عبد الغني الأحمد - خاص  ترك برس

كما يبدو بات الشمال السوري المحور الأبرز للصراع في سوريا، وقد تحسم المعارك هناك مسار التغيرات المستقبلية في هذا البلد، وقد تحول لنقطة جذب للقوى الخارجية فبعد روسيا والولايات المتحدة الأمريكية كُشف عن مشاركة جنود فرنسيين في عمليات لدعم قوات سوريا الديمقراطية في خطوتها المفاجئة للسيطرة على مدينة الرقة أحد أهم معاقل التنظيم خاصة وأن الرقة مدينة عربية وغير داخلة في حدود "روج آفا"، ويتضح الدور الأمريكي الكبير وتصدره للموقف خاصة بعد اعترافه بإرسال جنود للمشاركة بهذه الحملة التي تتزامن مع محاولة النظام مدعوما بروسيا اقتحام المدينة، هذا ما يطرح العديد من التساؤلات لمناقشة أبعاد وأسباب هذا التزعم الأمريكي للحملة.

ومن أبرز أسباب هذه الحملة:

1- محاولة فصل تركيا عن العرب، وذلك بمحاولة أمريكا عن طريق ذراعها "قوات سوريا الديمقراطية" مساعدة الأكراد على إقامة كيان على طوال الشريط الحدودي السوري وليتصل بكردستان العراق لتصبح تركيا منفصلة عن العرب بشكل تام، ولتجعل الأكراد شماعة لتهديد تركيا، وهذا ما لن ترضى به تركيا التي حذرت مرارا من مغبة قيام أي كيان أو أي خطوة لتقسيم سوريا.

2- زيادة الضغط على فصائل الثوار بعد أن فشلت في إجبارهم على الحل السياسي عن طريق مؤتمر جنيف وغيره، وذلك بإلهاء الفصائل وبعثرة أوراقها وتشتيتها وتخفيض الدعم عن الفصائل المدعومة من قبلها.

3- لاطالة عمر النظام الذي لم يسعفه الدعم الروسي الكبير على مدار أكثر من سنة ولم ينجح في قلب المعادلة.

4- وللعمق الاستراتيجي دور كبير إذ تعتبر مدينة الرقة قبلة لاستقطاب المقاتلين الأجانب الذين يقاتلون في صفوف تنظيم الدولة.

5- لاكتساب مدينة الرقة بُعدًا معنويًا لمؤيدي التنظيم على اعتبارها حامية "دولة الخلافة" وعاصمتها.

6- لأن الرقة ذات موقع متميز يتوسط الشمال السوري يوصلها بمدينة الموصل بشكل مباشر.

7- لأن الرقة تحتوي على بنى تحتية كالسدود الضخمة على نهر الفرات التي تولد الطاقة الكهربائية وغيرها من الثروات.

والسؤال الوحيد هو هل تستطيع قوات سوريا الديمقراطية السيطرة على الرقة؟ فعلى الرغم من خسارة التنظيم لمساحات شاسعة في العراق، ولعدد من المناطق في سوريا فإن السيطرة على الرقة لن تكون بهذه السهولة، فقد قام التنظيم بحفر الأنفاق وتحصين مدينة الرقة بشكل جيد.

كما تفوق اعداد مقاتليه بكثير أعداد المقاتلين الذين دافعوا عن مدينتي تكريت والرمادي اللتان كان قد خسرهما في العام الماضي، ويتوقع استبسال من مقاتلي التنظيم للدفاع عن الرقة يفوق ذلك الذي نراه الآن في الفلوجة بالرغم من كل القوة التي حشدت للسيطرة على الفلوجة الصغيرة.

ويلاحظ أن أمريكا تنظر إلى اقتحام الرقة من منظور مصالحها في المنطقة، ولتضغط على تركيا وعلى الثورة السورية ممتطية حزب الاتحاد الديمقراطي، وأن أمريكا غير مكترثة بالدويلة الكردية المزعومة  خاصة مع عدم وجود أي تصريح رسمي أمريكي يفضي بذلك، وأنها ستتخلى عنهم في حال خالفوا أهدافها كما فعلت هي وحلفاؤها في أكثر من مناسبة تاريخية.

عن الكاتب

عبد الغني الأحمد

كاتب سوري


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس