أرسين جليك - يني شفق

الشيخ أحمد ياسين، عبد الله الرنتيسي، وإسماعيل هنية هم قادة حماس البارزون. استشهد الشيخ ياسين والرنتيسي في مارس وأبريل 2004 جراء عمليات اغتيال نفذتها إسرائيل. وكان الشيخ ياسين المؤسس لحماس، بينما كان الرنتيسي نائبه.

إسماعيل هنية، الذي خلفهما في قيادة المقاومة في غزة، توفي مؤخرًا في هجوم صاروخي استهدف مكان إقامته في طهران.

ومنذ 7 أكتوبر، قامت إسرائيل وأمريكا بارتكاب أعمال وحشية غير مسبوقة لتدمير حماس وكل قطاع غزة. يعتقدون أنهم من خلال القضاء على حماس، سيتمكنون من السيطرة على غزة وبالتالي إنهاء المقاومة الفلسطينية. هذا التوقع يعكس الأهداف والمصالح الإسرائيلية.

تأسست حماس على يد الشيخ أحمد ياسين ورفاقه للوقوف ضد الاحتلال الإسرائيلي وإعلان دولة فلسطينية مستقلة. وقد تحقق جزء من هذا الهدف؛ فقد تم إبطاء الاحتلال، واستمرت المقاومة حتى يومنا هذا.

والأهم من ذلك، أن حماس، من خلال رفضها سياسات منظمة التحرير الفلسطينية التي تعترف بإسرائيل وتؤيد الفكر الصهيوني، تمكنت من جمع شريحة كبيرة من المجتمع الفلسطيني في معارضة الاحتلال.

وعلى مر الوقت، أصبحت حماس مركزًا لقضية فلسطين، وأصبحت غزة محورًا لها. وقد تأكد الدعم المجتمعي لحماس في انتخابات عام 2006، حيث حققت فوزًا بنسبة 57.5% في أول تجربة لها مع صناديق الاقتراع.

وكشف انتصار حماس مدى زيف ادعاءات الغرب حول الديمقراطية وأكد أن تصريحاتهم السلمية بشأن القضية الفلسطينية مزيفة. واليوم، أصبحت الحقيقة واضحة للعالم بفضل مقاومة شعب غزة، الذي كشف وحشية إسرائيل واستعدادها للذهاب إلى أبعد الحدود لتلبية أهدافها.

تاريخ الإسلام وتاريخ المقاومة الفلسطينية يبرهنان أن الخسائر الفادحة يمكن أن تكون دافعاً لحدوث نهضات وانتصارات عظيمة وكبيرة.

إن استشهاد إسماعيل هنية لا يعني نهاية نشاط حماس أو سقوط غزة كما تأمل إسرائيل. بل على العكس، فإن الراية التي حملها إسماعيل هنية من الشيخ أحمد ياسين، والتي حولت مقاومة غزة إلى قضية دولية، ستستمر في التقدم. ورغم عواقب الإبادة والاحتلال، ستظل غزة قلب المقاومة الفلسطينية ومركزًا رئيسيًا للضغط الدولي على إسرائيل.

وبالتزامن مع مرور 300 يوم على ارتكاب الإبادة في غزة، فإن استشهاد إسماعيل هنية وتنفيذ الاغتيال في طهران يشيران إلى أن الحرب الإقليمية المتوقعة أصبحت على الأبواب. الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر قد خرجت عن حدود غزة، والعالم لن يعود إلى ما كان عليه قبل هذا التاريخ، بل دخلنا الآن مرحلة جديدة.

وقد أوضح كل من الرئيس رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية هاكان فيدان منذ أشهر الأهداف الحقيقية لإسرائيل وأمريكا التي تدعمها، والتي تسببت في سفك الدماء في لبنان وسوريا وإيران. أصبح من الواضح للجميع أننا في بداية حقبة قد يُطلق عليها اسم حرب الهلال والصليب الجديدة أو الحرب العالمية الثالثة.

كانت شهادة إسماعيل هنية بمثابة نقطة تحول هامة. يجب على العالم، وخاصة الدول الإسلامية، أن تتمعن في أحداث الأمس لتتمكن من التنبؤ بما قد يحدث في المستقبل. لقد دخل العالم منذ 7 أكتوبر في مسار لا يمكن الرجوع عنه. وبدأت فترة جديدة لأولئك الذين عجزوا عن إيقاف الإبادة الجماعية المستمرة منذ شهور، والذين لم يجرؤوا على مواجهة إسرائيل، والذين يتعاملون مع الأزمة وكأنها لا تعنيهم.

لقد تجاوزت الراية التي حملها إسماعيل هنية حدود غزة. وقد تأكدنا من ذلك مرة أخرى أمس، ونتمنى ألا نضيع المزيد من الوقت في محاولة إقناع من يرفضون استيعاب ذلك.

في الختام، التحية والرحمة إلى الشهيد إسماعيل هنية، التحية لرفاقه، التحية لشعب غزة البطل، وتحية للأبطال الذين يقاومون ويعيشون كشهداءز.

عن الكاتب

أرسين جليك

كاتب وصحفي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس