذا ما يُشير إلى تشارك تركيا ودول هذه المنطقة ثقافيًا واجتماعيًا ولغويًا، موضحًا أنه رغم أن بعض هذه الدول تتحدث اللغة التركية القديمة، وعلى الرغم من الروابط التاريخية الوطيدة التي تربط تركيا بهذه الدول، إلا أن حجم التبادل التجاري بين تركيا ودول هذه المنطقة وصل إلى 9.3 مليار دولار فقط، ويأتي هذا المؤشر رغم أن هذه الدول تفتقر إلى دعائم التقدم الاقتصادي، حيث تواجه نقصًا في العديد من الصناعات، وتواجه عوائق في تأمين مصادر التمويل المباشرة وغير المباشرة لإعداد مشاريعها التنموية، إلا أن تركيا لم تتمكن من إتمام الانفتاح الكامل عليها، مبررًا ذلك باليد الروسية السياسية والاقتصادية الفاعلة في المنطقة، ونقص الأنشطة الدبلوماسية التركية الشاملة فيها.

وختم أجون بالإشارة إلى أن رفع تركيا لمستوى نشاطها الدبلوماسي السياسي والاقتصادي والثقافي وفتح المزيد من الأفق أمام رجال الأعمال الأتراك ورجال أعمال تلك الدول ورفع مستوى الخدمات التجارية وغيرها من الفعاليات ستكون كفيلة بإتمام الانفتاح الاقتصادي التركي على المنطقة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!