ترك برس

أعدّ المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، دراسة بعنوان "السلفية في تركيا: تحديات الانتشار في مجتمع متصوّف"، أشار فيها إلى أن السلفية استطاعت خلال العقود الثلاثة الماضية تحقيق انتشار وحضور نسبي لها في تركيا.

وأوضحت الدراسة أن حضور السلفية تمثل رسميًا، ولأول مرة، في الاعتراف بالسلفية من قبل مؤسسة الشؤون الدينية التركية "ديانِت" بوصفها أحد المدارس السنية جنبًا إلى جنب مع الحنفية والماتريدية.

وذلك نتيجةً لحاجات الانقلاب العسكري في بداية الثمانينيات من القرن العشرين لتعزيز حضور الإسلام الرسمي الذي ترعاه الدولة، وتقويض جهود الإسلام السياسي لحركة نجم الدين أربكان، وفقًا للدارسة.

كما بدأت منذ بداية التسعينيات حركة نشر نشطة في إسطنبول من خلال جهود الشيخ عبد الله يولجو، ذي الأصول التركمانية العراقية، والمعروف في العالم العربي باسم عبد الله بن عبد الحميد الأثري، الذي أسس مكتبة الغرباء في منطقة السلطان أحمد.

ونشر كثيرًا من كتب السلفية مثل كتب ابن تيمية وكتاب "التوحيد" للشيخ محمد بن عبد الوهاب وكتب الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد بن العثيمين والمحدّث ناصر الدين الألباني والشيخ صالح الفوزان، والتي حققت انتشارًا واسعًا على عكس ما كان متوقعًا.

وبحسب الدراسة، استخدمت الدعوة السلفية وسائل عديدة مثل مواقع الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي باللغة التركية، وتمكنت من عقد مؤتمرات جمعت رموز السلفية في العالم الإسلامي في إسطنبول.

وعلى الرغم من هذا الحضور، بقي انتشار السلفية محدودًا للأسباب نفسها التي فرضت حواجز فكرية وتاريخية بينها وبين المجتمع التركي، ولأسباب أخرى تتعلق بالسياسة التي يتبعها السلفيون في عدم الرغبة في الظهور اللافت والسريع الذي قد يثير ردود فعل تركية مجتمعية حادة تجاههم.

كما تتعلق بالتحدي الكبير الذي بات يواجه هذه الدعوة مؤخرًا بعد وقوع هجمات كبرى في المدن التركية على يد جماعات جهادية سلفية ضمن إطار تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"؛ مما أعاد الأتراك للربط بين هذا العنف وما يسمونها "الحركة الوهابية" بعامة، من دون فصلٍ بين شقيها الدعوي والجهادي.

وفضلً عن ذلك، بدأت أوساط أكاديمية وإعلامية تركية تنبه إلى خطر الحضور السلفي في تركيا وانعكاساته على الإرث الصوفي والحنفي المنفتح، وعلى النظام الديمقراطي والعلماني، فيما يتهم بعض المعارضين حكومات حزب العدالة والتنمية بتشجيع هذا الحضور وتوظيفه إقليميًا ومذهبيًا في سياق توسع النفوذ الإيراني والشيعي في المنطقة.

وتهدف هذه الدراسة إلى استكشاف الحضور السلفي الحالي في تركيا وخطابه ومنهجه، ووسائل انتشاره، ورموزِه وشخصياته الدعوية، وانعكاسات السلفية الجهادية على الحضور السلفي الدعوي، وبعض ردود الفعل التركية تجاههما.

كما تهدف إلى تبيُّن مدى تأثير الاختلاف الفكري والانقسام التاريخي بين السلفية والأتراك، في الحضور السلفي في تركيا ماضيًا وحاضرًا. وتُحلل أسباب هذا الحضور مؤخرًا ونتائجه ومآلاته. وتعتمد الدراسة في ذلك على المنهجين التاريخي والتحليلي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!