ترك برس

نشر السفير أحمد أبو زيد، المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، بيانًا حول تدخل قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في إنشاء طريق "بيله - يغيتلر" في جمهورية شمال قبرص التركية، والتوتر الذي حدث على إثر ذلك.

وقال المتحدث: "في إطار متابعة التطورات الأخيرة فى المنطقة العازلة فى قبرص، ترفض مصر بشكل قاطع الاعتداء علي قوات حفظ السلام الأممية فى المنطقة، وتؤكد موقفها الثابت تجاه القضية القبرصية الذى يتأسس على احترام قرارات مجلس الأمن ذات الصلة. وتثمن مصر خصوصية واستراتيجية العلاقات مع جمهورية قبرص".

وشددت الخارجية المصرية على "أهمية احترام ولاية بعثة حفظ السلام الأممية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وتجنب أية أعمال من شأنها أن تسهم في تعقيد الأوضاع وتغيير الوضع القائم على طول خطوط وقف إطلاق النار والمنطقة العازلة". ودعا البيان إلى "العودة لمسار التسوية الشاملة للقضية القبرصية في ضوء قرارات مجلس الأمن".

وكانت الخارجية التركية قالت في بيان لها إن الموقف الذي أبدته الأمم المتحدة فيما يتعلق بطريق بيله - يغيتلر، وهو مشروع إنساني يهدف إلى تسهيل الوصول المباشر لمواطني جمهورية شمال قبرص التركية في قرية بيله إلى وطنهم، والتصريحات التي أدلت بها الأمم المتحدة بعد ذلك، لا تتوافق مع الموقف المحايد الذي يتعين على قوة السلام طرحه في الجزيرة.

 

وفي الوقت الذي اعتبر فيه البعض أن موقف مصر تجاه ما حدث، والبيان الذي أصدرته في ذلك الشأن، يأتي في إطار "المناكفة السياسية" مع تركيا، قال دبلوماسي مصري إن البيان "ليست له علاقة بمسار العلاقات بين القاهرة وأنقرة، بشكل أساسي، لكنه يعود إلى القلق المصري من الاعتداءات المتكررة على قوات حفظ السلام". وفق صحيفة العربي الجديد.

وأضاف مصدر الصحيفة أن الأخيرة عانت من الاعتداءات كثيراً في السابق، "خصوصاً في مالي، حيث أسفرت الهجمات ضد قوات حفظ السلام هناك عن مقتل 7 جنود مصريين في عام 2022، وهو ما جعل القاهرة تقرّر سحب مشاركتها (في البعثة)، حيث عاد أكثر من 460 جندياً مصرياً إلى البلاد في 2 أغسطس/ آب الحالي".

من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية المصري عصام عبد الشافي، في حديث للعربي الجديد، إن "الموقف المصري من ملف قبرص، لا يمكن فصله بأي حال من الأحوال، عن ملف العلاقات المصرية التركية". وأوضح أن "النظام في مصر يتعاطى مع ملفات شرق المتوسط، سواء ما يتعلق منها بقبرص أو اليونان أو الغاز الطبيعي أو حتى ملف ليبيا من باب المناكفة السياسية مع النظام في تركيا".

وضرب عبد الشافي مثالاً على ذلك عندما جرى الحديث عن زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى تركيا "ثم وجدنا تأجيل، أو تجميد الزيارة، واستقبال السيسي لرئيس وزراء اليونان في مدينة العلمين (3 أغسطس الحالي)".

وأشار عبد الشافي إلى أنه "في الوقت الذي بدأ فيه النظام بتعيين حدود مصر البحرية مع قبرص، وكذلك المياه الاقتصادية بين الدولتين، كما فعل مع اليونان، يرفض تعيين الحدود مع تركيا". وأضاف أن النظام "دخل في شراكة مع قبرص واليونان تحت مظلة منتدى غاز شرق المتوسط، في الوقت الذي تم فيه استبعاد تركيا" لافتاً إلى أنه خلال السنوات الماضية تعددت القمم الثنائية بين مصر وقبرص، والثلاثية بينهما واليونان.

