ترك برس

في مقال بعنوان "تركيا على طريق النجاح" سلط المحلل السياسي الأمريكي، إيريك مارغوليس، الضوء على الأسباب التي تدفع الدول الغربية إلى كراهية الرئيس التركي، بعيدا عن  الخوف والعداء التقليدي الذي يكنه الغرب للسلاجقة والأتراك العثمانيين.

يقول مارغوليس إن تركيا انضمت إلى حلف الناتو في عام 1952 في وقت هيمنت فيه الولايات المتحدة على الشرق الأوسط. وكان الجيش التركي ثاني أكبر جيش في الناتو بعد أمريكا. وأدار الجنرالات الأتراك المتعاونون مع الجيش الأمريكي حكومات أنقرة من وراء الستار. وكانت النخبة الصغيرة المستغربة والقوية في تركيا سعيدة بتلقي الأوامر من واشنطن، والإبقاء على الإسلام في تركيا مقيدا أو منفيا في المناطق الريفية.

ويستدرك الكاتب أن هذا كله تغير في عام 1994، عندما أصبح المواطن القومي البالغ من العمر 40 عاما، رجب طيب أردوغان، عمدة إسطنبول وبدأ بتنظيف وتحديث المدينة المتداعية. وبعد فترة سجن قصيرة لقراءة قصيدة إسلامية قديمة، أطلق سراحه وشكل حزب العدالة والتنمية، وهو حزب إسلامي معتدل يؤمن بالديمقراطية، ويسترشد بمبادئ المسلمين من الكبرياء الوطني، والرفاهية للفقراء والمسنين، وتقاسم الثروة، ودعم المسلمين الآخرين، وحث المسلمين على تبني حياة الاعتدال.

لم يكن هناك شيء يوقف نشاط أردوغان لاعب الكرة السابق. وبحلول عام 2003، انتخب رئيسًا للوزراء من قبل 81 مليون نسمة من سكان تركيا، ومنذ ذلك الحين ثبت أنه يتمتع بشعبية كبيرة بين غالبية الأتراك. ولكن النخبة التركية المستغربة التي تنكر ثقافتها الإسلامية تعارض بشدة أردوغان وحلفاءه الإسلاميين.

ويوضح مارغوليس السبب في ذلك، وهو أنه في عهد أسلاف أردوغان، كان تحالف النخبة المستغربة والجيش يسيطر على وسائل الإعلام، والتعليم، والمحاكم، والسلك الدبلوماسي، والشركات التجارية الكبرى، وكل ذلك بمباركة واشنطن. وخلال فترة ما قبل عهد أردوغان، كانت الحكومة البرلمانية التركية نكتة سيئة وإدارتها المالية كارثية على البلاد.

لكن على مدار العقدين الماضين، استعاد أردوغان وحزبه تدبير الموارد المالية المتهالكة في تركيا، وعزز الاقتصاد، وفرض حكومة أكثر كفاءة وأمانة، وصنع السلام مع الأقلية الكردية المتمردة، وأنهى الخصومات مع الجيران، وأجبر الجيش المؤلف من 600.000 شخص على العودة إلى ثكناته. والخروج من السياسة، فأغضب بذلك الجنرالات وكبار العلمانيين، الذين نفذوا 16 انقلابا منذ الحرب العالمية الثانية.

ولذلك لم يكن قبيل المفاجأة، أن النخبة العلمانية وبعض الجنرالات بدؤوا انقلابا آخر في يوليو/ تموز 2016، وكادوا يتمكنون من قتل أردوغان. ولكن أحبط هذا الانقلاب من خلال انتفاضة شعبية واسعة النطاق.

ويلفت مارغوليس إلى مشروعية الإجراءات التي اتخذها أردوغان ضد منفذي الانقلاب الذي شارك فيه نحو  10.000 شخص من بينهم عدد من كبار الضباط والأكاديميين والصحفيين. واستند الانقلاب على القاعدة الجوية التي تديرها الولايات المتحدة في إنجرليك، ولذلك يعتقد معظم الأتراك أن الولايات المتحدة كانت وراء الانقلاب.

ووفقا لمارغوليس فإن واشنطن طالما انزعجت من توجهات أردوغان المستقلة، ولا سيما في سوريا وفلسطين، كما أن الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل التي أصبحت الآن القوة المهيمنة في السياسة الخارجية الأمريكية، تكره أردوغان لدعمه القضية الفلسطينية. ونتيجة لذلك، فإن أجهزة الاستخبارات الأمريكية والإعلام والكونغرس معادية لأردوغان.

ويضيف أن علاقات أردوغان الطيبة مع روسيا زادت من غضب الولايات المتحدة، مما أدى إلى المزيد من المؤامرات المناوئة لأردوغان في الجيش. وتواصل وسائل الإعلام الأمريكية تشويه أردوغان في حين تتجاهل تماما الدكتاتورية الوحشية في مصر التابعة للولايات المتحدة.

وأردف أن عداء اردوغان ازداد منذ فوزه الساحق في الانتخابات الرئاسية الأخيرة ليصبح رئيس تركيا الجديد القوي، ويبرز بوصفه أهم زعيم تركي مدد منذ عهد كمال أتاتورك.

وختم مارغوليس مقاله بالقول: "إن تركيا لو امتلكت النفط فقط، مثلما كانت قبل الحرب العالمية الأولى، فإنها ستكون قوة عالمية مهمة".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!