ترك برس

أكد السياسي التركي ياسين أقطاي أن "الانتخابات" المزمع إجراؤها في شمال سوريا في 11 يونيو/ تحظى بدعم أمريكي وستجري تحت تهديد الأسلحة، مما يعكس تناقضات واضحة في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة.

وأكد أقطاي في مقال بصحيفة يني شفق أن التنظيمات الإرهابية مثل "PKK-YPG-YPJ" و"SDG" التي تدعمها الولايات المتحدة، تستعد لإجراء الانتخابات رغم أن الأكراد يشكلون أقلية في المناطق التي يسيطرون عليها في سوريا.

وأوضح أن هذه الانتخابات تهدف إلى فرض واقع جديد في ظل غياب الاعتراف الدولي، مشيرًا إلى أن الظروف الحالية لا تفي بالشروط اللازمة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة. وأضاف أن الولايات المتحدة تلعب دورًا مزدوجًا، حيث تدعم هذه التنظيمات علنًا بينما تعلن عدم تأييدها للانتخابات من جهة أخرى.

كما أشار السياسي التركي إلى أن الأوضاع في غزة، التي تتعرض لهجوم وإبادة جماعية من قبل إسرائيل بدعم أمريكي، ترتبط بشكل وثيق بما يحدث في شمال سوريا.

وقال أقطاي إن الدعم الأمريكي للتنظيمات الإرهابية في سوريا وإسرائيل هو جزء من مشروع توسعي واحد يهدف إلى خلق شعوب خاضعة ومخلصة.

ولفت إلى أن الولايات المتحدة، من خلال دعمها للتنظيمات الإرهابية في سوريا، تسعى لتحقيق أهداف إسرائيلية في المنطقة، مما يضع تركيا في موقف الدفاع عن نفسها وعن غزة في آن واحد.

وفيما يلي نص المقال:

(سوريا والانتخابات وغزة.. حيث يجب على الجميع تحديد موقفهم بدقة)

في الوقت الذي تتعرض فيه غزة منذ 8 أشهر لهجوم إبادة جماعية غير مسبوق من قبل دولة الإرهاب الإسرائيلية، بدعم أمريكي غير محدود، تستعد التنظيمات الإرهابية في شمال سوريا "PKK-YPG-YPJ" و "SDG" التي تدعمها الولايات المتحدة وتغذيها لإجراء "انتخابات" في 11 حزيران/يونيو.

لا يشكل الأكراد، الذين يفترض أن يمثلهم التنظيم في المناطق التي يسيطر عليها، غالبية السكان، بل في الواقع تقل نسبتهم عن 10٪ في العديد من الأماكن. ولكن لا يشكل هذا أي عائق أمام التنظيم الذي يقود هذه العملية ويعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة. حيث أن هذه الانتخابات ستقام في ظل الأسلحة الأمريكية ويعتمد التنظيم على فرض نتائج الانتخابات تحت الأمر الواقع بغض النظر عما إذا تم الاعتراف بالنتائج أم لا.

لقد تم تهجير ما يقارب ثلثي سكان سوريا من منازلهم بسبب الإرهاب الحكومي المستمر منذ 13 عاما، وتقدر أعداد المواطنين السوريين في تركيا والأردن ولبنان والعراق وألمانيا بحوالي 10 ملايين. ويعيش ما لا يقل عن 5 ملايين شخص في الداخل السوري أيضا خارج منازلهم في مناطق آمنة في الشمال. ويأمل قسم كبير منهم في العودة إلى ديارهم فور استقرار الأوضاع.

تحولت هذه المأساة، التي خلفت خسائر فادحة للجميع، إلى مكسب كبير للتنظيمات الإرهابية PKK/PYD/YPG/SDG بفضل تعاون الولايات المتحدة ونظام البعث السوري. وتم استبدال السوريين المهجرين والنازحين بمرتزقة منظمين من قبل هذا التنظيم. كما تم إنشاء هيكل سياسي فعلي في المنطقة من خلال ربط العشائر العربية، التي تشكل الأغلبية في المنطقة، بهذا الهيكل تحت ضغط وإشراف الولايات المتحدة. ولكن منذ البداية عبَّرت هذه العشائر عن استيائها وشكواها علنا من ارتباطها بهؤلاء المقاتلين المسلحين. وفي الأشهر الأخيرة، وصلت هذه الشكاوى إلى حد التمرد.

هناك عملية ديموغرافية واضحة تجري، ويتم محاولة إعادة تأسيس نظام البعث القائم على أقلية، والذي تأسس في السابق لصالح الأسد والنصيريين الذين يدعمونه، ولكن هذه المرة لصالح تنظيم "بي كي كي" الإرهابي" على حساب جميع العناصر الأخرى. وتهدف الانتخابات القادمة إلى شرعنة هذا الوضع الحالي عبر فرضه كأمر واقع. ولن يغير من ذلك حقيقة أن العشائر العربية والجماعات الكردية الموالية لبارزاني قد أعلنت عن رفضها للانتخابات وعدم مشاركتها فيها. فالضوء الأخضر الأمريكي سيكون كافيا للتنظيم الإرهابي "بي واي دي/ بي كي كي. في أي نظام عربي كانت تجرى انتخابات ذات مشاركة عالية؟ يقوم النظام السوري بإجراء انتخابات بمشاركة 5٪ فقط منذ 70 عاما، ويحصل الحاكم الحالي على جميع الأصوات، فمن يهتم؟ الهدف هو أن يرى الأصدقاء الصهاينة أن هناك انتخابات.

وقد صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل أيضا بأن الولايات المتحدة "لا تدعم هذه الانتخابات لأن هناك شروطا غير متوفرة حاليا"، وأضاف: "لقد قلنا ذلك من قبل؛ أي انتخابات ستجري في سوريا يجب أن تكون حرة ونزيهة وشفافة وشاملة، كما جاء في قرار مجلس الأمن الدولي 2254. ولا نعتقد أن هذه الشروط متوافرة حاليا فيما يتعلق بالانتخابات المقرر إجراؤها في شمال شرق سوريا، وقد نقلنا هذا الرأي إلى الجهات الفاعلة في هذه المنطقة".

في الواقع، لقد عبر باتيل بوضوح أكثر من أي شخص آخر لماذا ينبغي عدم إجراء هذه الانتخابات، مؤكدا أن الشروط اللازمة لأي انتخابات، كالحرية والعدالة والشفافية والشمولية، لم يتم استيفاؤها.

بالتأكيد في هذه الحالة، يجب أن نصدق على الفور أن هذه الانتخابات تجرى على الرغم من الولايات المتحدة، أليس كذلك؟ ففي كل عملية صهيونية تنفذها الولايات المتحدة، لا بد أن يكون هناك من تخدعه الولايات المتحدة وتعتبره أحمقاً. على سبيل المثال، عندما تزعم الولايات المتحدة أن تنظيم "بي واي دي" الإرهابي الذي قدمت له كل هذا الدعم على مر سنوات والذي بفضله أنشأت هذا التنظيم الإرهابي من العدم، يمتلك الحرية والاستقلالية للقيام بمثل هذه الخطوة رغما عنها، فإنها تكشف عن جميع نواياها. وهذا التصرف يشبه إلى حد كبير ما فعلته عندما زعمت أنها لا توافق على دخول إسرائيل إلى رفح، بينما لم تدخر أي دعم سياسي وإعلامي وعسكري غير محدود لعملية الإبادة الجماعية في غزة.

وقد سبقنا صالح مسلم، الحليف المخلص للولايات المتحدة إلى التعبير عن عدم ثقته بهذا التصريح الأمريكي ونفيه، قائلا: "إنهم أصدروا هذا التصريح بسبب اهتمام الدولة التركية بهذا الموضوع. فتركيا تردد منذ أيام أن الولايات المتحدة تقف وراء هذه الانتخابات. ولذلك من الممكن أن يكونوا قد أصدروا هذا التصريح بعد ردود الفعل التركية. وهذا التصريح هو تصريح دبلوماسي هدفه تجنب استفزاز تركيا". وبذلك كشف مسلم عن طبيعة العلاقة الحقيقية بينهما. فبغض النظر عن الرسالة التي يتم إرسالها إلى الخارج، فإن خطة الولايات المتحدة الحقيقية مختلفة.

في الواقع، يجب أن ندرك أن الدعم غير المحدود الذي تقدمه الولايات المتحدة لتنظيم "بي كي كي/واي بي دي" الإرهابي، والدعم الذي تقدمه لإسرائيل هما خطوتان متكاملتان لنفس المشروع الكبير.

فكما تمثل حماس حركة مقاومة وطنية لتركيا، فإن تنظيم "بي كي كي/واي بي دي" الإرهابي هو أيضا قوى هجومية لإسرائيل لتنفيذ خططها التوسعية الصهيونية. فالمسار والتكتيكات التي يتبعها "بي كي كي/بي واي دي" في المناطق التي يحتلها أو تمت مساعدته للاحتلالها، تشبه تماما التكتيكات التي اتبعتها "إسرائيل" منذ عام 1917 في المناطق التي احتلتها. تهجير السكان الذين أصيبوا بالإرهاق من قبل العصابات المسلحة والهجمات الإرهابية، ثم فرض سيطرة الاحتلال من قبل التنظيم المسلح هناك.

هذه هي الطريقة التي تتقنها "إسرائيل" جيدا، وهي تحاول تطبيقها الآن في سوريا من خلال تنظيم "بي كي كي/بي واي دي" الإرهابي. لطالما قلنا: لا يمكن لإسرائيل أن تسيطر بمفردها على الأراضي التي تعتقد أنها وعدت بها. فهي بحاجة إلى خلق شعوب خاضعة مخلصة لها. و"بي كي كي" يمثل أحد هذه الجيوش المحتملة من العبيد.

لكن ماذا عن الأسد، الذي لا يصدر أي صوت على عمليات أخرى تجري في مجال سيادته من قبل دول أخرى، بما في ذلك الانتخابات والجيش والحكومة؟ هل تعتقدون أن له دور آخر في هذا السيناريو غير كونه قائدا لجيش آخر من العبيد؟

دعونا نقولها مرة أخرى بوضوح وبشكل مباشر: إن احتلال إسرائيل لفلسطين وهجماتها على غزة هي جزء من برنامج صهيوني للتوسع يشمل تركيا في مرحلة ما. وكما أن مقاومة حماس هي دفاع عن تركيا، فإن التنظيم الإرهابي المدعوم من الولايات المتحدة في سوريا هو أيضا جزء من خطة الاحتلال الإسرائيلية. لذلك، عندما تقف تركيا ضد هذا التنظيم، فإنها تدافع عن غزة أيضا. نحن في وضع يتطلب من الجميع تحديد موقفهم بناء على ذلك.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!