وقال إنه "في أغلب الاجتماعات واللقاءات كانت تركيا الحاضر الغائب، من حيث السعي نحو التحالف ضدها، وتبني السياسات الرافضة للسياسات التركية ليس فقط في قبرص، ولكن في شرق المتوسط بصفة عامة".

في هذه الأثناء، قال مدير مركز الدراسات الاستراتيجية للشرق الأوسط "أورسام" أحمد أويصال، للصحيفة، إن "موقف الأمم المتحدة في القضية القبرصية، يتبع السياسة اليونانية، وكأنه ليس هناك أتراك في جزيرة قبرص".

وأضاف أنه "للأسف فإن المنظمات الدولية تتبع سياسات إهمال الوجود التركي. وتركيا كانت تريد فقط توسيع الطريق، والقوات التابعة للأمم المتحدة تجاوزت حقوق القبارصة الأتراك".

وأشار أويصال إلى أن مصر كذلك "ورغم سياسات حسن التفاهم معها (تركيا)، ما تزال تحاول أن تجامل الطرف الأوروبي والغربي واليوناني، وهذا طبعاً، لا يصح مع العلاقات الطويلة والودية بين الشعبين التركي والمصري، والعلاقات التاريخية العميقة والطيبة والمصالح المشتركة بين البلدين".

واعتبر أويصال أن السياسة الخارجية المصرية تتبنى موقفاً "غير بناء" مع الطرف التركي في قبرص، وهو ما لا يخدم المصالح المشتركة والسياسات الأخوية بين البلدين، بحسب تعبيره. ولفت في الوقت نفسه إلى أن "هذا لا يمكن تحميله معاني كبيرة لأن هذه المواقف نعرفها ولا تؤثر على سياسة تركيا الإقليمية، وهي لا تهتم كثيراً بهذا الموقف المصري".

علاقات مصرية- تركية مبنية على المصالح المشتركة

وحول الموقف المصري وتأثيراته على العلاقات التركية المصرية، قال المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، السفير رخا أحمد حسن، إن "الموقف المصري ثابت على احترام قرارات الأمم المتحدة ومبادئها في حل الأزمة القبرصية، والتي تقوم على إجراء استفتاء للشعب القبرصي لتحديد مصيره، فإما الاتجاه للحكم التركي أو تعود قبرص دولة موحدة كما كانت قبل عام 1974".

وقال إن "الموقف المصري أصيل ومبدئي ويحترم إرادات الشعوب في تقرير مصيرها". بحسب العربي الجديد.

وأضاف حسن أن "العلاقات المصرية التركية، مبنية على المصالح المشتركة والعلاقات التاريخية بين الدولتين، إلا أنها لا تؤثر ولا تتأثر بقضيتَين رئيستَين هما القضية القبرصية، وتطالب فيها مصر بالعودة إلى قرارات الأمم المتحدة، وغاز شرق المتوسط وتطالب فيه مصر الجميع بالالتزام بالاتفاقية الدولية أعالي البحار".

من جهته قال أستاذ القانون الدولي العام، أيمن سلامة، إن "المادة الثامنة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (نظام روما الأساسي 2002) تجرّم الهجمات ضد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، باعتبارها جريمة حرب".

وأضاف سلامة أن "المخاطر والتحديات والتهديدات التي تطاول قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام الدولية، تستدعي المعالجة، وتحسين سرعة الأمم المتحدة وتوقعها واستجابتها للنزاعات، وما تكتنفه من تهديدات وتحديات". واعتبر أن على المنظمة إجراء التغيير الشامل سواء في الثقافة أو في المناهج المختلفة المتعلقة بهذه القوات على مختلف الأصعدة، بحسب قوله.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!