حسين يايمان – صحيفة وطن – ترجمة وتحرير ترك برس

لكي نستطيع أن ندرك ما يحصل اليوم بالشّكل الصّحيح، علينا أن نعود بذاكرتنا خمسة عشر عاماً إلى الوراء. وإلّا سنظلّ ندور حول حلقةٍ مفرغة ولن نستطيع فهم الأسباب التي أدّت إلى ما نحن فيه الأن.

ففي عام 1999 حصلت أحداث مهمّة يستوجب الوقوف عندها. حيث أنّ هذه الأحداث لم تقع من قبيل الصّدفة أبداً.

في 15 شباط/فبراير من العام 1999 تم القبض على زعيم حزب العمّال الكردستاني "عبد الله أوجلان" واستقدامه إلى تركيا.

في 22 آذار/مارس من العام نفسه ذهب مؤسّس تنظيم الكيان الموازي "فتح الله غولن" إلى الولايات المتّحدة الأمريكية.

في 26 آذار/مارس عام 1999 دخل رجب طيب أردوغان سجن "بينارهيسار"

ففي تلك الفترة حدثت أحداث مثيرة للعجب في تركيا. فتعاقب الأحداث بهذا الشّكل، لا يحدث إلّا في الأفلام السينمائيّة وطبعاً في تركيا أيضاً.

فقد قامت الادارة الأمريكية حينها بتسليم زعيم تنظيم (PKK) إلى السلطات التركية.  وقد أبدى بولنت أجويد الذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء آنذاك، استغرابه من التّصرّف الأمريكي هذه وأعلن على الملأ أنّه لم يفهم سبب إقدم الادارة الأمريكية لمثل هذه الخطوة.

وإنّ تسليم الولايات المتّحدة الأمريكية لعبد الله أوجلان إلى السّلطات التركية، أعطت دُفعةً معنويّة لبولنت أجويد آنذاك، حيث نجح في الانتخابات التي تلت هذه الحادثة.

 لكنّ حدثاً مهمّاً أيضاً، أعقب عمليّة تسليم عبد الله أوجلان ونجاح أجويد في الانتخابات البرلمانيّة، فالولايات المتّحدة الأمريكية التي قامت بتسليم عبد الله أوجلان إلى السّلطات التركية، أخذت فتح الله غولن مقابل هذه الخدمة.

هل تمّ مبادلة عبد الله أوجلان بـ فتح الله غولن

لو نظرنا إلى تعاقب الأحداث في تلك الفترة، لوجدنا انّ الولايات المتّحدة الأمريكية قامت بإستبدال عبد الله أوجلان بـ فتح الله غولن. فبعد تسليم عبد الله أوجلان إلى السلطات التركية، قامت أجهزة الاستخبارات المتعاونة مع الأمريكيّين آنذاك، بتهديد فتح الله غولن، حيث كانوا يهدفون من وراء تلك التّهديدات إلى إرغام غولن على الهروب لا سيما أنّهم كانوا قد جهّزوا الأرضيّة الملائمة لخروجه من البلد.

من جهةٍ أخرى علينا أن نمعن في التفكير عن سبب اختيار غولن للولايات المتّحدة وامتناعه عن الذهاب إلى دولة أخرى.

بعد أن غادر فتح الله غولن البلاد بأربعة أيام، حدث تطوّر جديد، حيث تمّ سجن رئيس بلديّة اسطنبول "رجب طيب أردوغان" في سجن بينارهيسار بسبب إلقاءه أبيات شعرية لشاعر محظورٍ في تركيا. وكأنّ هناك يد خفيّة كانت تعيد هيكليّة الدّولة التركيّة آنذاك. حيث قطفت هذه الأيد الخفيّة ثمار ما قاموا به في انتخابات 18 نيسان/أبريل عام 1999 فقد نجح الحزب الدّيمقراطي اليساري بالانتخابات النيابيّة آنذاك وكُلّفت بتشكل الحكومة الجديدة.

حينها إعتلى بولنت أجويد منصب رئاسة الوزراء، ولكن العديد من الأسئلة كانت تبحث عن أجوبةٍ لها في تلك المرحلة. فلم يدلي أجويد بأي تصريحّ حول ذهاب فتح الله غولن إلى الولايات المتّحدة الأمريكية. ولماذا قبلت الادارة الأمريكية استقبال هذا الشّخص على أراضيها مع العلم أنّ هذه الإدارة هي التي قامت بتسليم عبد الله أوجلان إلى السّلطات التركيّة قبل عدّة أيام؟ ما هي أهداف الولايات المتّحدة من وراء قبول فتح الله غولن؟

إنّنا إلى الأن لم نستطع أن نجد أجوبةً منطقيّة لهذه الأسئلة، لكنّنا نستطيع أن نقوم بتحليلٍ عقلاني، ربّما يوضّح لنا بعض الغموض الذي يشوب هذه القضيّة.

هل يمكن توضيح مؤامرة عام 1999

لكي نستطيع أن نفهم ما الذي حدث قبل يومين من اعتقالات بحق عناصر تنظيم الكيان الموازي، علينا أن ندرك خفايا مؤامرة عام 1999 وإلّا فستبقى كل التّحليلات والاحتمالات قيد التّوقّعات لا أكثر. فعلى الحكومة والمعارضة التركيّة أن تبحث عن القوى التي تدعم مثل هذه الجماعات وما هي أهدافهم من وراء هذا الدّعم، وأن لا تكتفي بمحاربتهم وحدهم فقط.

إنّ جماعة فتح الله غولن بدأت تتصرّف كحزبٍ سياسي في الفترة الأخيرة وطمعت بالسّلطة في البلاد. والمشكلة الحقيقيّة تكمن هنا. حيث أنّه من المعروف بأنّ هذه الحركة تأسّست بدواعٍ  دينيّة ومدنيّة. فلماذا بدؤوا يطمعون بالسّلطة السياسية القضائيّة والأمنية والعسكريّة في البلاد إلى هذا الحد؟

لماذا أصبحوا يحاولون القضاء على كل من يعترض طريقهم؟

عليهم أوّلاً أن يقدّموا أجوبةً مقنعة لهذه الأسئلة، ومن ثمّ نتحدّث معهم عن حملة الاعتقالات التي جرت قبل يومين.

عن الكاتب

حسين يايمان

كاتب في صحيفة وطن


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس