خبر 7 - ترجمة وتحرير ترك برس

تعارض بعض الأحزاب السياسية النظام الرئاسي الجمهوري، وتؤيده أخرى. حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية يدعوان انصارهما للتصويت بنعم، فيم يدعو حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي انصارهما للتصويت بـ"لا"، وقد وُجهت الأسئلة المتعلقة بالذرائع التي يتحدث عنها المعارضون، لكبير مستشاري الرئيس وهو "محمد أوتشوم".

وذكر "أوتشوم" بأنّ الفروقات بين اليمين واليسار في تركيا تضاءلت جدا بعد 15 تموز/يوليو، وأصبح حزب العدالة والتنمية، الذي يحظى بتأييد 50% من الناخبين، أصبح يحتضن الجميع، بمختلف عروقهم ومشاربهم الفكرية والاجتماعية.

هل هذا وقته؟

الانتقاد الأول: "نحن نعيش في وسط ملتهب، نعاني من إرهاب داعش من جهة، وإرهاب العمال الكردستاني من جهة أخرى، والجيش التركي دخل منطقة الباب في سوريا، فهل هذا وقت تعديل الدستور؟"

يجيب "أوتشوم": "مثل هذه التعديلات والإصلاحات أصلا لا تتم في الأوضاع الطبيعية، وإنما تتم في المراحل الخارجة عن المألوف، فهذه التعديلات الدستورية تأتي بعد قيام جماعة غولن الفاشية بمحاولة انقلاب ليلة 15 تموز/يوليو، وتأتي هذه التعديلات بمثابة تحقيق استقلال جديد لتركيا، وقد اجتمع على ذلك حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، كونهم أدركوا الخطر المُحدق بمستقبل الدولة التركية، وتصرف دولت بهشتلي بحكمة بالغة في ظل ظروف معقدة شهدتها تركيا، والساسة الذين لم يتبعوا هذا الطريق سيخسرون".

ألسنا في حالة طوارئ؟

الانتقاد الثاني: "لا يُمكن الذهاب إلى استفتاء ديمقراطي في ظل وجود حالة طوارئ"

أوتشوم: "أصبحت حالة الطوارئ حالة طبيعية مستمرة منذ عامين في فرنسا، وتم تمديدها مؤخرا حتى 15 تموز/يوليو من هذا العام، بمعنى انه ستجري الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في فرنسا في ظل استمرار حالة الطوارئ. كما أنّ حالة الطوارئ في تركيا ليست متخذة ضد الشعب، بل ضد الجماعة الفاشية جماعة غولن، وانظروا إلى الفترة الماضية من حالة الطوارئ في تركيا، ستجدون ان حقوق المواطن الديمقراطية الأساسية لم تتأثر اطلاقا بحالة الطوارئ، لانها موجهة ضد تسرب عناصر غولن داخل أجهزة الدولة. وانظروا إلى شاشات التلفاز والاعلام المرئي والانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، ستجدون أنّ صوت الذين يقولون "لا" للتعديلات الدستورية أعلى من صوت الذين يقولون "نعم"، وهذا دليل على ممارسة الجميع لحرياتهم والتعبير عن آرائهم بكل حرية، وفي المقابل انظروا إلى ردود فعل البعض تجاه "اردا توران" بسبب تعبيره عن رأيه، يعتبرون انه من حقهم قول "لا" للتعديلات الدستورية، فيما لا يحق لغيرهم ان يعبروا عن تأييدهم لها! هذا كيل بمعيارين، وهذا كله يتم في حالة طوارئ، وبنفس الطريقة يقولون بانه من الممكن اجراء الانتخابات في فرنسا في حالة طوارئ بينما لا يمكن اجرائها في تركيا في حالة طوارئ! هذا نفاق ومعايير مزدوجة.

لن يستطيع أحد مساءلتهم

هناك من يقول بأنّ التعديلات الدستورية تمت على وجه السرعة وفي فترة زمنية قصيرة.

لنتحدث عن ذلك، نحن نتناقش حول ضرورة إجراء تعديلات دستورية منذ تسعينيات القرن الماضي، وأنا على سبيل المثال بدأت بالحديث عن التعديلات الدستورية عام 1992، وعمري كله مضى وانا اتحدث عن ذلك، يعني ان نقاشات التعديلات الدستورية كانت ضرورة منذ زمن طويل، وكنا بحاجة لتعديلات جديدة بعد تعديلات عام 2010، وقد جرت العديد من الجلسات والنقاشات منذ 2010 وحتى الآن لمناقشة تعديلات دستورية جديدة، من قبل الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني كذلك، وهناك تراكمات كبيرة جدا وطلبات حول هذا الموضوع، الذي أصبح ضرورة واجبة، لأنّ هذه مشروعية حُكم الشعب وإرادة الشعب، والتي ستقود إلى حلحلة ديناميكيات الدولة التركية، وتطوير وضعها السياسي والتخلص من عوائق البيروقراطية.

هذا النظام يقود للاستبداد

هناك من يقول بأنّ الرئيس الآن يستخدم صلاحيات رئيس الوزراء، فلماذا تريدون إدخال ذلك في الدستور ليصبح قانونيا؟ ألا يقود هذا للاستبداد؟

نريد ذلك لأنّ النظام القائم حاليا قابل جدا للأزمات، واذا استمر هذا النظام بهذا الشكل سيقود الى الاستبداد، لان استمرار هذا النظام بهذه المساوئ، يعني الميل اكثر نحو الاستبداد ونحو الازمات، فاختيار رئيس جمهورية مباشرة من قبل الشعب، واختيار رئيس وزراء من اغلبية أعضاء البرلمان، هو نظام قابل للتأزم في أي لحظة.

