ترك برس

مع ارتفاع وتيرة الحديث عن عن هجوم وشيك على محافظة إدلب، وما قد يترتب على ذلك من حركة نزوح كبيرة للمدنيين إلى تركيا التي تضيف بالفعل أكثر من 3.5 مليون لاجئ سوري، نشر معهد بروكينغز للأبحاث بواشنطن، تقريرا مطولا دعا فيه تركيا إلى التركيز على أربع أولويات سياسية تتعلق بإدلب وباللاجئين السوريين، قبل قمة طهران التي تعقد اليوم.

أولا: الاستعدادات المبكرة

ويقول المعهد إن على الحكومة التركية في المقام الأول أن تستعد لتدفق جماعي للاجئين. ويذكر أن هناك تقارير تفيد بأن الهلال الأحمر التركي يرتب المساعدة الإنسانية، وأن بعض هذه الاستعدادات موجود بالفعل في أجزاء تسيطر عليها تركيا في شمال سوريا. كما سيكون من المهم ألا تغلق الحدود وأن يتمكن المدنيون من التماس الأمان داخل تركيا في حالة انتشار العنف شمالاً.

وأضاف أنه في حالة وصول عدد المتدفقين إلى الرقم الذي توقعه المبعوث الأممي إلى سوريا، ستيفان ديميستورا، وهو 800 ألف نازح، فإن هذا الرقم الضخم سيبتلع المساعدات التي تقدمها تركيا. وفي هذه الحالة، سيكون من الأهمية بمكان أن يسعى الرئيس أردوغان للحصول على مساعدة خارجية، ومن وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية.

وقال المعهد إن كرم تركيا معروف عالميا على نطاق واسع، وينبغي الاستفادة من هذه النوايا الحسنة في تعزيز اقتسام الأعباء مع البلدان الأخرى.

ولفت إلى أن التعاون الإنساني مع المجتمع الدولي يحتاج من تركيا استكماله بالتعاون المكثف في مكافحة الإرهاب، حيث يرجح أن يختلط كثير من المقاتلين الاجانب من الصين وروسيا ودول أوروبية أخرى بالمدنيين، ويحاولوا التسلل إلى تركيا.

ثانيا: ضمان العودة الآمنة للاجئين

يجب على تركيا، كما يقول المعهد، أن تخطط للاضطلاع بدور بناء في قضية عودة اللاجئين السوريين، لا سيما أن استطلاعات الرأي في تركيا تظهر رغبة متزايدة في عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم، وهو ما وعد المرشحون خلال الحملات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة في حزيران/ يونيو الماضي.

وأضاف أن تركيا التي أبدت ترحيبا كبيرا باللاجئين أكثر من معظم البلدان الأوروبية، ينبغي لها أن تحافظ على مسارها وأن تولي اهتماما بمعايير العودة الآمنة للاجئين السوريين على النحو الذي حدده مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، وأن تستفيد من تجربة عودة اللاجئين في أفغانستان والبوسنة والعراق.

واعتبر المعهد أن من الخطأ أن تستسلم تركيا لتشجيع روسيا على عقد تسوية ثنائية مع النظام السوري لعودة اللاجئين، لأن هذه التسوية قد تعرض بعض العائدين لتعسف الحكومة السورية، وبقاء بعض العائلات مشتتة، علاوة على أن هذه التسوية لن تفي بضمان العودة الآمنة التي يجب أن تكون جزءًا من تسوية شاملة للنزاع في سوريا.

ثالثا: تعزيز اندماج اللاجئين السوريين

وحث المعهد تركيا على بذل مزيد من الجهود لإدماج اللاجئين السوريين، على الرغم من حساسية هذه القضية.

وقال إنه بعد مرور سبع سنوات على وجود اللاجئين في تركيا، هناك عملية اندماج غير رسمية تجري بشكل طبيعي بالفعل. وقد استطاع السوريون رغم جميع الصعاب والتحديات بناء حياة جديدة، حيث تمكنوا من العثور على وظائف في الاقتصاد غير الرسمي غالبا، وأقام بعضهم أعمالا تجارية، وتزوج بعضهم من الأتراك.

وذكر أن الحكومة التركية قدمت للاجئين مستويات معقولة من الرعاية الصحية وحمتهم من العودة القسرية إلى سوريا، بالإضافة إلى دعم برامج التدريب المهني. كما فتحت سوق العمل للسوريين، وساهمت كثير من البلديات وأعضاء المجتمع المدني بفعالية في عملية الدمج هذه.

ولكن المعهد دعا المجتمع الدولي إلى تقاسم أعباء تركيا في مجال رعاية اللاجئين في مجال التعليم الذي ما يزال يمثل تحديا كبيرا نتيجة عمالة الأطفال بسبب الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها الأسر السورية.

رابعا: دعم إنهاء الصراع

وأخيراً، فإن الطريقة المؤكدة لعلاج التحديات السابقة تتمثل في المساهمة في الجهود الرامية إلى إنهاء الحرب في سوريا. صحيح أن الصراع يتحرك نحو مرحلته الأخيرة، لكن صفقة السلام ستكون قضية معقدة وصعبة.

ويذكر المعهد في هذا الصدد أن تركيا لديها مصلحة كبيرة في تهيئة الظروف التي تمكن من عودة اللاجئين، كما أنها في وضع جيد للمساعدة في إعادة الإعمار في سوريا.

ولكن المعهد حث تركيا على عدم الرضوخ للشروط التي تحاول روسيا فرضها، وعدم استخدام المدنيين الفارين إلى مناطق سيطرتها في شمال سوريا كنوع من مساومة سياسية. وفي المقابل عليها أن تنسق بشكل وثيق مع الأمم المتحدة والغرب لضمان أن يتم التوصل في نهاية المطاف إلى تسوية في سوريا تعالج قضية اللاجئين بطريقة تلبي المعايير الدولية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!