شعبان كنجو - خاص ترك برس

يتحدث الناس من سكان المخيم وخارجه عن المعيشة القاسية والظروف الصعبة التي يواجهها اللاجئون تحت الخيام وعن ضرورة تبني الجمعيات والمنظمات الدولية لتخفيف معاناتهم من خلال توزيع الغذاء والألبسة وغيرها من الأشياء ولكن!

في مخيم جيلان بينار لا ينقصنا هذا كله، ينقصنا أهم حاجة وهي الثقافة والعلم، أكاد أجزم بأنها الحاجة الوحيدة الملحـّة للناس هنا. وبعد الاجتماع  مع أسرة المركز الثقافي في مخيم جيلان بينار وبتوجيهات من الأديبة ابتسام شاكوش اقترحنا إقامة عدة دورات كدورة محو الأمية والأخلاق ودورة الكتابة الأدبية.

ولم الأدب بالذات؟ لإشباع رغبة الطلاب بالحصول على الوسيلة التي يجسدون بها أفكارهم، ولتزويدهم بما يضمن لهم الدخول في عالم الأدب وهو ما كنا نفتقر له في عهد النظام البائد.

التحق بالدورة ثلاثون طالبًا وطالبة. وكلهم شوق لمعرفة الأجناس الأدبية، الأستاذ سامر كنجو وهو شاعر وأديب أشرف على تزويدهم بما لذ وطاب من صنوف الأدب بأسلوبه الشيق، حيث حبب إليهم الشعر والثقافة والكتابة الأدبية وعلمهم كيف يكونون فاعلين في هذا المجتمع.

وبعد عدة محاضرات طـُـلب منهم التحضير للمشاركة بأمسية أدبية، والوقوف أمام جمهور من أهل المخيم وهم يتحفوننا بقصص من تأليفهم، وكانت أفكارهم جريئة في طرح  المشاكل بالنسبة لأعمارهم. لقد تحدوا الظروف وجعلوا من قسوة المعيشة في المخيم أدبا راقيًا.

تعلموا في هذه الدورة أن هنالك كتبًا يحتاجون إلى قراءتها غير كتبهم المدرسية.

تعلموا أن يثابروا وينتصروا على الظروف الصعبة، بل أن يصنعوا الظرف الذي يجعل منهم أناسًا يبنون الحاضر قبل المستقبل وهدم الأشياء السلبية التي تعلموها في ماضيهم.

المجتمع السوري بحاجة إلى الوعي، بحاجة  لإطلاق العنان لتفكيره، بحاجة لكسر قيود العبودية التي تكبل عقولنا، إن أردنا الخلاص من القمع والإذلال من هذا النظام ـ وهو مطلبنا ـ علينا هزيمة النظام من رؤوسنا قبل هزيمته على الأرض.

واجبنا تقديم كل العــُدد اللازمة للبناء الصحيح، ونعد عملنا رسالة تفرض علينا العمل الدؤوب، لا  تضحية نستحق عليها الثناء والمباركة.

أسرة المركز تبذل ما بوسعها للارتقاء بأبنائها وتحاول تعميم تجربتها على كل المخيمات السورية المنتشرة في كل أصقاع العالم، لكننا نحتاج الدعم من الإدارة التركية وإعطاءنا المجال لدخول باقي المخيمات، فالمواطن السوري في مجاعة حقيقية للعلم والثقافة.

عن الكاتب

شعبان كنجو