ترك برس

يواصل قطاع التلفزيون في تركيا توسيع نطاقه العالمي، حيث تجاوزت الصادرات السنوية حتى الآن 350 مليون دولار وفقًا للحكومة التركية، مع طموحات تجاوزت المليار دولار خلال الخمس سنواتٍ المقبلة.

ربما يعد مسلسل "فاطمة غُل" لبطلته بيرين سات، البوابة التي أتاحت للدراما التركية دخول التلفزيون الأوروبي من أوسع أبوابه. وبشكلٍ عام، فإن الأعمال الدرامية التي تركز على قصص الإناث وحياتهم هي التي حققت النجاح الأكبر على المستوى العالمي بين المسلسلات التركية.

وبالنسبة للشرق الأوسط، فقد تفوقت الدراما التركية بشكلٍ واضح على الدراما العربية، لتصبح الأكثر مشاهدة فيها مؤسسة قاعدة جماهيرية ساحقة في دول الشرق الأوسط.

لكن ومؤخرًا، قامت القناة العربية الأكثر مشاهدة في الشرق الأوسف "إم بي سي" بإيقاف بث الدراما التركية على قنواتها وذلك في شهر آذار / مارس الأخير. ومن الجدير بالذكر أن جميع الأعمال التركية التي كانت تعرض عليها في السابق والتي نالت مساحةً واسعة بين برامج القناة، كانت تعرض مدبلجةً بالعربية. وبشكلٍ عام، هناك اتفاقٌ على أن القرار هذا نجم عن التوترات الحالية بين تركيا والمملكة العربية السعودية على الصعيد السياسي، وكما هو مُعتقدٌ لدى الكثيرين فإن المملكة السعودية هي المسيطر الأول على شبكة تلفزيون إم بي سي التي تتخذ من دبي مقرًّا لها.

تعليقًا على قرار إيقاف بث الأعمال التركية، يقول عزت بنتو رئيس شركة المبيعات التركية غلوبال إيجنسي Global Agency: "إنه بالطبع قرارٌ سياسيٌّ ضد حكومتنا، آمل أن يغيروا رأيهم".

ومن المفارقات أن إم بي سي تمتلك 03 ميديا، التي أسست منذ عدة سنوات كشركة فرعية أصبحت منتجًا بارزًا للدراما التركية بما في ذلك الدراما في نيتفليكس. لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت السياسة ستؤثر أيضًا على نشاط إنتاج شركة إم بي سي في تركيا.

يقول فريدريك مالمبورغ، رئيس شركة إيكو رايتس التي تمثل ما يقرب 20 ساعة من الدراما التركية الأسبوعية في جميع أنحاء العالم ويقع مقرها في السويد: "سيكون هناك 10 مسلسلات تركية ستعرض على الهواء في إسبانيا العام المقبل". وجاء هذا القرار بعد أن دخل مسلسل فاطمة غُل سجلات التصنيف العالمية على قناة نوفا الإسبانية.

مؤخرًا بدأ التصوير الرئيسي في شهر آذار / مارس الأخير للعمل التركي الأول الذي تمتلكه نيتفليكس، وهو عبارة عن فانتازيا تنتمي للعهد العثماني، وسيكون مزيجًا من التاريخ وعناصر الإثارة والعناصر الخارقة للطبيعة. العمل من إنتاج 03 ميديا التي لم تقرر بعد العنوان الذي سيعرض به العمل. ويعد المسلسل المؤلف من عشر حلقات، نسخةً تركية لـ The O.C. والتي ستحكي عن شاب يكتشف أن لديه قوى خارقة للطبيعة عليه استخدامها من أجل حماية اسطنبول من قوى الظلام.

وباستثناء نيتفليكس التي اشترت بالفعل عددًا من الأعمال التركية القوية، لم تشاهد منصات البث الفعلي حتى الآن أعمالًا درامية تركية. وبدلًا من ذلك، أطلقت أمازون برايم فيديو برنامج (ذا ريمكس The Remix) في شهر آذار / مارس الأخير، وهو برنامجٌ واقعي موسيقي هندي، بعد أن اشترت حقوقه من غلوبال إيجنسي التي تقود نجاح غزوة الأعمال التركية المنتشرة في الأسواق.

لا زالت تركيا صغيرةً في سوق فورمات البرامج، أي شراء حقوق برنامج أجنبي والعمل على إنتاجه بصيغة تركية. لكن ذلك لا يمنع أنها تتطور في هذا المجال وبشكلٍ سريع، فمن جهتها، قامت شركة إنتر ميديا التي أنتجت العمل التركي (حب بلا نهاية) الذي حاز على جائزة إيمي الدولية للمرة الأولى، بالإعلان عن شرائها لحقوق البرنامج الواقعي (The Perfect Couple) وبرنامج المسابقات (Money Monster).

يقول أحمد زيالار مدير العمليات في إنتر ميديا: "تعد تركيا في مجال الفورمات طفلًا صغيرًا. نحن نعلم أن هذا سيأخذ منا بعض الوقت لنصبح ناجحين فيه في السوق الدولية. لكننا نحاول جاهدين بناء خط جديد من الأعمال".

هذا وقد أثبتت تركيا ذكاءها بشكلٍ خاص في إعادة إنتاج عروض المواهب الغربية، حيث قامت الشركة التركية الرائدة أجون ميديا Acun Medya بتحويل برنامج سيرفايفر Survivor إلى نسخة حققت نجاحًا باهرًا في اليونان حيث وصل جمهوره هناك إلى 70 بالمئة.

كما حصدت أكون ميديا نجاحًا كبيرًا في كل من البرازيل والمكسيك ورومانيا بفضل فورمات البرنامج الرياضي إكساثلون Exathlon.

بطبيعة الحال، تشكل الدراما الجزء الأكبر من صادرات التلفزيون التركي، التي تأتي في المرتبة الثانية في العالم من حيث المبيعات، بعد الولايات المتحدة، وجاء هذا الترتيب بعد بدء بث العمل التاريخي الشهير الذي أحدث ضجةً عالمية: قيامة ارطغرل.

في الوقت الحالي، حقق العمل التلفزيوني The Pit نجاحًا محليًّا واسعًا بعد أن تم تصويره في أحد أكثر أحياء اسطنبول إثارةً للجريمة، وهو من إنتاج إنتر ميديا. ومن المسلسلات الأخرى التي يجدر الحديث عنها اليوم، مسلسل (سلطان قلبي) وهو إنتاجٌ مشترك بين تركيا وروسيا. لا توجد حتى اليوم محطة إذاعية تركية لبثه لكنه يعتبر إشارةً إلى عهد جديد في العلاقات الثقافية بين البلدين، وقد بيع من قبل غلوبال إيجنسي. وتعد دراما الانتقام الجديدة Stiletto Vendetta دراما لامعةً تعرض على قناة ستار تي في.

ومن عجيب المفارقات أن إنتر ميديا قد أطلقت The Pit في الشرق الأوسط في نفس الشهر الذي أوقفت في إم بي سي بث الأعمال التركية، الأمر الذي يعد دليلًا واضحًا على أن الخطوة التي قامت به إم بي سي لن تؤثر على نسبة مشاهدة الأعمال التركية في العالم العربي.

وقد قامت مجموعة بين ميديا beIN Media Group التي تتخذ من قطر مقرًّا لها، بتوقيع صفقة مع إيكو رايتس لشراء الحقوق الحصرية لثلاثة أعمال درامية تركية كبرى، واحدة منها "قلب المدينة"، ويعد هذا واحدًا من أفضل العروض التي قدمت في الآونة الأخيرة.

ونقلت صحيفة ديلي صباح التركية مؤخرًا عن اوزتك وهران رئيس غرفة التجارة في اسطنبول، قوله أنه إذا أصرت إم بي سي على الحظر فإن تركيا ستحول هذا الأمر إلى فرصة من خلال خلق مجموعة غنية من قنوات الإنترنت للوصول إلى المشاهدين في هذه الدول.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!