مصطفى كوكصو - العرب القطرية

تابعت باهتمام خطاب سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر الذي ألقاه في الجلسة الافتتاحية للدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، والتي تضمنت قيماً مشتركة بين بلدينا وقضايا ثنائية نطمح إلى تحقيقها. 

يعكس الخطاب الذي ألقاه سمو الأمير، والخطاب الذي ألقاه فخامة رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان توافقًا في نظرة البلدين إلى العالم، وسعيهما المتواصل لدعم القضايا العادلة وتحقيق السلام في الشرق الأوسط. 

ركَّز أمير دولة قطر على عدة قضايا أساسية، أبرزُها أن ذكَّر العالم بما جلبته التطورات التقنية والتسارع المعرفي والتكنولوجي والعلمي من نِعم عظيمة ورخاء لشريحة واسعة من الناس، إلا أن هذه الرفاهية التي جلبها التقدم العلمي، استدعت معها آثارا جانبية غير مقبولة، متمثلة في زيادة معدلات الفقر والبطالة، والأضرار البيئية المختلفة. 

هذا الموقف القطري الداعم لمستقبل بيئي أفضل، يعزز ما تتطلع له تركيا منذ سنوات طويلة، عملت خلالها مع عدد من الشراكات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني لدعم حركة «صفر نفايات»؛ إذ «لا يمكننا أن نورث أطفالنا عالمًا مليئًا بالتلوث، وموارد طبيعية مستنزفة نتيجة للاستهلاك بلا وعي»، كما صرح فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان. 

لقد كان من دواعي سروري - وأنا الممثل للجمهورية التركية في دولة قطر الشقيقة - أن أرى توافق السياسة العامة للبلدين، وأشهد بنفسي على الانسجام الكبير بين شعبينا، وهذا ما يلفت انتباهي في العديد من الزيارات التي أقوم بها للنشاطات الاجتماعية والمؤسسات المختلفة في الدولة، وخاصة تضامن الشعب القطري والمقيمين من العرب والمسلمين مع تركيا أثناء حدوث الزلزال الذي ضرب الجنوب التركي، وكيف بادر الجميع إلى تقديم الدعم والمساعدة. 

إن انعكاس التوافق بين البلدين على الصعيد السياسي، بعد الشعبي، لهو أهم دليل على أن الروابط الاجتماعية والثقافية والفكرية بين الدوحة وأنقرة في طريقها لمزيد من التقدم والازدهار. 

تشترك دولة قطر مع الموقف التركي المناهض للكراهية بمختلف أشكالها، خصوصا الكراهية المتنامية ضد الإسلام، إذ لا يمكن بشكل من الأشكال تقبُّل الكراهية والاستقطاب والتمييز الذي يتعرض له الأبرياء، وهو ما عبَّر عنه موقف الدولتين في أكثر من محفل سابق. 

وهنا نشهد هذا التوافق في كلا الخطابين، حيث قال فخامة الرئيس: «إن العقلية التي تسمح بالهجمات على القرآن في أوروبا وتشجع عليها تحت قناع حرية التعبير، تسيء بنفسها لمستقبلها». وهو موقف مشابه لموقف صاحب السمو أمير دولة قطر الذي اقتبس من كلامه: «واسمحوا لي أن أنبّه إلى ضرورة محاربة العنصرية وحملات التحريض على شعوب وديانات وحضارات بأكملها. وبالمناسبة، أقول لإخواني المسلمين إنه لا يجوز أن يشغلنا معتوه أو مغرض كلما خطر بباله أن يستفزنا بحرق القرآن الكريم أو بنذالة أخرى، فالقرآن أسمى من أن يمسّه معتوه. قال تعالى: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين). وفي الوقت ذاته أقول لكل من يبرر هذه الأفعال القبيحة بأنها حرية تعبير: لا يجوز أن يكون المسّ المقصود بمقدسات الآخرين نموذجا عن حرية التعبير».

التوافق التركي القطري لا يتوقف عند القضايا البيئية والدولية فقط، إذ تتقاسم الدولتان الرؤى الإستراتيجية ذاتها فيما يتعلق بالشأن الفلسطيني. 

ذكَّر أمير دولة قطر بأن «تقاعس المؤسسات الدولية عن اتخاذ إجراءات ضد الاحتلال، أتاح ويتيح المجال لإسرائيل لتقويض حل الدولتين»، وهو الأمر الذي تؤكده تركيا دائما، وتذكّر العالم بأنه لا يمكن للسلام الدائم أن يتحقق في الشرق الأوسط إلا من خلال التوصل إلى حل نهائي للقضية الفلسطينية، وهو ما أكده فخامة الرئيس.

عن الكاتب

مصطفى كوكصو

سفير الجمهورية التركية في قطر


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس