فخر الدين ألتون - صحيفة صباح - ترجمة و تحرير ترك برس

لا تملّ قوى الاستعمار، ولا تنفكّ عن استخدام المنظمات الإرهابية من أجل السيطرة على تركيا، وعلينا الاعتراف بأنّ أسلوبهم هذا نجح لسنوات، حيث تعرضت تركيا للإرهاب كلما حاولت الخروج عن المسار المرسوم لها. لأنّ الإرهاب كان أسهل وسيلة وأقلها تكلفة، استخدمتها القوى الاستعمارية لضبط تركيا، ومع مرور الوقت قاموا بزيادة وتوسيع حجم هذه المنظمات الإرهابية.

في بداية الأمر لم يجدوا حاضنة شعبية وقواعد شعبية تدعمهم، لذلك لجؤوا إلى استغلال سوابق حقد وكُره تاريخية، حيث استخدموا منظمات الأرمن الإرهابية ضد تركيا، ولم يكتفوا بذلك، بل استخدموا العرق والقومية، وأوجدوا منظمات كردية متشددة مثل بي كي كي، وأدخلوا المنظمات اليسارية المتطرفة إلى دائرة خدمتهم. وعندما لم تعُد هذه المنظمات كافية للقيام بالدور المنوط بها، أخرجوا إلى المشهد منظمة فتح الله غولن.

لم يتمكنوا من الحصول على النتائج التي يريدون من كل هذه المنظمات، ليستخدموا وسائل إقليمية، مثل داعش، ويوجهوا إرهابها نحو تركيا، لتواجه أنقرة إرهاب جميع هذه المنظمات في آن واحد.

سعت منظمة حزب العمال الكردستاني إلى إحاطة تركيا من الجنوب، والعبث في الشأن الداخلي التركي ومحاولة تقسيم البلاد، وعملت منظمة غولن على تدمير الاستقرار السياسي في تركيا وتقديم نظام حُكم يدعم قوى الاستعمار. أما داعش، فكان المُراد من إرهابها هو إخراج تركيا من قوتها وتأثيرها على النظام العالمي والإقليمي.

كل هذه المنظمات استهدفت تركيا، وعملت مع بعضها البعض بتنسيق تام، ولاحظنا تبادل الأدوار بين داعش وحزب العمال الكردستاني خلال أحداث 6-8 تشرين أول/ أكتوبر، ورأينا دور العمال الكردستاني في إعلان "حرب الشعب الثورية" بعد انتخابات حزيران/ يونيو، وكيف توقفت أعمالهم يوم 14 تموز/ يوليو، أي قبل المحاولة الانقلابية بيوم. وعملت داعش مع العمال الكردستاني على تأجيج الرأي العام التركي من خلال الأحداث الإرهابية التي قاموا بها من أجل محاولة إشعال فتيل حرب أهلية في البلاد.

واليوم علينا الحديث عن التعاون والارتباط العضوي بين منظمة فتح الله غولن وبين حزب العمال الكردستاني، حيث سعيا إلى تجهيز الأرضية التي تقود إلى إسقاط تركيا وتحويلها إلى دولة تتلاءم مع الخطط الاستعمارية، وإعادتها تحت هيمنة النظام العالمي.

عملت المنظمتان وبصورة تطوعية على مساعدة بعضهما البعض، حيث ساهمت منظمة غولن بتوفير الأرضية لتوسيع إطار عمل حزب العمال الكردستاني، باستخدام نفوذها في جهازي الشرطة والاستخبارات، وفي الجيش أيضا، واستخدموا جهاز القضاء كذلك في هذه المهمة، بل وأرسلوا طائرات حربية لقصف مدنيين، وهذا هو السبب الرئيس لعدم قدرة الجيش على تنفيذ ضربات قاسمة وحاسمة ضد حزب العمال الكردستاني، بسبب عناصر غولن المتنفذة داخل الجيش.

واليوم نكتشف أنّ قائد المجموعة العسكرية التي حاولت تنفيذ عملية اغتيال اردوغان ليلة 15 تموز، كان هو نفسه قائد الوحدات المسؤولة عن مواجهة حزب العمال الكردستاني، ونكتشف اليوم أنّ معلومات حول وجود قادة حزب العمال الكردستاني في مواقع ما، كانت تُسرب لهم قبل نصف ساعة من تنفيذ الغارة الجوية، ويكون هؤلاء المطلوبون قد هربوا.

اذا كانت منظمة غولن تخدم حزب العمال الكردستاني بهذه الصورة، فهل العمال الكردستاني سيمتنع عن خدمة منظمة غولن؟ من الذي سعى إلى توفير أجواء تُهيء لحدوث انقلاب عسكري؟ من سعى جاهدا لإشعال فتيل حرب أهلية من أجل خدمة ارهابيي منظمة غولن؟

فليفعلوا ما يشاؤون، الشعب اليوم يُدرك تعاون هذه المنظمات مع القوى الاستعمارية، ولذلك لن تستطع كل هذه القوى أنْ تملك الشجاعة للوقوف في وجه الشعب، والإرادة الشعبية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس