ترك برس

"اﻷتراك اﻷفارقة"، هكذا يسميهم أهل مدينة إزمير غربي تركيا، التي قدم إليها أجدادهم من القارة السمراء قبل قرون، حيث لا يزال اﻷحفاد يحافظون على ملامح اﻷجداد، ولكن بلسان تركي.

يُعتقد أن اجداد "الأتراك اﻷفارقة" قدموا إلى المنطقة اعتبارا من القرن السادس عشر، ومع مرور الزمن انخرطوا في المجتمع التركي وباتوا جزءا منه، لا يختلفون عنه سوى بلون البشرة. 

كما وقعت قصص حب تكللت بالزواج بين الطرفين، الذي ساعد في اندماجهم بالمجتمع التركي.

لا يعرف معظم اﻷتراك اﻷفارقة بدقة متى ومن أي بلد جاء أجدادهم إلى تركيا، التي أصبحت وطنهم الوحيد الذي يكنون له المحبة في قلوبهم.

يتحدث الأتراك الأفارقة بنفس لهجات المناطق التي يعيشون فيها، ويرتدون اﻷزياء التقليدية التركية، لا سيما في الأرياف، كما يتقنون طبخ المأكولات المحلية.

ويعيش في قرية هاص كوي،بقضاء بايندر في إزمير، عدد من اﻷتراك الأفارقة، حيث التقت اﻷناضول السيدة غونغور دالي باش، التي تحدثت عن عشقها لرجل أبيض.

قالت دالي باش، البالغة من العمر 73 عاما، إنها عشقت لمرة واحدة في حياتها وكان شابا ذا بشرة  بيضاء، أصبح فيما بعد زوجا لها رغم معارضة أهلها.

وذكرت أنها هربت معه بقصد الزواج، ولم تعد إلى القرية لسنوات طويلة بسبب الخوف.

أوضحت دالي باش أنها من أصول سودانية، وأن والدتها لم تغفر لها زواجها من ابن جارهم في القرية دون موافقتها، ولم تتحدث معها طوال 45 عاما.

أما صبرية صنائج، فقالت إن ولدها تزوج من فتاة ذات بشرة بيضاء.

من جهته قال سركان دوغولو أر،إنه يعمل في الزراعة، وأوضح أن بعض الناس لا يصدقون أنهم مواطنون أتراك، فيتحدثون معهم بالإنجليزية ويلتقطون صورا معهم.

وقال رئيس جمعية اﻷتراك اﻷفارقة للتعاون والتضامن، شاكر دوغولو أر، إنهم يسعون للتعريف بثقافة أجدادهم. وكشف عن اعتقادهم بوجود ما بين 20 إلى 25 ألفا من اﻷتراك اﻷفارقة في تركيا.

وأردف دوغولو أر قائلا: "لقد فقدنا آثار الماضي، يا ليتنا نتوصل إلى جذورنا لكن ذلك صعب جدا". وأضاف: "تزوج ولدي من فتاة ذات بشرة بيضاء وتفتحت ألواننا".

ويقول مصطفى أولباك، رئيس جمعية اﻷفارقة اﻷتراك في إزمير، إنه "لا وطن آخر لدينا، ولدنا في الأناضول، نحن أتراك لكننا نريد أن نعرف أصولنا، لا يمكننا التخفي وراء لون بشرتنا".

ويعد اولباك من القلائل المحظوظين الذين استطاعوا معرفة جذورهم، فهو ينحدر من إحدى القبائل في كينيا، وقد استقدم جده وجدته من ضمن العبيد إلى اﻻناضول. وقال: "أنشأنا الجمعية لرغبتنا في زيارة موطن أجدادنا ومعرفة ثقافتنا، لكن هذا أيضا يعد مشكلة أخرى، بالنسبة إلى أجدادنا، نحن رجال بيض ومختلفون عنهم في كل شيء".

ويدعو أولباك إلى تعريف المواطنين اﻷتراك باﻷتراك اﻷفارقة قائلا: "تعد منطقة اﻷناضول إحدى أبرز مناطق العالم في الجانب الفني والثقافي، نحن أيضا جزء من هذا التنوع، ونود أن يرانا الجميع هكذا، فالتسميات التي تطلق علينا مثل زنوج أو أسمراي،مزعجة جدا".

وأضاف: "حتى الشرطة لا تعرف بوجود أفارقة أتراك، في أحد الأيام مثلا، انطلقنا في ثلاث حافلات لحضور إحدى الفعاليات، فأوقفتنا الشرطة وبدأت التحقق من هوياتنا ظنا منها أننا لاجئون،وحين رأوا هوياتنا و أسماءنا التركية ظنوا أنها مزورة. وتكمن المشكلة في جهل الناس، إذ لا بد أن يعرف المجتمع التركي بوجودنا".

إلا أن أولباك أكد أن اﻷتراك اﻷفارقة، لا يتعرضون ﻷي تمييز في مؤسسات الدولة.

أما الدكتور أوموت جعفر قره دوغان، الباحث المختص في شؤون اﻷتراك اﻷفارقة، والمدرس بقسم التاريخ في جامعة سينوب، فقال: "إن أجداد هذه الفئة من المجتمع قدموا إلى اﻷراضي العثمانية للعمل كخدم في قصر السلطنة، من دول مثل إثيوبيا و إريتريا والسودان وليبيا ومصر، اعتبارا من عام 1510".

وأردف قره دوغان قائلا: "إنه جرى منح الخدم ذوي اﻷصول اﻹفريقية الحرية، لحض الإسلام على تحرير العبيد، وتم توطين قسم منهم في إزمير وآيدن وموغلا وأنطاليا وقبرص،كفلاحين". كما أشار إلى انخراطهم في الجيش كجنود، لا سيما منذ منتصف القرن السابع عشر.

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!