سينيم جينغيز - آراب نيوز - ترجمة وتحرير ترك برس

تمر منطقة الشرق الأوسط بمرحلة تحول عصيبة وفوضوية لن تنتهي في وقت قريب. ولذلك تحتاج المنطقة إلى إعادة تشكيلها، وهذا يتطلب من غير شك قيادة قوية وتعاونا بين جميع دول المنطقة. لن تكفي التحركات العسكرية أو الاستراتيجيات في إعادة تشكيل المنطقة ، بل يحتاج ذلك إلى خطة دبلوماسية وسياسية.

وغالبا ما تبدأ عمليات التحول الإقليمية بعد عقد مؤتمر دولي يطرح فيه أصحاب المصلحة آخر أوراقهم على الطاولة.

منذ أكثر من نصف قرن لم يكن الوضع في أوروبا يختلف كثيرا عن وضع الشرق الأوسط في الوقت الحالي، ففي ذلك الوقت لم تكن إعادة إعمار أوروبا أو إعادة تشكيلها ممكنا إلا بمزيج من استراتيجيات عسكرية وسياسية خطط لها جيدا.

على أن الواقع الحالي في الشرق الأوسط والسياق التاريخي لدول المنطقة يختلف بطبيعة الحال عن وضع أوروبا ما بعد الحرب العالمية، لكن السؤال هنا هو كيف يمكن إعادة تشكيل الشرق الأوسط على نحو مماثل لأوروبا، ولاسيما إذا أخذنا في الحسبان الوضع في سوريا والعراق.

أين هم هؤلاء القادة الذين سيأخذون المبادرة بإعادة صياغة الشرق الأوسط ؟ هل دونالد ترامب الذي جلس على كرسي الرئاسة في المكتب البيضاوي هو الزعيم الذي طال انتظاره لتغيير التوازن في الشرق الأوسط؟

لقد ترك أوباما منطقة الشرق الأوسط في وضع بالغ التعقيد لخليفته ترامب الذي سيواجه ملفا ثقيلا ، ولن يكون قادرا على تجاهل المنطقة. تتراوح التحديات في الشرق الأوسط بين مكافحة داعش في العراق إلى حرب متعددة الأطراف في سوريا، ومن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية العقيمة إلى علاقات أمريكا المتوترة مع حلفائها الإقليميين، ومن الاتفاق النووي مع إيران إلى روسيا التي تتزايد قوتها.

في هذه النقطة لا تتضح كثيرا سياسة ترامب في الشرق الأوسط، لكن من المرجح بعد أن يتولى مهام منصبه أن يجد نفسه في موقف صعب: هل ينبغي له أن يوفي بوعوده التي قطعها خلال حملته الانتخابية، أم ينبغي له أن يتبني سياسة واقعية وبراجماتية تقوم على الواقعية السياسية؟ وبالنظر إلى أن ترامب رجل أعمال وليس رجل دولة فمن الصعب التنبؤ بخطواته، وقد يتذكر كثيرون أنه لم يستطع التميير حتى بين حماس وحزب الله في مقابلة إذاعية خلال حملته الانتخابية.

ترامب والشرق الأوسط

تشكلت العديد من التنبؤات حول موقف ترامب من الشرق الأوسط بناء على تصريحاته في الحملة الانتخابية، وشملت هذه التصريحات انتقاداته اللاذعة للاتفاق النووي مع إيران الذي توصل إليه في 2015 ، وخططه لنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس التي وصفها بالعاصمة الأبدية "للشعب اليهودي" ، وخططه لتقليل التدخل العسكري في المنطقة وخاصة في سوريا، ومقاربته لتعاون وثيق مع روسيا في المنطقة، وتصريحاته عن سرقة النفط العراقي لصالح الولايات المتحدة، وتصريحاته المعادية للإسلام، وتهديده بحظر دخول جميع المسلمين للولايات المتحدة.

قال ترامب أمورا كثيرة خلال حملته الانتخابية مستخدما في أغلب الأحيان لغة قوية تهدف إلى حشد أنصاره دون التفكير في العواقب العالمية، ولذلك فإن تنفيذ  كل ما تحدث به خلال حملته لا يزال قيد البحث، لكن فيما يتعلق بالشرق الأوسط فسيكون من الأفضل لترامب أن يتجنب اتخاذ خطوات من شأنها أن تزيد من تصعيد الوضع في المنطقة.

في السنوات القليلة الماضية عبر حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة عن استيائهم الواضح من موقف إدارة أوباما السلبي تجاه أزمات الشرق الأوسط، ولاسيما السعودية التي التي كانت تشعر بعدم الارتياح من من إدارة  أوباما بسبب توقيعها للصفقة النووية مع إيران التي تنافس السعودية على النفوذ الإقليمي.

شعرت تركيا العضو في حلف الناتو بخيبة أمل أيضا من سياسات إدارة أوباما التي ترددت في العمل عندما كان الأمر ضروريا في سوريا، كما انتقد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الولايات المتحدة لعدم وقوفها بحزم ضد الانقلاب العسكري الساقط، واتهمها بإيواء رجل الدين، فتح الله غولن، الذي يعيش في منفاه الاختياري في ولاية بنسلفانيا، وتتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الدموي.

ترغب تركيا إلى جانب بعض الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة أن ترى التزاما من الولايت المتحدة يرسل إشارات إلى واضحة إلى الحلفاء الإقليميين. عرضت دول المنطقة باستثناء إيران دعمها لترامب عندما انتخب على أمل أن تغير الإدارة القادمة السياسة الأمريكية في حقبة أوباما، وتتوقع هذه الدول من ترامب أن يكون أكثر حسما في التحديات التي تواجه المنطقة المضطربة.

الزمن وحده هو ما سيخبرنا كيف يعيد ترامب الأمور كلها إلى المسار الصحيح في المنطقة، ولاسيما فيما يتعلق بتركيا والمملكة العربية السعودية.  وإذا كنا لا نعرف حتى الآن سياسات ترامب وخطط فريقه للمنطقة، فإن هناك حاجة لقيادة قوية وتعاون في إعادة تشكيل المنطقة.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس