ترك برس

علّق مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية على مزاعم تناولتها وسائل إعلام يونانية حول تقديم واشنطن هبة عسكرية أمريكية لليونان، في ظل التقارب بين تركيا ومصر.

وفي وقت سابق، ذكرت وسائل إعلام يونانية، أن واشنطن تستعد لتقديم منحة عسكرية إلى أثينا، بينها 9 مروحيات "أباتشي"، و50 مروحية قتالية "أو إتش-58 كيوا".

كما زعمت أن المنحة الأمركية تتضمن أيضًا 120 مدفع ذاتي الحركة "إم 109 هاوتزر".

وفي تصريح لوكالة الأناضول التركية، أكّد المسؤول الأمريكي أن برنامج المواد الدفاعية الزائدة (EDA) الأمريكي، "برنامج بيع وليس منحة".

وأشار مفضلا عدم نشر اسمه، أن اليونان تستخدم مواردها المالية الخاصة لشراء الأسلحة من الولايات المتحدة في إطار برنامج المواد الدفاعية الزائدة.

وأوضح أنه في بعض الأحيان، يمكن أن تغطي الولايات المتحدة تكاليف تجديد المعدات المباعة بموجب "EDA" في إطار برنامج المساعدة الأمنية الأمريكية.

وأضاف: "ولكن عادةً الشركاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) لا يحتاجون إلى مثل هذه المساعدة".

وأكد أن الولايات المتحدة لديها برنامج قوي في المبيعات العسكرية الخارجية مع اليونان على غرار تركيا.

وأوضح أن بلاده قدمت معدات إلى اليونان في إطار برنامج المواد الدفاعية الزائدة، على غرار ما قدمته إلى الشركاء في حلف الناتو.

وقال: "هذه صفقة، وتعامل متطابق لما نفعله مع تركيا ومع حلفائنا الآخرين في الناتو".

وتأتي مزاعم اليونان بالتزامن مع تقارير تركي-مصري أثار امتعاضها وقلقها بسبب تحركاتها غير القانونية شرقي البحر الأبيض المتوسط.

وطرحت مصر، في فبراير/ شباط الماضي، مزايدة للتنقيب عن النفط والغاز في منطقة شرق البحر المتوسط، مع الأخذ بعين الاعتبار الحدود المشروعة للجرف القاري التركي.

وهي خطوة ستكون لها نتائج مهمة في إطار الجغرافيا السياسية لشرق المتوسط عامة، وخاصة من جهة تركيا ومصر.

وتشهد منطقة شرق المتوسط تطورات باتت تؤثر بشكل واضح في تغيير جدول الأعمال والسياسة في المنطقة.

وفي هذا السياق، طرحت مصر إحدى الدول المشاطئة في شرق المتوسط مؤخرًا، مزايدة للتنقيب عن النفط والغاز شرقي المنطقة المعروفة باسم "ماردين 28"، وبعبارة أخرى، جنوب المنطقة التي أبلغت تركيا الأمم المتحدة عام 2019، بأنها تشكل الحدود الجنوبية للجرف القاري التركي.

وفي المقابل، اعتبرت تركيا أن هذه الخطوة المصرية عقلانية وتعبر عن احترام القاهرة لحدود الجرف القاري التركي.

وتمتلك تركيا أرضية سياسة مشروعة منبثقة عن القانون الدولي تخولها لتكون أبرز اللاعبين في المنطقة، رغم الحملات السياسية غير الواقعية ومحاولات اليونان تنفيذ سياسة توسعية تنتهك القانون الدولي، وتنظيم منتدى غاز شرق المتوسط، الذي سعى إلى تقاسم المصالح في المنطقة، بعيدًا عن أنقرة.

الصحافة اليونانية رأت أن الخطوة المصرية لا تعتبر عنصرًا حاسمًا في إصلاح العلاقات المصرية التركية، إلا أنها خطوة واعية وعقلانية، لاسيما وأنها تركت الأبواب مفتوحة لمفاوضات مستقبلية مع الجانب التركي، مع وجود احتمالات وإمكانية لتطبيع العلاقات بين البلدين

خيبة أمل يونانية

الدكتور إيلخان صاغسن، عضو هيئة التدريس في كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية بجامعة "بولو أبانت عزت بايسال" التركية، أشار إلى أن مصر عارضت محاولة اليونان رسم حدودها البحرية اعتبارًا من جزيرة ميس (على بعد كيلومترين فقط من قضاء قاش جنوبي تركيا)، ما دفع أثينا إلى الشعور بخيبة أملها الأولى والتراجع عن أطروحتها التي روجت لها حول "امتلاك الجزر لجرف قاري".

وأضاف في مقال نشرته وكالة الأناضول: "اليوم، وبالنظر إلى الصحافة اليونانية، يمكننا القول إن أثينا تعيش حالة من عدم الارتياح وخيبة الأمل جراء قرار القاهرة طرح مزايدة للتنقيب عن النفط والغاز تراعي مناطق الجرف القاري التركي.

وهنا لا بد من الإشارة أيضًا إلى أن الاتفاقية التركية الليبية الموقعة في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 بشأن ترسيم الحدود البحرية، وجهت ضربة خطيرة لمزاعم اليونان السياسية ومحاولتها مد نفوذها وحدودها البحرية إلى جزيرة قبرص.

واليوم، فإن الموقف المصري تجاه جزيرة "ميس" وقرار القاهرة المتعلق بمزايدة التنقيب عن النفط والغاز، يدفعان اليونان نحو فقدان المزيد من السيطرة في المنطقة.

وبالنظر إلى النتائج يمكننا القول إن اتفاقية محتملة بين تركيا ومصر لتعيين الحدود البحرية من شأنها إظهار أهمية دور دول المنطقة في رسم آفاق مستقبلها، فضلًا عن أن اتفاقية من هذا القبيل قد تساهم في زيادة مناخ الثقة بين البلدين وتفتح الباب أمام المزيد من فرص التعاون".

وقبل أيام، قالت وزارة الدفاع التركية، إن اليونان تواصل انتهاك المعاهدات بنشر سفن حربية في جزر البحر المتوسط، كان آخرها إرسال زوارق حربية إلى جزيرة ميس (تبعد عن السواحل التركية 2.1 كلم).

وكشف الأدميرال التركي المتقاعد جيم جوردينيز، في حديثه لصحيفة "أيدنليك" التركية، أن الولايات المتحدة تعمل على خلق جو التمركز لعهد الهيمنة الجديدة من خلال استخدام الخلافات بين اليونان وتركيا.

وأشار إلى أن اليونان تعتقد بأن الولايات المتحدة قادمة لحمايتها، ولكن الأمر عكس تماما، موضحا أن التحركات الأمريكية تأتي في الوقت الذي تنامى فيه الدور الروسي والصيني في السواحل الشمالية والشرقية لأوراسيا، ما أدى لكسر جيوسياسي في المحيط الهادئ.

ولفت إلى أن مركز الثقل بالنسبة للولايات المتحدة هو المحيط الهادئ، ولكن البحر الأبيض المتوسط مهم للغاية لها، على صعيد الجغرافيا السياسية للطاقة، بحسب ما نقله تقرير لـ "عربي 21".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!