ولاء خضير - ترك برس

يتجاوز عدد اللاجئين السوريين في بلدات في تركيا أعداد السكان الأصليين نفسها، ومن ضمنها ولاية "هاتاي"، إحدى أكثر الأماكن إيواءًا للسوريين، كونها قريبة على الحدود السورية – التركية، وهي ذات أغلبية سكانية عربية، سورية الأصل.

ويسكن اللاجئون  السوريون في محافظة "هاتاي"، وغيرها من المحافظات التركية، في منازل ومخيمات تؤمنها الحكومة التركية لهم، أو يستأجرونها من مواطنين أتراك، ويعيشون في وسط من السلام مع  مختلف السكان الأصليين، منذ أربعة أعوام.

حيث يتلقى أطفالها تعليمهم المناسب في المدارس، ويلتحق شبابها بالجامعات بمختلف التخصصات، ويعمل سكانها في حرف وأعمال خاصة، ومشاريع صغيرة ذاتية، توفر دخلا جيدا، وفرص عمل للسكان.

و محافظة هاتاي التركية، (أو لواء الإسكندرون)، التي أصبحت ملاذا للمواطنين السوريين الآن، كانت أرضًا يعيش فيها آلاف السوريين كأغلبية مع الأتراك، إلا أنه في عام 1938 إبان الانتداب الفرنسي على سوريا، أبرم المحتل الفرنسي، اتفاقا مع الجانب التركي، يتنازل بموجبه عن (لواء الإسكندرون)، بالكامل لدولة تركيا.

اللافت أن مئات من اللاجئين السوريين لهم أقرباء، وعلاقات نسب مع الأهالي في الضفة الأخرى التركية للحدود، كما أن المئات من أبناء "هاتاي"، هم في الأساس من أصول سورية، ويجمعهم  تشارك ثقافي، واجتماعي كبير ومتساوي، على طرفي الحدود.

وقد كشفت مصادر تركية رسمية، أن اللاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم في سوريا، ملزمون بتوقيع ورقة تفيد بأنهم يغادرون الأراضي التركية بملئ إرادتهم، على أن توضع باصات تركية تحت تصرفهم لنقلهم إلى النقاط الحدودية، حيث تصبح المسؤولية على عاتق اللاجئين، ويتم توجيه تنبيه لهم بخصوص خطورة الأوضاع.

وتصف الكاتبة فاطمة كايابال أوضاع اللاجئين في "هاتاي" قائلة: "داخل المخيمات التركية، كل شيء مأخوذ في الاعتبار، بدءًا باحترام علاقات القربى بين اللاجئين لتقرير كيفية إسكانهم، علمًا بأنّ الخيمة الواحدة يمكنها استيعاب نحو 5 أشخاص، حتى إنّ اللاجئين يتناولون 3 وجبات غذائية يوميًا، وقائمة الطعام يقررها اللاجئون أنفسهم.

وبالنسبة إلى احتياجاتهم من الألبسة، يوفرها الهلال الأحمر التركي، أما لوازم غسل الألبسة والكيّ، فهي متوافرة من خلال المصابغ المنتشرة في المخيمات، إضافة إلى توفير اللجنة التي تدير المخيمات غرف مجهزة بأجهزة تلفزيونية للرجال والنساء، وأمكنة للصلاة، مع خطوط هاتفية مجانية تحت خدمة اللاجئين.

ومن التسهيلات الموجودة في مخيمات "هاتاي"، عيادات طبية مجانية وأطباء وطبيبات، مع حق السوريين بتلقي الطبابة الكاملة، ومجانًا، في جميع مستشفيات محافظة هاتاي، إضافة إلى حضور دائم لمترجمين ومترجمات.

وللأطفال السوريين في "هاتاي"، وُضع برنامج خاص يقوم على تنظيم دروس في الرسم والموسيقى، ودورات لغة تركية لمن يرغبون في ذلك.

أما النساء، فتتلقى من ترغب منهنّ، دورات في الأعمال اليدوية، وقد استجابت إدارة المخيمات لطلب اللاجئين بتلقينهم دورة في الإسعافات الطبية الأولية. ومن الأمور اللافتة، أن وزارة التعليم التركية تعمل على توفير الحصص المدرسية للأطفال السوريين بنحو لا يفوّتون فيه عامهم الدراسي.

ورغم هذه التسهيلات والتقديمات، لا يزال المقيمون السوريون في المخيمات التركية قلقين على مصيرهم، بما أنهم لا يزالون بلا صفة قانونية واضحة، عدى عن قلة فرص العمل أمامهم، وقلة الرواتب التي يتلقونها.

ويذكر أن "هاتاي" كانت قد تجنبت الحركة "الكمالية" القوية التي اجتاحت تركيا في ثلاثينيات القرن العشرين، والتي نشرت وعيًا قوميًا، وعملت على تأصيل اللغة التركية بين الجماعات غير التركية، ونتيجة لذلك لا يزال السكان العرب في "هاتاي"، يحافظون على هوية عربية قوية، ويواصلون التحدث بالعربية.

ولكن هناك العديد من المحاذير التي تحوم حول اللاجئين السوريين، حيث يتسم بعض السكان السوريون الأصليون في "هاتاي" بطابع علماني قوي، ومن ثم فإنهم يختلفون مع التوجه المحافظ - بل والإسلامي أحيانًا، ومعظمهم يدعم فصيل المعارضة الرئيسي في تركيا، وهو "حزب الشعب الجمهوري".

حيث ينظر بعض العلويين في "هاتاي"، إلى السُنيين السوريين الذين فروا إلى محافظتهم لا كلاجئين، بل كمتمردين كانوا قد قتلوا عائلاتهم في سوريا، أو عرضوها للخطر.

ودرءًا لهذه الأخطار اتخذت أنقرة خطوات للحد من إشعال فتيل النزاع، حيث ابتعدت عن توطين أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين في "هاتاي"، بنقلها العديد منهم إلى المحافظات الداخلية، ورغم ذلك، لا يزال لدى أنقرة ما يدعوها للقلق، في ظل تزايد الصراع في سوريا، ونزح المزيد من اللاجئين إلى مناطق الحدود بشكل متواصل.

وتحافظ الحكومة التركية على سياسة الباب المفتوح حيال المدنيين السوريين الفارين من الحرب في بلادهم، وتواصل دعوتها لتقديم كافة اشكال الدعم لهم، لا سيما أن اللاجئين السوريين في المخيمات التركية، يعانون من انتشار الأمراض المعدية، نتيجة سوء التغذية، كون المساعدات المقدمة لتلك المخيمات غير كافية، نتيجة اعداد اللاجئين المتزايدة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!