غالب دالاي – صحيفة قرار – ترجمة وتحرير ترك برس

ظهرت عدة نقاط انكسار وتحديات جديدة في المنطقة بسبب انعدام النظام فيها، مما أدى إلى تساؤلات عدة، إذ يمكننا سرد هذه المسائل والأسئلة على الشكل التالي:

الرد على المطالب الفردية:

يجبر هذا الأمر أي نظام إقليمي جديد يُحتمل ظهوره على مواجهة جدية لحقيقة حصول انكسارات وصراعات فردية في المنطقة. حيث ستؤدي عدم تلبية مطالب المجموعات العرقية والطائفية وحرمانهم من الأمان المطلوب إلى خفض احتمال انتهاء زخم الأزمة في المنطقة. يجب على النظام الجديد للتغلب على هذه الأزمات أن يمتلك مؤهلات تسمح له بتلبية المطالب الاجتماعية والثقافية والسياسية للمجموعات العرقية والطائفية وضمان أمنهم خلال فترة تأسيسه لدستور جديد من خلال جميع الاتفاقيات الاجتماعية المتداولة. هناك بعدان للانكسار والأزمة الطائفية، الأول الموجة الطائفية من الجانب الدولي. والثانية الموجه الطائفية الإقليمية والمدعوة بـ " الطائفية الجيوسياسية". على الجانب الدولي يجب تداول أنظمة سياسية أكثر شمولية و نماذج تقاسم اقتصادي أكثر عدلاً. ولكن يبدو أنه لا يمكن التغلب على هذه القضايا بالاعتماد على الاقتراحات المعروضة على المستوى الدولي فقط، يجب على الموجة الجيوسياسية أن تفقد من زخمها أيضاً،  مما يتطلب تحقيق التوازن بين القوى الرئيسية في المنطقة, بما في ذلك إيران والمملكة العربية السعودية.

لا تقسيم ولا مركزية:

أدى اتخاذ الصراع طابعا فرديا إلى تشكل حدود داخلية ومناطق نفوذ في العديد من دول المنطقة. تعرضت الهويات الدولية وذات النفوذ العالي للضرر إلى حد كبير خلال هذه الفترة،  حيث أدى ذلك إلى ظهور حدود فعلية أو قانونية في العديد من الدول الممتدة من سورية إلى ليبيا, ومن العراق إلى لبنان واليمن، حيث يتم الاعتماد على المصادر والإمكانات المحلية على جميع الأصعدة بدءا من الاقتصاد وصولا إلى الأمان, ومن السياسة إلى الخدمات اليومية. حيث تثير هذه الأوضاع نهجين في المنطقة: في النهج الأول تعتمد الحكومات والأنظمة المركزية في كل من سورية والعراق على البحث عن حل الأزمات عن طريق زيادة المركزية. أما النهج الثاني فيعتمد على تشكيل حدود جديدة, والحصول على أقصى حد ممكن من التماهي بين هذه الحدود والأفراد. وأعتقد بوجود خطأ في هذين النهجين. لذلك فإن انتقاد اتفاقية "سايكس بيكو" بأنها لا تأخذ الخريطة السكانية بعين الاعتبار هو نقد غير صحيح في أساسه. ليست الخرائط السياسية أكبر خطيئة لاتفاقية "سايكس بيكو", إنما هي النظام السياسي والحالة النفسية التي تسببت بها. لهذا السبب لا يمكننا التغلب على هذه لأزمة عن طريق تشكيل حدود جديدة في المنطقة, أو من خلال دول الاستخبارات والشرطة. يبدو أن نقل القوة الذي يعرفه جميع الأفراد ويتم تأمينهم خلاله "أي النموذج اللامركزي" هو الأنسب لواقع المنطقة. لذلك يجب أن يُستهدف تقسيم السلطة من خلال الوحدات الإدارية الوظيفية, وليس بشكل فردي كما حصل في لبنان. حيث يمكن تسمية ذلك بالفيدرالية أو بالحكم الذاتي أو بأي اسم آخر. يوجد نهج يعتمد اللامركزية في المنطقة حالياً.

تتقاسم بعض المجموعات أو القوى السلطة بشكل فعلي أو قانوني في عدة دول بدءا من اليمن وحتى ليبيا, ومن سوريا إلى العراق ولبنان. حتى الدستور الجديد في تونس المتجانسة فردياً إلى أقصى حد, ينص على  نقل جاد للقوة من المركز إلى المناطق الأخرى. لذلك من غير المرجح  أن يفقد نهج لامركزي قوي سرعته على المدى القصير.  لهذا السبب يجب بذل الجهد للبحث عن نموذج بديل لإدارة هذه المرحلة بأقل تكلفة ممكنة.

النخب السياسية الشرعية:

أحد أسباب الأزمات التي تعيشها الدول التي تعاني من الحروب الأهلية والفوضى هي فشل الدولة في اكتشاف ممثلين سياسيين ينتمون إلى القاعدة الاجتماعية. على سبيل المثال, هناك حاجة لممثل قوي نيابة عن العرب السنة في حال تقسيم القوة على الصعيد الفردي في سورية. جميع تقسيمات القوة في المنطقة مرتبطة بتمثيل ممثلين سياسيين شرعيين مع الدعم الاجتماعي لهم, أو عدم قيامهم بذلك.

المصالحة بين المجموعات الفردية والعقائدية:

يتطلب تشكيل نظام جديد في المنقطة المصالحة بين الأفراد, والمجموعات العقائدية والطائفية والعرقية.

تحقيق توازن القوى:

يتسبب عدم تحقيق التوازن بين القوى الرئيسية بزيادة الأزمة في المنطقة. هناك حاجة لتأسيس توازن مستدام للقوة بين كل من تركيا والسعودية وإيران. كما تملك بعض الدول العربية القوية تاريخياً مثل سورية ومصر أهمية من الدرجة الثانية في الصراع من أجل الحفاظ على توازن القوى. مما يزيد من أهمية الصراع وتوازن القوة بين تركيا والسعودية وإيران. سوء العلاقات النفسية والسياسية بين المملكة العربية السعودية وإيران على الأخص يمنع تحقيق توازن مستدام ومرض بين الدول الرئيسية في المنطقة. تعتقد إيران أنها حققت النصر في المنطقة. حيث شكلت منطقة نفوذ فعلية في بلاد الشام. مع ذلك, فهي تظن أنها تواجه السعودية في تحد وأزمة وجودية. وذلك يؤكد على سوء العلاقات النفسية والاجتماعية بين الدولتين. لا يوجد احتمال لانخفاض زخم الأزمة أو ظهور نظام إقليمي جديد في المنطقة لطالما لم يتم تأسيس توازن للقوة بين هذه القوى الرئيسية.

عن الكاتب

غالب دالاي

مدير البحث في منتدى الشرق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس