ترك برس

رأى المحلل السياسي البريطاني المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، آدم غاري، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية لم يغيروا أيديولوجيتهم ونهجهم طيلة السنوات الخمس عشرة الماضية، ولكن القوى الغربية هي التي تغيرت داخليا وتغيرت تصوراتها للحكومة والشعب التركيين.

وأوضح غاري في مقال نشره موقع "The New Turkey" أنه عندما فاز حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان بأغلبية الأصوات في انتخابات عام 2003 شكك الكثيرون في تركيا في قدرة أردوغان على الوفاء بالوعود التي قطعها هو وشريكه السياسي السابق عبد الله غُل، كما شكك آخرون فيما إذا كان التغيير الاجتماعي الذي ستجلبه حكومة العدالة والتنمية سيكون إيجابيا أم سلبيا.

وعلى النقيض قوبل صعود أردوغان بإشادة واسعة في جميع أنحاء الغرب. وكان ينظر إلى موقف أردوغان المؤيد للتجارة والنمو الاقتصادي والمؤسساتية على أنه تطور مرحب به بين رجال الأعمال الغربيين والأسواق المالية الذين تحدثوا منذ فترة طويلة عن إمكانات تركيا الاقتصادية غير المستغلة.

كما أشاد الغرب بأردوغان لضخّه طاقة جديدة في الأجواء الديمقراطية الشاملة في تركيا، لا بتحدي القدرات الانتخابية لحزب الشعب الجمهوري فحسب، بل بتحدي الخمول والجمود الذي أصاب الأحزاب السياسية التركية.

ومن حيث سياسته الخارجية، تحمس الغرب خلال السنوات الأولى لأردوغان لرغبته في بناء علاقات قوية بين تركيا والاتحاد الأوروبي بهدف الانضمام في نهاية المطاف إلى الكتلة الأوروبية. وكان هناك تفاؤل بأن تركيا ستنضم إلى الاتحاد عام 2008.

وأخيرًا، كما يقول غاري، غالبًا ما امتدح القادة الغربيون الذين يبحثون عن شخصية دولية كبيرة تبَنّي أردوغان الديمقراطية إلى جانب الإسلام، للتدليل على أن النظرية التي انتشرت على نطاق واسع بعد أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر ومفادها أن الإسلام والديمقراطية لا يجتمعان، هي نظرية خاطئة.

ويشير غاري إلى أن نظرة الغرب إلى أردوغان بدأت تتغير عندما زاد تصميم تنظيم فتح الله غولن الإرهابي على الإطاحة بالسلطات الشرعية في تركيا ابتداء من عام 2013. ونظرا لأن غولن كان قادرًا على استخدام ثروته للتأثير في وسائل الإعلام الغربية الليبرالية، فإن أردوغان الذي كان موضع إشادة لكونه ديمقراطيًا إسلاميًا مؤيدًا لعالم الأعمال في إطار مجتمع حديث منفتح ومتسامح، تحول إلى "الجار الشرير".

بالنسبة إلى الأتراك العاديين، كانت أعمال الشغب في متنزه غيزي بارك تهدف إلى بث الشقاق الاجتماعي بناءً على طلب من غولن وجورج سوروس اللذين استخدما ثروتهما ونفوذهما على وسائل الإعلام الغربية لتصوير محرضي غيزي بارك على أنهم "ديمقراطيون مسالمون".

ويضيف غاري أنه مع تباطؤ اقتصاد الاتحاد الأوروبي، توسعت مشاعر الإسلاموفوبيا في أوروبا لتشمل اليمين المتطرف واليسار الراديكالي اللذين اتفقا على كراهية تركيا وأردوغان.  وبالنسبة لليمين الإسلاموفوبي، فإن موقف أردوغان كبطل سياسي مدافع عن حقوق المسلمين في جميع أنحاء العالم كان يُنظر إليه على أنه تهديد لوجهة نظر عالمية تسعى إلى تصوير المسلمين كأشرار والمسيحيين والعلمانيين واليهود كأبرياء.

أما الليبراليون على غرار سوروس، فكان رفض أردوغان السماح بالتدخل الأجنبي في اللشؤون الداخلية لتركيا دافعا للجماعات الليبرالية إلى اتهام أردوغان بانتهاك حقوق الإنسان ومعاداة الديمقراطية.

ويلفت غاري إلى أنه في الوقت الذي تزايد فيه توتر العلاقات بين القوى الغربية وتركيا، واصلت الأخيرة إقامة شراكات جديدة في الخارج، ففي ظل حكم أردوغان، تحسنت العلاقات مع إيران وروسيا المجاورتين تحسنا كبيرا، ووقعت تركيا على مبادرة الحزام والطريق الدولية التي أطلقتها الصين في عام 2013.

ورأى غاري أن هذه العوامل جميعا أدت إلى تزايد العداء الغربي لتركيا، ليس بسبب أي ضرر أحدثته تركيا للغرب، ولكن بسبب ميل أمريكا بشكل خاص إلى ممارسة سلطتها الاقتصادية من أجل منع البلدان الأخرى من تطوير سياسة خارجية متعددة المحاور.

وخلص غاري إلى القول بأن صفات أردوغان التي طالما أشاد بها كثير من القادة والمحللين الغربيين هي نفسها التي ينتقدها الغرب حاليا. وتبقى خصائص أردوغان المميزة هي رغبته  في التأكيد على تقاليد تركيا الديمقراطية والإسلامية والحديثة في وقت واحد، ودفاعه عن استراتيجية نمو للاقتصاد، واستعداده للدخول في اتفاقات مع جميع دول العالم.

وأضاف أنه على الرغم من أن الزعماء الغربيين قد غيروا رأيهم في أردوغان، يبقى أردوغان وتركيا بالنسبة إلى معظم دول آسيا وأفريقيا وحتى أمريكا اللاتينية، نجما مستمرا في الارتفاع.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!