ترك برس

لكل شعب على وجه معمورة تاريخ قديم يتناول ميلاده وتطوره وعلاقاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية مع الشعوب الأخرى والدول التي أسسها وعاش في ظلها، ويتمتع الشعب التركي، كغيره من الشعوب، بتاريخ قديم وغني بالعديد من الأحداث والوقائع والتطورات.

ومن خلال رصد الوقائع والأحداث المهمة في التاريخ التركي يمكن تحديد العلاقات السياسية والاقتصادية الخاصة بالشعب التركي مع الشعوب الأخرى ويمكن اقتباس العادات والتقاليد والأحداث المهمة لديه، وفيما يلي نتناول أربع دول أسسها الشعب التركي في تاريخه.

1ـ دولة هون الآسيوية

تُعد دولة هون الآسيوية أولى الدول السياسية النظامية في التاريخ التركي، ويعود تاريخ تأسيسها إلى عام 220 قبل الميلاد، وأما تاريخ انهيارها فيعود إلى عام 46 قبل الميلاد، وكان الدين الأساسي لتلك الدولة هو الدين "الشاماني"، ويعني تقديس السحرة "الشامان" الذين يدعون بأن لديهم قوة تتغلب على النيران ويستطيعون إنجاز الأمور عن طريق جلسات تحضير الأرواح التي فيها تغادر أرواحهم أجسامهم إلى عوالم الروح أو تحت الأرض حتى تعمل على معالجة المهمات.

وبعد فترة من الزمن أصبح مواطنو دولة هون يؤمنون بالدين الإلهي "تانجري" بمعنى أصبحوا يؤمنون بعدم صحة الشامانية وأصبحوا يؤمنون بوجود إله واحد خفي، وظل هذا الاعتقاد سائدًا لديهم إلى أن قدم المسلمون عام 642 إلى وسط آسيا وانتصروا على الدولة الساسانية في بلاد فارس في معركة نهاوند، بعد تقدم المسلمين تجاه منطقة الشعوب التركية، والتقى قائد الفتوحات العربية عبدالرحمن بن ربيعة بملك الترك زعيم دولة "غوك ترك" شهربراز الذي جنح للسلم ووجد من خلال حديثه مع بن ربيعة تقارب الدين الإسلامي مع الاعتقدار التانجري التركي، لذا قبل دخول الإسلام والقتال مع المسلمين ضد المغول.

ضمت دولة هون معظم دول وسط آسيا، وحاولت مرارًا وتكرارًا الوصول إلى الصين وفتحها ولكن لم يحالفها الحظ في ذلك إطلاقًا.

2ـ الدولة السلجوقية

تُعد الدولة السلجوقية أول دولة تركية تؤسس على مبادئ إسلامية، ويُعد "طغرل بيك" حفيد "سلجوق بيك" الذي يعود اسم الدولة له، القائد الذي أرسى الدعائم الأساسية لها عام 1037 في إقليم وسط آسيا وبالتحديد في بالقرب من مدينة "مرو" الواقعة في داخل حدود دولة تركمنستان حاليًا. لعبت الدولة السلجوقية دورًا كبيرًا في توسيع رقعة الدولة الإسلامية تحت راية الخليفة العباسي، وكان لها تأثيرًا كبيرًا على زيادة الحماسة الدينية الإسلامية لدى الشعب التركي.

3ـ الدولة العثمانية

تأسست الدولة العثمانية عام 1299 على يد عثمان بيي بالقرب من منطقة "سوغوت" التابعة لولاية بيليجيك حاليًا، تأسست الدولة العثمانية بمساحة صغيرة ودولة غير معلنة رسميًا، ولكن بعد انتقالها لبورصة وبعد وفاة عثمان غازي عام 1326، تولى مكانه ابنه أورهان غازي الذي عمل على تأسيس الدولة العثمانية بشكل رسمي ونظامي واتخذ من مدينة بورصة عاصمة لها وأخذ يعمل على توسيع رقعتها الجغرافية.

وفي عهد مراد الأول تمنكت الجيوش العثمانية من فتح مدينة "إديرنا" عام 1359 أو عام 1361 "هناك تاريخين مختلفين في الوثائق التاريخية"، وانتقلت العاصمة العثمانية إلى هناك. وبعد فتح "محمد الفاتح" لإسطنبول عام 1453 انتقلت العاصمة العثمانية إلى إسطنبول واتسعت رقعة نفوذها أكثر وأكثر وأصبح لديها موقع جغرافي استراتيجي مكنها من الحصول على دفاعات حصينة وجعلها أكثر قدرة للانطلاق نحو الدول الأوروبية.

فتح "سليم الأول" بلاد الشام في معركة مرج دابق عام 1516 وفتح القاهرة في معركة الرايدانية عام 1517، ويُروى بأن أخر الخلفاء العباسيين "المتوكل على الله الثالث" تنازل له عن الخلافة الإسلامية طوعًا، وبذلك انتقلت الخلافة الإسلامية إلى الدولة العثمانية، وأصبحت الدولة العثمانية دولة الخلافة التي استمر حكمها للبلاد الإسلامية إلى عام 1918، وأصبح "سليم الأول" الخليفة العثماني الأول، وبتأسيس الدولة العثمانية زادت الحماسة الدينية ومسؤولية الدفاع والحفاظ على الدين الإسلامي لدى الشعب التركي.

4ـ الجمهورية التركية

بعد ضعف الدولة العثمانية أمام قوى التحالف، خضعت كافة أرجائها لتلك القوى ولم يعد لديها سوى قوة معنوية، في ظل هذه الفترة التي شعر بها المواطنين الأتراك بضرورة مقاومة القوى المحتلة، تشكل "جيش التحرير" من قبل القائد العسكري "مصطفى كمال باشا"، وبدأت حرب التحرير عام 1919 وانتهت عام 1922 بصد جميع القوى المُحتلة والتي احتلت جميع أنحاء تركيا، حيث احتل اليونان إزمير ووصلوا إلى مشارف أنقرة، واحتل الإنجليز إسطنبول، واحتل الفرنسيون المدن الجنوب شرقية، واحتل الإيطاليون مدينة أنطاليا.

هذه هي المحطات التاريخية المهمة والأساسية في تشكيل التاريخ التركي وحضارة وثقافة الشعب التركي. من خلال التعرف على هذه المحطات الأساسية يمكن لنا معرفة المراحل التي مر بها الشعب التركي حتى أصبح اليوم يعيش تحت ظل دولة الجمهورية التركية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!