لا يُمكن ترك الدولة لمهارات شخصية

هل تقولون بأنّ التعديلات الدستورية ليست من أجل شخص اردوغان، وإنما من أجل استقرار تركيا في مرحلة ما بعد اردوغان؟

نحن الآن لا نعاني من النظام السياسي القائم حاليا، والسبب هو التفاهم الكبير بين بن علي يلدرم واردوغان، لكن لا يُمكن ضمان ذلك في المستقبل، لأنّ ذلك يعني بقيادة برأسين، ولذلك علينا تعديل ذلك، وإلغاء هذا الخطر الذي قد يتهدد مستقبل تركيا.

لماذا لا يُمكن انتخاب نائب لرئيس الجمهورية؟

حسب النظام الحالي، فإنّ رئيس البرلمان المنتخب يكون نائبا لرئيس الجمهورية، لكن التعديلات الدستورية المقترحة، تفيد بأنّ نواب رئيس الجمهورية سيكونون بالتعيين وليس بالانتخاب، وهنا يقولون بأنّه في حال غياب رئيس الجمهورية، فإنّ نائبا معيّنا لا يُعبر عن إرادة الشعب وليس منتخبا هو الذي سيقود البلاد.

هذا خطأ إلى حد كبير، ربما لأنهم غير مدركون للموضوع، أو انهم يريدون نشر أكاذيب، فرئيس الجمهورية يحق له حسب التعديلات الدستورية تعيين أكثر من نائب له كما يشاء، ربما يكون واحدا، وربما يكونون أربعة، وانظروا إلى نواب الرئيس في أمريكا، يُعتبرون نوابا منتخبين وهم في الحقيقة معينون من قبل الرئيس، وعلى سبيل المثال لو اضطر ترامب بعد 6 أشهر لترك الرئاسة لأسباب صحية، فإنّ نائبه المعيّن سيقود البلاد ويُكمن فترة 3 سنوات ونصف ويُعتبر بأنه مُنتخب. لكن التعديلات الدستورية في تركيا فقط تقول بأنّ النائب سيقود البلاد لمدة 45 يوم انتقالية تسبق الذهاب لانتخابات الرئاسة، ولن يحظى بصفة رئيس، وهو سيقود البلاد فقط من اجل التحضير للانتخابات، ولا يملك صلاحيات لتكملة فترة رئاسية لرئيسه. وهنا أيضا لا بد من الإشارة إلى أنّ من قام بتعيين النائب، هو رئيس منتخب من قبل الشعب.

أربعة حواجز تمنع الدكتاتورية

الكثيرون يتحدثون بأنّ النظام المقترح سيقود تركيا نحو الدكتاتورية وحُكم الرجل الواحد.

هي حكومة شخص واحد، ولكنه ليس نظام رجل واحد، لأنّ نظام الرجل الواحد هو نظام الاستبداد، بينما النظام المقترح فيه فصل تام بين السلطات، ولذلك لا يُمكن ان يخرج عنه استبداد، هذا أولا. ثانيا، لن يستطيع أي شخص حظي على تأييد 50+1 من الناخبين ان يذهب بهم نحو الاستبداد والدكتاتورية، لأنّ هؤلاء الناخبين لن يسمحوا له بذلك. كما أنّ النظام يعطي البرلمان صلاحيات للتحرك ضد رئيس الجمهورية في بعض الظروف، ولذلك لا يُمكن ان يخرج من هذا النظام حكم استبدادي. وأخيرا فإنّ أي دولة قانون لا يُمكن ان ينتج عنها نظام استبدادي، فالأنظمة الاستبدادية متعلقة بالهيمنة الاستعمارية وبالحروب، والنظام هذا مُحكم للذهاب إلى الشعب دوما اذا حدثت أي أزمة.

يُمثل اليسار أيضا

يعتبر البعض أنّ معارضة حزب الشعب الجمهوري للنظام الرئاسي، يعني معارضته لأي توافق مستقبلي بين رئيس من حزب، وبرلمان من حزب آخر، ونفس الموضوع بما يتعلق باليسار واليمين في تركيا.

علينا هنا التذكير بتحليل الاقتصادي "إدريس كوتشوك كومير" الذي قال بأنّ اليسار يمين واليمين يسار في تركيا، فانظروا إلى مبادئ اليسار الحقيقية، العدالة في توزيع الدخل، وغيرها، بينما حزب الشعب الجمهوري يبني سياسته بصورة لا تعتمد على الشعب، وإنما على السياسة الغربية، وهذا الأمر منعه من الوصول إلى الحُكم على مدار 15 عاما، بينما يُطبق حزب العدالة والتنمية كل المبادئ التي ينادون بها منذ 15 عاما، وهو حزب ديمقراطي محافظ، ولذلك فإنّ العدالة والتنمية يُمثل اليسار أيضا في تركيا، وهذا سبب من أسباب نجاح الحزب.

كل رئيس يحظى بدعم 50+1 من الناخبين، يعني بأنه يحظى بدعم الأغلبية، ويمثل الإرادة السياسية للأغلبية، ولهذا فإنّ أخذ أحدهم لتأييد 50+1 من أطياف الشعب التركي المتنوعة، هو أمر يمثل ارادتهم، ولا يُمكن لهذا الرئيس المُنتخب سوى ان يقوم بما تريده الأغلبية، وإلا فإنه سيخسر في الانتخابات التالية. وتركيا بحاجة اليوم لهذا التغيير، من أجل ان تعانق المستقبل وهي راسخة ثابتة على قدميها.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!