طه داغلى - صحيفة خبر 7 - ترجمة وتحرير ترك برس

رفضت إسرائيل "هاكان فيدان" منذ توليه منصب رئيس الاستخبارات التركية عام 2010، وإلى الآن لا زالت ترفضه. ولكن لماذا؟

إليكم الجواب:

كان موضوع استياء رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان من استقالة رئيس الاستخبارات التركية "هاكان فيدان" ورغبته بالترشح ودخول الحياة السياسية الفاعلة أحد أهم عناوين الصحف ومختلف وسائل الإعلام.

هل بقاء فيدان في الاستخبارات أفضل أم أن دخوله إلى رئاسة الوزراء أفضل؟ يظل هذا موضع نقاش. ولكن الأمر الذي لا يختلف فيه أحد هو أن "هاكان فيدان "يخيف ويؤرق البعض في أي منصب يشغله. وعلى ما يبدو سيبقى كذلك.

من هم هؤلاء البعض؟ بالطبع "إسرائيل". تمّ تعيين هاكان فيدان في عام 2010 في نفس الأسبوع الذي حدث فيه الهجوم الإسرائيلي على سفينة "مافي مرمرة" التي ذهبت إلى غزة ضمن أسطول الحرية. وتعالت من إسرائيل أصوات ترفض هذا التعيين ومن بينها وزير دفاع إسرائيل يهود باراك ووزير خارجيتها ليبرمان.

كان هاكان فيدان مستهدفا في السابع من شباط/ فبراير 2012 ولكن هذه المرة ليس من إسرائيل بل من جماعة غولن (التي تسمّى الكيان الموازي) حيث استُدعِي للتحقيق فيما يتعلق بمباحثاته مع حزب العمال الكردستاني "بي كي كي PKK" في أوسلو، ثُمّ أخذ الأمر صِبغَةً سياسية وأرادت الجماعة اعتقاله لولا تدخل الحكومة. وهُدِّد فيدان بالموت من قبل الإعلام الإسرائيلي في عام 2013. واتُّهِم بالعمالة مع إيران وغير ذلك من التُّهم الّتي لُفِّقَت له.

كيف لبلدٍ أن تتدخل بتعيين منصب زعيم الاستخبارات لبلد أُخرى وبأي جرأةٍ تقول لها "لا" وتُعارِض التعيين بشدة؟

إن هذا ممكن إذا ما كانت البلاد هذه تسمح لبلد آخر باستخدامها كحديقتها الخلفية على مدى أكثر من نصف قرن، وإن رضيت أن تكون لعبةً في يد بلد آخر لـ52 عام، وإنّ مجيء شخصٍ يمكنه إيقاف ذلك سيواجه بالطبع بالرفض الحاد.

تعود العلاقات الحميمة بين الاستخبارات التركية والموساد إلى العهد الذي تلا تأسيس دولة إسرائيل عام 1958 بعشر سنوات. وتعاظمت هذه العلاقات وتطورت في بداية التسعينات لتصبح تعاونا استراتيجيا، حيث تم التوقيع في هذه الفترة على العديد من الاتفاقيات بين تركيا وإسرائيل. وتذكُر وسائل الإعلام الإسرائيلية أنّ فترة التسعينات هي "الفترة التي وصلت فيها العلاقات التركية الإسرائيلية أوجها". ويذكر أنّ هذه الفترة نفسُها هي الفترة التي حصلت فيها اغتيالاتٌ وُجِّهت ضد مجهول في تركيا.

وفي هذه الأعوام تمتّعَ الموساد بحق استخدام الأراضي التركية كمنطقةٍ آمنة، فكان يستطيع عملاء الموساد دخول تركيا والخروج منها لتنفيذ مهامهم كما يريدون كما لو كانت تركيا مزرعتهم الخاصة.

ولا يخفى على أحد أن مهام عملاء الموساد كانت الاغتيالات. وكانت تركيا التي يدخولونها ويخرجون منها متى أرادوا المأمن والملاذ لهم لدى عودتهم من بلد آخر.

لم يكونوا يخضعون لمراقبة جوازات السفر ولا لمراقبة الأمن ولا لمراقبة جمركية على الحدود.

ولم يكن من الصعب عليهم التجسس كما يحلو لهم في الأراضي التركية فلم يكونوا يجدون حرجا بامتلاك وحمل عدة التجسس.

انتهت كل هذه الحريات الممنوحة للموساد مع مجيء "هاكان فيدان" إلى رئاسة الاستخبارات في 2010. هذا وراء غضب وحنق إسرائيل من فيدان منذ ذلك الوقت.

لقد نجت الاستخبارات التركية من نير الموساد والسي آي إي. هذا ما نجحت به إدارة أردوغان. ولذلك سلمت مقاليد الاستخبارات إلى فيدان ولم ترضى بتسليمه في 7 شباط/ فيدان.

تغيرت بنية الاستخبارت التركية كليا مع مجيء رئيس الجمهورية أردوغان ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو ونجاحات هاكان فيدان.

وبعد فراغ فيدان من منصب رئاسة الاستخبارات ستسلم إلى من يليق بها.

وتناقلت الصحف الإسرائيلية خبر ردة فعل أردوغان على استقالة فيدان حين قال أردوغان "أنا لا أرحب باستقالة فيدان".

هذا يعني أن إسرائيل ستستمر في القلق والأرق حتى بعد تقلد فيدان مناصب جديدة.

عن الكاتب

طه داغلى

كاتب في صحيفة خبر 7


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس