وحد الدين انجي – صحيفة قرار – ترجمة وتحرير ترك برس

كتبت في هذا الموضوع من قبل، لكنني ما أزال أرى أن من الواجب أن أزيد وأفيد فيه بسبب الشبه الكبير الذي نعايشه في أوضاعنا الحالية مع النموذج الأفغاني عند احتلال السوفييت لها، فالغزو السوفيتي كان بداية فترة التحول في المسيرة الإسلامية، وذلك بتوجه كثير من المسلمين نحو نموذج تطبيق الجهاد ونقله من السطور والكتب إلى أرض الواقع، حتى أن كثيرا من أصدقائي كان مشاركا في تلك الأحداث، لكن أغلبهم عاد سالما ونراه اليوم وهو يلعب فرحا مع الأطفال الصغار. ومن هذا المقام فإني أتمنى السلامة لهم جميعا.

تم تخليص أفغانستان من الاحتلال السوفيتي بتعاون عالمي محلي ومعنوي مادي في إطار حسابات مختلفة، لكن وعلى ما يبدو أنهم نسوا وتناسوا حساب مستقبل تلك الأيادي والمساعي الجهادية، فكلما كان يُطرح السؤال كان يتم تجاهله وتأجيله، حتى تواترت الأحداث وأصبحت رؤية المجاهدين هي تحويل كل الدول الإسلامية إلى نماذج مشابهة للحالة الأفغانية؛ بحيث يستمر القتال ولا يتوقف، فهم يريدون تحويل العراق وسوريا واليمن وليبيا إلى أفغانستان جديد، كما تصبوا أعينهم في هذه الأثناء وتحدق نحو السعودية والبحرين والأردن...

تمت قولبتنا وتحجيمنا بحدود سايكس بيكو في إطار خطة تفتيت العالم الإسلامي بما يخدم مصالح الغرب، وفي نطاق تلك الحدود الضيقة حاولنا عبثا البحث عن استقلالنا، واتفقنا على تأجيل مشكلة الحدود إلى ما بعد الاستقلال، فغرقنا في براثينه ونسينا أمر تلك الحدود إلى الأبد، وإن تذكرنا حالنا وما بنا رمينا بعض الشتائم على ذلك الغرب المجرم ثم أظهرنا بعضا من غضبا كما حصل في أفغانستان والبوسنة وفلسطين والشيشان، لكن ما نلبث حتى نعود وننسى ما قد سبق. لم تنتهي القصة عند هذا الحد، بل زاد بالغرب الطمع حتى بات يبحث عن حدود سايكس بيكو جديدة يفتت ويقسم فيها المقسم ليحشر ويعزل كل فرد فينا على حدا في حبسه الانفرادي، فبتنا نتحدث اليوم عن سوريا بثلاث مناطق وعراق بأربع، ومثلهم كانت ليبيا واليمن...

بين كل تلك الظلمات كانت تركيا صاحبة المشعل المنير لدرب يعبر الأوقات الصعبة بتركيا الجديدة التي أثبتت خلال الستة عشر السنة الماضية مناعتها ضد مخططات سايس بيكو ببحثها الدؤوب عن حلول فعّالة وحكيمة مثل مشروع الحل أو ما يُعرف بمباحثات السلام مع حزب العمال الكردستاني، لكن وبسبب التطورات الأخيرة فان هذا الحل بات في مهب الرياح بسبب التصرفات غير المتزنة والخيارات الفاشلة التي وقّع عليها حزب العمال الكردستاني؛ الأمر الذي بدء يُعيدنا شيئا فشيئا إلى ماضي تركيا القديم، لتبزغ الحقيقة المرة بين كل هذه الوقائع مؤكدة أنه وفي حال فشلنا في وضع حلولنا بأنفسنا فإن حلول الغير ستُفرض علينا، وهو ما يعني أننا سنقع في مستنقع النموذج الافغاني ومخطط سايكس بيكو الجديد.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس