ترك برس

أعلنت الحكومة التركية في العاشر من الشهر الجاري انتهاء العملية العسكرية المعروفة باسم "عملية الخندق"، مؤكدةً أنها حققت أهدافها.

وعلى الرغم من إعلان الحكومة ذلك، إلا أن وسائل الإعلام المحلية والدولية أشارت إلى أن الاشتباكات العسكرية بين الجيش وعناصر حزب العمال الكردستاني ما زالت مستمرة في بعض مدن الجنوب الشرقي لتركيا، خاصة في مدينتي "شيرناق" و"ماردين".

وعلى صعيد مواز، وبينما تستمر الاشتباكات بين الجيش وعناصر حزب العمال الكردستاني، أكَد عدد من المحللين المرموقين أن تركيا لا تواجه حربا عسكرية إرهابية فقط، بل هناك حرب إرهابية مدنية متزامنة مع هذه الحرب، وهي يمكن تقييمها على أنها أخطر على تركيا أكثر من تلك الحرب العسكرية الإرهابية.

وتناول الخبير الإعلامي "محمد تازكان" ظاهرة الحرب الإرهابية المدنية في مقاله بصحيفة ملييت "الإرهاب غير المسلح"، ، منوّهًا إلى أن مصادر مطلعة أوضحت أن عدد الإرهابيين التابعين لحزب العمال الكردستاني والموجودين في المدن الجنوب الشرقية لتركيا بلغ 1200 شخص، إلا أن الحرب المدنية أشد وقعًا على تركيا من الحرب العسكرية، فهي تؤثر على المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية أكثر من الحرب العسكرية. ووفقًا لتازكان فإن محاور الحرب الإرهابية المدنية على النحو الآتي:

ـ وسائل الإعلام: وسائل الإعلام المضادة لتركيا تشكل خطرًا أكبر بكثير من ذلك الخطر الذي تشكله عناصر حزب العمال الكردستاني، إذ أن هؤلاء العناصر يمكن القضاء عليهم بآليات استخباراتية وعسكرية، ولكن ما تقوم به وسائل الإعلام من تهويل ومبالغة في الأحداث الإرهابية، يؤثر بالسلب على تركيا واقتصادها ومجتمعها، وتعجز تركيا عن صد هذا الهجوم بسهولة، إذ أن ما يخرج من وسائل الإعلام هو رصاصة إن لم تخترق المشاهد بشكل كامل، تُبقي الأثر السلبي عليه، وهذا ما يُحمل تركيا جهدًا كبيرًا لكبح هذا التأثير، ومهما حاولت، فلن تتمكن من مسحه بشكل كامل.

ـ التصريحات الدبلوماسية للدول المنافسة لتركيا: لا يمكن تصنيفها على أنها تصريحات إرهابية، فلكل دولة الحق في تحذير رعاياها من الذهاب إلى أماكن قد تشكل خطرًا على حياتهم، ولكن الغلوّ في تحذير الرعايا وكأن تركيا حوض للإرهاب والعمليات الإرهابية يؤثر على تركيا بالسلب، والدول التي تقوم بذلك تعي ذلك جيدًا، لأن بعضها هو من يدعم الإرهاب، ولا داعي للتلويح الضمني في هذا المقام، فكل شيء أصبح واضحًا وضوح الشمس. لا يمكن التغافل عن مدى تأثير هذه التصريحات على تركيا أكثر من تأثير العمليات العسكرية.

ـ الأحزاب السياسية: اعتادت بعض الأحزاب السياسية على تحميل الحكومة على الفور مسؤولية أي عمل إرهابي، الأمر الذي يُسهم في قلب الرأي العام على الحكومة وكأنها هي من سهلت عمدًا المهمة للإرهابيين للقيام بأعمالهم، قد يكون هناك قصور حكومي، ولكن التحامل المباشر يُثير بلبلة سياسية واجتماعية تشتت انتباه الحكومة، وتجهض جهودها الرامية إلى منع تكرار العمليات الإرهابية، إذ أن الحكومة تحتاج إلى دعم سياسي يساندها في القضاء على الإرهاب، ولكن الاتهامات الباطلة لبعض الأحزاب المعارضة، تحول دون تركيز الحكومة على ذلك الهدف.

ومن جانبه، أشار الخبير السياسي "أوكان مدرس أوغلو، في مقاله بصحيفة صباح "إدارة الأمن ووسائل التواصل"، إلى أن الحكومة التركية يجب أن تكون أكثر حزمًا في التعامل مع الوسائل المدنية التي تساهم في تدعيم الإرهاب ومساندته في الوصول إلى أهدافه، موضحًا أن الإرهاب يعتمد بشكل كبير على هذه الوسائل لإحراز أهدافه، ولكن إن تم تشديد الرقابة على هذه الوسائل فلن يتمكن الإرهاب للوصول من هذه الأهداف.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!