ترك برس

شهدت مدينة الراعي التابعة لمحافظة حلب والخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، تنظيم أول مؤتمر حول الاستثمار، بتعاون مع تركيا. 

مؤتمر الاستثمار الأول في الشمال السوري جاء بعنوان "الاستثمار.. استقرار.. تنمية وازدهار"، وحضرها رئيس الحكومة السورية المؤقتة المعارضة عبد الرحمن مصطفى، والرئيس التنفيذي للمنتدى السوري غسان هيتو، والمدير التنفيذي لمركز "عمران" عمار قحف، وميساء قباني نائبة رئيس منظمة "غلوبال جستس" الأميركية السورية، إضافة إلى والي كلس التركية وغيرهم.

وقال وزير الاقتصاد في الحكومة السورية المعارضة عبد الحكيم المصري إن عقد مؤتمر الاستثمار تم بحضور رجال أعمال من تركيا والولايات المتحدة ودول غربية، ومعظمهم يحملون الجنسية السورية، بحسب ما نقلته "الجزيرة نت".

وأضاف أن لدى المستثمرين نية بإقامة مشاريع استثمارية جديدة بالمنطقة، ويريدون الاطلاع على الواقع الاستثماري بهدف الارتقاء به خصوصا أن بالمنطقة بنية تحتية ومناطق صناعية قادرة على جذبهم.

وأوضح المصري أن لديهم ما يقارب من 30 ورقة بحثية وورقة عمل حول قصص نجاح في المنطقة، مؤكدا أن هناك مخرجات سيتم تحويلها إلى المعنيين لحل العقبات ومنح الثقة للمستثمرين.

ويهدف المؤتمر -بحسب القائمين عليه- إلى إنشاء بيئة استثمارية جاذبة، وتقييم وتحليل واقع الاستثمار في الشمال السوري وتحديد متطلباته، وإنشاء حاضنات أعمال لتنمية المشاريع الصغيرة وتعزيز الروح الريادية للشباب.

كما يعمل على تعزيز الشراكات الإستراتيجية على المستويين المحلي والدولي في قطاع الاستثمار، ووضع خارطة طريق للاستثمار من منظور التنمية المستدامة.

التعاون مع تركيا

بدورها، قالت ميساء قباني نائبة رئيس منظمة "غلوبال جستس" إنهم "عازمون على الاستثمار في موارد سوريا التي كانت مسلوبة من النظام، وقادرون على أن نُري الغرب قدرتنا على الاستثمار وتذليل العقبات في مناطقنا المحررة".

وأضافت أن "الدول ليست جمعيات خيرية، بل لديها مصالح، وعلينا أن نعمل على تحقيق مصالح سوريا وتركيا معا، وأن نتعلم نحن الشعب كيف ننهض اقتصاديا".

وتابعت "تحدثنا مع الخارجية التركية بشأن المصلحة المشتركة بين البلدين، وأن السوريين سيعودون طوعا لبلدهم عند تنمية المناطق السورية المحررة، وعندما يتوفر للسوري الحياة الكريمة وفرص العمل".

واستطردت "إنْ لم تكن لدينا حكومة قوية فلن يكون لدينا اقتصاد قوي"، معبرة عن تفاؤلها بعد زيارتها المناطق الخارجة عن سيطرة النظام وبعدما رأت المنتجات السورية في المعرض.

وأشارت قباني إلى المبادرة التي أطلقتها قوى سياسية سورية وأميركية مؤخرا، وحملت عنوان "مشروع توحيد سوريا عبر سيناريو ألمانيا الغربية" من خلال النهوض بالواقع الاقتصادي في الشمال السوري.

عوائق الاستثمار

وتوجد معيقات عديدة تواجه الاستثمار في مناطق شمالي سوريا، أبرزها عدم وجود دولة موحدة، وتقاسم السيطرة والنفوذ بين 4 جهات هي النظام السوري وقوات سورية الديمقراطية والحكومة السورية المؤقتة وحكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام.

وحول واقعية إقامة مشاريع في الشمال السوري، يرى عبد العظيم المغربل، مساعد باحث اقتصادي في "مركز جسور للدراسات"، أن على الحكومة السورية المؤقتة تعزيز دورها في توفير الأرضية اللازمة للمشاريع من أمن وبنية تحتية وتسهيلات جمركية وتوفير المواد الأولية بجانب الضمان والتأمين المالي.

وأضاف المغربل للجزيرة نت أن توفير الأساسيات المطلوبة للمستثمرين وتكامل الجهود مع الجانب التركي يمكن أن يساعدا على إقامة عدد مقبول من المشاريع حتى وإن لم تكن هناك دولة حقيقية في المنطقة، وهذا ما يبرهن عليه حضور مستثمرين دوليين من مختلف الدول يرون بصيص أمل في إمكانية قيام مثل هذه المشاريع.

وشدد الباحث على ضرورة ضمان الأمان وإصدار تشريعات لحماية المستثمرين وتفعيل مؤسسات التأمين لحماية الممتلكات والعمل على تقديم المساعدات اللازمة وتيسير عملية التصدير وتسهيل إصدار شهادات المنشأ.

ويأتي مؤتمر الاستثمار في ظل انهيار اقتصادي تشهده مناطق شمالي غربي سوريا، بالتزامن مع ارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية، وعدم قدرة المدنيين على تأمين احتياجاتهم اليومية ضمن الحد الأدنى، وتراجع القدرة الشرائية.

وبحسب فريق "منسقو استجابة سوريا"، أصبح أغلب العائلات في المنطقة بشكل عام ونازحو المخيمات بشكل خاص غير قادرين على تأمين الحاجيات الأساسية، وفي مقدمتها مواد التغذية والتدفئة.

يذكر أن الفقر المعترف به في الشمال السوري يبلغ 9.3 ليرات تركية (الدولار يساوي نحو 29 ليرة تركية)، وحدّ الفقر المدقع نحو 7 ليرات تركية في اليوم.

من جهته، يرى الخبير الاقتصادي أسامة الكامل أن المشاريع الاستثمارية في الشمال تتطلب وجود الأمن التامّ، وهذا الأمر يحتاج تفاهمات دولية لأنه ليس هناك ما يمنع روسيا أو إيران أو النظام السوري من قصف مناطق سيطرة المعارضة السورية في أي وقت، مما يتسبّب بتهديد ديمومة هذه المشاريع.

وأضاف، في حديث للجزيرة نت، أن التصدير ووجود سوق لتصريف المنتجات من الركائز الأساسية في بناء مشاريع استثمارية، وخصوصا أن الشمال السوري تحيط به مناطق سيطرة لجهات مختلفة.

ولفت إلى أن سوق ريف حلب الشمالي لا يحتمل كمية كبيرة من المشاريع لتصريفها إلا إذا تم شحن بضائع هذه المشاريع عبر تركيا نحو دول العالم.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!